الاسلام سؤال وجواب

السبت، 14 مايو 2011

مهمة إنقاذ مصر .. تبدأ من الأسرة

لن تجد عند السلفيين تنظيرات سياسية أو تحليلات عسكرية لما يحدث الآن في مصر من فوضى وصفها المتابعون أنها (فلول النظام) وبعضهم قال (الثورة المضادة) ، بل لقد قرأت - وما أسخف ما قرأت - أن السلفيين ينفذون مخططاً سعودياً لبث الفتنة بعد رفض طلب عدم محاكمة مبارك؟

والسؤال الآن ، هل يجب على السلفيين أن يقوموا بالرد على كل إشاعة ؟ أو مع أي إفتراء ؟ ، هل ينبغي عليهم تصحيح الأفكار المغلوطة ؟

لقد رأيت أن يتوقف السلفيون عن الذهاب إجبارياً إلى مربع الدفاع عن النفس ؟ ويبدأوا في مهمة إنقاذ مصر ، من أجل إصلاح سفينة البلاد قبل غرقها.

وإنقاذ البلد الآن ، هي واجب ديني بالدرجة الأولى قبل أن تكون مهمة وطنية ، لأن الرابح الوحيد في هذه الفوضى هو الكيان الصهيوني الذي استطاع عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية ترويض الحكام العرب فقلموا أظافرهم ولم يتجهوا نحوها بل اندفعوا إلى شعوبهم يسمونهم سوء العذاب .

وإنقاذ مصر يبدأ من إنقاذ الأسرة ، وهذا يعني أن يكون الهدف الرئيسي هو لم شمل الأسرة المصرية داخل كل بيت وكل عائلة ، من خلال استغلال المنظمات المدنية أو المؤسسات الخيرية التي تشرف عليها الوزرات الإجتماعية ، فالعائلة تتكون من مجموعة من الأسر التي لها مصاهرات ونسب وأطفال وشباب ، فما الذي يضير لو أن عميد أو كبير كل عائلة قد أنشئ جمعية بإسم عائلته ، ومن خلال شباب الأسر ، يستطيع أن يقوم بأمور عظيمة منها :

1. تجميع الصدقات والزكوات والأضاحي والملابس وغيرها ممن يفيض عن الحاجة من كل الأسر ، وإعاده توزيعها على فقراء العائلة أو الغارمين والمحتاجين منها.

2. إقامة لقاءات شهرية يتجمع فيها كل العائلة تهدف إلى التواصل الإجتماعي وصلة الأرحام والتعارف بين جميع الأجيال.

3. التعرف على مشاكل الأسرة وطرحها على كبار العائلة وإذابة الجليد بين الأزواج وحل المشكلة .

4. جمع تلاميذ الصفوف المشتركة وتقويتهم دراسياً بما يساعدهم على التفوق في مدارسهم.

وأظن أن الطريقة المذكورة آنفاً ، تؤسس بطريقة عملية صورة مدنية الدولة من خلال إنشاء منظمة عائلية تعد كوادر وقادة ومسئولين ومشرفين ومنفذين ، وتعودهم على تحمل المسئولية ، فهناك اشتركات رمزية سوف تقوم كل أسرة بدفعها شهرياً ، ومن يتولى مسئولية جمعها وصرفها لا شك أن ستزداد خبرته في الإدارة المالية ، كما أن توجيه الدعوات وتوزيعها على الأسر والحديث مع أهالينا بضرورة الحضور والمشاركة في يوم العائلة سيكسب المسئول عن هذا الملف خبرات التواصل مع الناس ، وترتيب مكان الإنعقاد والإشراف عليه سيكسب فاعله مهارة التنظيم والإعداد .

