ومن يريد دراسة الفقه وتعلمه ، سيجد نفسه واقعاً في حيرة شديدة ، فهناك من ينصحه بدراسة الفقه على مذهب من المذاهب الفقهية ، وهناك من يقنعه بضرورة التعلم مباشرة من الكتاب والسنة عن طريق الفقه المقارن ودراسة أقوال العلماء والترجيح بينها ، وكلاهما له وجاهته التي اقنعته بذلك ، ولكني بذلك أراك قد كتبت نهايتك العلمية بيديك لأن الأول قد دفنك في قبر المذهبية والتعصب ، والثاني قد أضاع طريقك ودخلت بسببه في دوامة روايات الأئمة وأوجه الأصحاب.
**************
لكن تعالى معي يا صاحبي نمشي سوياً في هذا الطريق ونعين بعضنا على مشقته ووعرته ، وأجد أن أول شيء علينا فعله هو أن نحدد الهدف العلمي الذي نطمع في الوصول إليه ، ألا وهو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعني أنه علينا دراسة الفقة على طريقة أهل الحديث ، الذين يستنبطون الأحكام الشرعية من الأحاديث النبوية ، ويفهمونها بفهم علماؤنا الأكابر بغض النظر عن مذهب كل واحد ، فلا شك أنهم مجتهدون في أقوالهم ، ولكن ينبغي أن نتبع منهم من صح اجتهاده دون إلقاء اللائمة على غيره.
ولن نتمكن من تطبيق هذا المنهج العلمي إلا على ثلاث مراحل :-
المرحلة الأولى : دراسة علم مصطلح الحديث ، حتى نفهم لغة المحدثين وحكمهم على الأحاديث والأسانيد ويتميز لدينا الصحيح فنعمل به ، والضعيف فنتركه.
المرحلة الثانية : دراسة علم أصول الفقه ، وذلك حتى نفهم الأحكام الشرعية وأدلتها التفصيلية ، وكذلك أصول الترجيح بين الأدلة .
المرحلة الثالثة : دراسة كتاب فقهي يستمد أدلته من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وقراءة شروح العلماء على أحاديثه.
والله يوفق الجميع لما يحب ويرضى