لا تزال قناة الجزيرة هي الشيطان الإعلامي لدى كثير من المصريين ، الذي ينتهز بعضهم الفرصة تلو الأخرى لكي يرجموها أو يستعيذون منها وبعضهم يبحث عن وسائل قوية لكي يتحصن منها ، والعجيب والغريب أنهم يفعلون هذا مع القناة الإخبارية التي لا تملك غير أن تنقل فقط الصورة التي يعجز عنها الكثيرون وتقرأ الخبر الذي يخشى منه الكثيرون ، وحين يأتي برنامجاً حوارياً يكون طرفي اللقاء من وجهات النظر المؤيدة والمعارضة وهي خدمة إعلامية جعلتها الجزيرة شعارها “الرأي والرأي الآخر” ومنبراً تعددياً ينشد الحقيقة ويلتزم بالمبادئ المهنية .
غير أن هذه المهنية والإحترافية لم تفت عضد المهاجمين لها على طول الخط في دعواهم بعدم اتباع خطوات هذا الشيطان الإعلامي إذ لم تقتصر فقط على اعتقال مراسليه وتحطيم أجهزته وغلق مكاتبه ، بل وصل الأمر ذروته بمنع الوصول إلى الجزيرة بأي طريقة حتى لو كان عن طريق التشويش المتعمد على تردداتها ، وقاموا أيضاً برفع دعوى قضائية بوقف بثها ، وكأن هذا سيثني الجزيرة عن المضي في عالمها التي اختارته رغم الصعاب والأهوال التي تلاقيها ، وأرواح مراسليها التي تفقدهم فداء لثمن الحقيقة
وهي ضريبة تدفعها شبكة الجزيرة الفضائية ثمناً للدور الريادي التي تلعبه في تطوير الرسالة الإعلامية العربية المرئية والمقروءة على مدى أكثر من عقد من الزمان،والمهمة الصعبة التي تقوم بها لنشر الوعي السياسي والتعددية الفكرية بالقضايا التي تهم الجمهور العربي.
ولا يخف على الكثيرين أن الجزيرة أصبحت - بفضل الله تعالى - قبلة الإعلام الثوري والحر يتابعها بشغف الجمهور العربي على مختلف انتماءاته ، بل ويبحث دوماً عن تردداتها في مختلف الأقمار الإصطناعية بشكل يمكنه من المتابعة التفاعلية المتواصلة للأخبار والبرامج والتحليلات التي تعرضها.
لقد عشق الجزيرة عشاق الحق والحرية ، لكن خفافيش الظلام التي عششت في الإعلام الحكومي لكل الدول العربية تحاربها وتشوهها من أجل ألا يصل هذا الصوت إلى أذان شعوبها ، وهذه الصورة إلى عيون مواطنيها ، حتى الإعلام الخاص لا يكتفي بالغيرة المهنية ولا يقدر على المواجهة والمنافسة ، فيلجأ هو الآخر إلى نفس الطريق الذي يسير فيه الإعلام الحكومي وصار تابعاً ذليلاً له ، والكل يسبح بحمد النظام ويركعون لطواغيته .
فلهذا ينقمون من الجزيرة ، التي أصبحت الاتهامات التي تكيل لها معولبة وصالحة لكل بلد ، فالجزيرة لسان حال المستضعفين في فلسطين تنقل ما يفعله بهم الإسرائيليون وتفضح ممارساتهم عالمياً ، ورغم ذلك يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة التي كانت الخنجر الذي يطعن الغطرسة الأمريكية ويذلها في افغانستان ، والتي جعلت أمريكا تقصف مكتبها في كابل .. يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة التي تجعل العالم الإنساني يرى مجازر بشار في سوريا ، يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة التي كشفت عورة النظام الليبي ونقلت ثورة شعبه حتى تحقق نصره .. يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة التي عاشت الآم الشعب التونسي وتحرره من طواغيته .. يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة التي كانت للثورة المصرية عينها في الخارج تنقل للعالم ما يدور في مصر ، وقلبها النابض والمؤمن بثورتها . وهي الآن تدفع ثمن وقوفها إلى جانب الشعب المصري في ثورة يناير .. ورغم ذلك يتهمونها بالعمالة !
الجزيرة الآن تحارب لأنها لم تخن الشعب العربي في كل مكان .. ولم تخن الشعب المصري في نقل الحقيقة التي تدور في الشوارع والميادين والقرى والمدن .. ولا تفعله هذه القنوات الخاصة التي فقدت شرفها الإعلامي إرضاء للعسكر !
الجزيرة تفعل ما لا يفعله الآخرون .. كانت صادقة مع الشعب المصري في محنته ، ونقلت المجازر التي يتعرض لها والمشانق التي علقت له ، فأحبها الشعب المصري الحر وجعلها قناته المفضلة !
الجزيرة لا تستطيع قنوات أخرى منافستها إقليمياً فالكل لا يملك هذه الإرادة التي تتمتع بها الجزيرة مثل قناة العربية التي تبث الكذب وتنشر الأكاذيب .
ورغم ذلك فإن شياطين الإعلام المصري لا يخجلون وهم يعظون الجزيرة ! وهناك من يطالبها بعدم بث المظاهرات مراعاة لمقتل الجنود في رفح ويكأنه لا يعلم أن هناك مئات الجثث والآف الجرحى كان الاعلام الخاص به يتاجر بدمهم ولحمهم ويرقصون على جثثهم ، ولم يراعوا مشاعر الثكالى واليتامى وأهالي الضحايا .
وهناك من يسأل لماذا لم تنقل الجزيرة انقلاب الابن على الأب ، ولا يعلم المسكين أن الجزيرة لم تكن وقتها موجودة على ظهر الدنيا أو في سماء الإعلام .
وبعضهم يقول لماذا لا تغطي الجزيرة أحداث قطر ، وهل حدث هناك شيئاً ولم تنقله ، فالجزيرة تبحث عن فقط الخبر ، وهي دولة مستقرة ليس هناك فيها أحداث ساخنة أو ملتهبة .
وهناك دولا لم تنقل منها شيئاً مثل دول الخليج ، وإذا حدثت قامت بواجبها المهني مثل أحداث البحرين !
إلا أن الجزيرة تمشي واثقة الخطا كالملوك المتوجة على عرش الإعلام ، وها هي تحتفل هذه الأيام بتدشين قناتها الجديدة الجزيرة " أمريكا " لكي تخاطب ٥٠ مليون أمريكي ، بعد أن أطلقت عام ٢٠١١ قناة الجزيرة "بلقان" يصل بث هذه القناة إلى نحو ٣٥ مليون منزل في هذه المنطقة عبر البث المجاني وقنوات الكيبل ، وتهدف لتغطية الأحداث بلغات منطقة البلقان المحلية لتشكل جسرا معرفيا بين العالم وسكان منطقة البلقان. وقبلها في عام ٢٠٠٦ أطلقت الجزيرة أول قناة دولية إخبارية ناطقة بالإنجليزية مركزها الرئيسي في الشرق الأوسط وتنقل للعالم الذي لا يتحدث العربية أخبار المنطقة باللغة الإنجليزية ، غير قنواتها الوثائقية والرياضية والمباشرة !
أما الدجالون ومرتزقة الإعلام فليس لديهم وقت إلا بث حقدهم على الآخرين ، أفلا ينشغلون بنقل الحقيقة وقول الحق والصدع به.