وهي في الوقت نفسه توضح أهمية المرجعية الدينية التي نحتاجها لكي تضبط تصرفاتنا وبما لا يخالف شرع الله عز وجل ، لأنها في نفس الوقت تكون قد عالجت مشكلة قطيعة الأرحام التي ألفها كثير منّا بحجة إنشغاله بالعمل أو أسرته أو أصدقائه ، وقد أمرنا الله سبحانه بالإحسان إلى ذوي القربى، ، فقال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْـمَسَاكِينِ وَالْـجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْـجَارِ الْـجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْـجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا )} النساء: 36{ ،

وجعل الله عز وجل صِلَةَ الرحم سبباً لصِلَتَه بالواصل، كما جاء في الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام أبو داود في سننه وصححه الألباني من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله عليه الصلاة والسلام : قال الله: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِيَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، مَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ" ، وليست فقط صلة للأرحام ، بل هي أيضاً سبباً في زيادة الرزق كما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث المتفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره ؛ فليصل رحمه ].

ومن سيدفع ماله من أجل فقراء عائلته يدفعها وهو يعلم أنه يتصدق ويصل رحمه كما في حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذوي الرحم ثنتان صدقة وصلة ) رواه النسائي والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

ولا يخفى عليكم بالطبع أن قطيعة الأرحام ذنباً عظيما لا يدخل صاحبه الجنة ، فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لاَ يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ"

فقطيعة الأرحام تعني إشاعة العداوة والبغضاء بين العائلات ، وتعمل على تَفَكُّكِ التماسُكِ الأُسَرِيِّ بين الأقارب؛ ولذلك قال الله تعالى محذرًا مِنْ حلول اللعنة، وعمَى البصرِ والبصيرة: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) [محمد: 22، 23]

هكذا أفهم مدنية الدولة بمرجعية دينية ، أما الدولة التي تتبرأ من دينها وتخشى من تطبيق شرع ربها ، فالمؤكد أنها دولة خارجة عن القانون الإلهي ، وسيصيبها ما أصاب غيرها ممن سبقوها في التمرد.

الجمعة، 13 مايو 2011

السلفية بإختصار

أصبحت السلفية بين عشية وضحاها حديث الساعة في كل مكان ، ولا تكاد وسيلة إعلامية تخلو من استخدام هذا المصطلح ومشتقاته ( السلف ، السلفيون ) ، إذ تنوعت مظاهر الاهتمام الإعلامي بالسلفية بعد أن دأب البعض عند كتابة مقالاته أو اعداد حلقاته المتلفزة أن يتناولهم بالذكر فتارة يحتفى بهم ، وتارة تشوه صورتهم بإستضافة بعض الشخصيات المثيرة للجدل في الأوساط السلفية لكي يتورطوا في أحاديثهم وتُستغل من قبل صائدي الأخطاء الذين لا يهاجمون الشخص فحسب بل وأيضاً المنهج.

ولست هنا أتحدث باسم السلفية ، ويا له من شرف ، لكني أحببت أن أشارككم في الإجابة عن تساؤلاتكم المشروعة عن السلفية ، وهل هي ( دين جديد ) والسلفيون هم ( المسلمون الجدد) كما يزعم البعض ، لا سيما وقد لاحظت أن الصوت العالي الذي تسمعونه دائماً هي الانتقادات الموجهة للسلفية ، والتي قد يكون صاحبها محقاً في توجيه نقده للسلفي إذا أخطأ ومتجنياً لو قصد المنهج برمته.

لكن أغلب النقد دائماً ما يأتي من أشخاص لا يبغضون السلفية فحسب بل وأي تيار ديني أيضاً مثل أصحاب الأفكار العلمانية وهو اتجاه إيدولوجي غالبا ما يستخدم لوصف فصل الدين عن الدولة ، وكذلك أصحاب التيارات الليبرالية التي تهدف في مبادئها لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة تحرراً مطلقاً من كل القيود السلطوية ، ولا تهتم بصدامها مع الدين والملتزمين بأوامر ونواهيه ، لأن الليبراليين لا يريدون من يقيد حريتهم حتى لو كان سلطان الشريعة .

وربما جاء النقد أيضاً من اليساريين الاشتراكيين والشيوعيين والناصريين والقوميين ، والتي نشأت حركتهم اليسارية الأم كرد فعل على هيمنة الكنيسة على صنع القرار السياسي في القرون الوسطى في أوروبا وكان اليسار منذ بداياته معارضاً لتدخل الدين في الشؤون السياسية ، وكل هؤلاء الذين ذكرتهم أخذوا من هذه الأفكار العفنة ما أفسد عقولهم وعفن صدورهم ، وجرأهم على التطاول على الدين وأهله.

وبالطبع لا أنسى بعضاً من "الإخوان المسلمين" الذين استغلوا ظاهرة الهجوم على السلفية والأخبار الكاذبة التي تشوههم وأخذوا ينصحون السلفيين بالبعد عن فتاوى الفتنة ومراجعة فتاوى القبور والأضرحة وغير ذلك مما قرأتموه على صفحات الجرائد .

وهناك أيضاً من السلفيين أنفسهم من يسيئ للمنهج الرباني بسوء اختيار كلماته أو حين يخطئ في أفعاله ، فتهاجم السلفية من قبلهم ، لا سيما هؤلاء المعرفون في الأوساط السلفية بأنهم أصحاب توجهات وأفكار شاذة ودخيلة على أدبيات الفكر السلفي .

فما هي السلفية ؟ سؤال كان لابد أن يطرحه على نفسه من يريد أن يتعرف على هذا المنهج ، لا أن يتسرع في النقد والتوبيخه وهو يغرف بما لا يعرف .

فالسلفية كلمة مشتقة من " السلف " وتعرفون بالطبع أن السلف مقصود بهم السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والتابعين الذين جاءوا من بعدهم ، ثم بعد ذلك الأئمة والعلماء والصالحين والعبّاد والزّهاد الذين اقتفوا أثرهم واتبعوا خطاهم وهو يعبدون الله عز وجل ، وقد مدحهم الله عز وجل فقال : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) { التوبة :100} .

وقال تعالى : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) {النساء 115} .

وإذا كان المسلم مأمور بإتباع الكتاب والسنة ، فلا شك أنه مطالب بتدبرها وفهم معانيها ، وهذا لن يأت إلا بفهم الصحابة الذين نزل عليهم القرآن وكان يتحدث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين الذين تعلموا في مدرسة الصحابة ، ومن بعدهم العلماء والأئمة الذين يستنبطون الأحكام ويقعدون القواعد ويؤصلون الأصول ، هذه هي السلفية بإختصار شديد .

والمنهج السلفي قائم على قواعد كلية ، يبني بها أسس المسلم ، وهي :

1. التوحيد الخالص : لقوله تعالى : (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) {البينة : 5} ، ومن هنا جاءت المشاكل مع عشاق الأضرحة ومتوسلي القبور .

2. اتباع السنة : ومن هنا جاءت المشاكل مع المبتدعة الذين يخترعون العبادات ويتقربون بها وهم يعلمون مسبقاً أنها غير مقبوله لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، وفي رواية لمسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد‏).

3. الأخلاق : وهي ترجمة ما سبق بصورة عملية تظهر حُسن الخلق والأدب والرفق وغيرها من الآداب التي حثنا عليها الإسلام.

فمن يأتي بعد ذلك ويحاول أن ينال من نزاهة هذا المنهج الرباني فهو ببساطة يقدح في الدين ، ولكن من ينتقد أحداً من اتباعه فلا ضير طالما يملك العلم الذي يدحض به الشبهة ، والأدب الذي يجبر الطرف الآخر لقبول الحق واتباعه لحُسن أخلاقه.

ومن يحاول أن يفرغ سمومه وأحقاده على أئمة المنهج السلفي ، فلا شك أنه يعبر بكل وضوح عن حقيقته التي يخفيها خلف قلمه.

ومن يحاول أن يصور السلفيين أنهم مصدر التخلف وأساس الجهل ، فهو لا يحتاج إلى جريدة يكتب فيها بقدر إحتياجه الشديد لمصحة نفسية تعالجه من أمراضه الفكرية .

--------------------------------------------

مقال نشر في موقع الإسماعيلية دوت كوم ( الرابط )

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة