
يدهشني أن أجد بعض المسلمين وغيرهم يرفضون الكلام عن تطبيق شرع الله عز وجل ، ويثير إشمئزازهم أن يصل الإسلاميون إلى سدة الحكم المصري أو يستحوذوا على مقاعد الأغلبية في البرلمان ، وكأن من اختارهم ليس هو الشعب المصري ، وكأن الديمقراطية التي يتشدقون بها هي حكمهم هم فقط ولو لم تكن أصوات الناخبين معهم ، فهل كفروا الآن بهذه الديمقراطية التي طالما صدعوا رؤوسنا بها أيام استبداد مبارك ؟ هل آمنوا الآن أن الرأي الأوحد الذي يمثلهم هو الحكم المثالي من وجهة نظرهم ؟
هذه الدهشة التي تعتريني ربما أجد لها مبرراً إذا كان غير المسلم هو الخائف من الإسلام الرافض لتطبيق أحكامه لأنها ببساطة تختلف مع دينه ، ولأنه تأثر بالإعلام الموجه مدوفوع الأجر لكي يشوه الإسلام في حملته الممنهجة والمنظمة ضده والتي يشارك فيها بوقاحة منقطعة النظير بعض المسلمين الذين يخوضوا مع الخائضين دون أن تكون لهم هوية واضحة المعالم ، وهذا النوع من الذين لا يعرفون عن الإسلام شيئاً غير أكاذيب الإعلام الغربي والأمريكي والإعلام الساويرسي ، ولم يقرأوا ولم يسمعوا شيئاً عن سماحته وعدله ، هم أول من سيطالبون به بعد أن يعيشوا في كنفه ويتمتعوا بآدميتهم ويأمنوا على أنفسهم وأهلهم وعرضهم ومالهم من غدر أي مجرم تسول له نفسه أن يعتدي عليهم من خلال القوانين الإلهية الصارمة التي ما جاء بها الشرع إلا حماية للمجتمع من مجرميه.
لكن الذي لم أصدقه أن أجد من بني جلدتنا ويتكلمون بألستنا ويدينون بديننا من يبث سمومه على الإسلام ، هؤلاء الرافضون لتطبيق الشرع لمجرد خوفهم على أعمالهم المحرمة ونذواتهم المنكرة وشهواتهم القذرة ، ألا يستحون من أنفسهم وهم يقودون حملاتهم الشعواء على الإسلاميين لمجرد أنهم يقولون لا لبيع الخمور ولا للزنا ولا للتبرج ولا للربا ، هل يعترضون عليهم أم يعترضون على الخالق الذي أمر بهذه الأوامر ؟
ولعل من الحكمة أن اسألهم ، لو أن الله عز وجل جاء بهم في زمن النبوة ، وخرج فيهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال لهم أنا النبي المنتظر أرسلني ربي لهدايتكم ، هل كانوا وقتها سيقبلون دعوته أم سيشاركون القوم في عنادهم وكفرهم وهل سيكتفون بالرفض الشفهي أم سيمارسون معه شتى أنواع المقاومة لهذا الدين الجديد الذي حرم عليهم الزنا وحجاب النساء وأكل الربا والسرقة وغيرها ، إذا اختاروا أن يكونوا مع ثلة المؤمنين الذين صدقوا بنبوته ورسالته واستحملوا الأذى والعذاب من أجل الإيمان بالإسلام ، فلماذا بعد أكثر من أربعة عشر قرن من هجرة النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام نجدهم يرفضون شرع الله تعالى ، هل هؤلاء الإسلاميون جاءوا بدين جديد ولهم نبي جديد ووحي جديد وقرآن جديد ، أم أن هذه الأحكام موجودة في ديينا لكن أكثر الناس لا يعلمون، ألم يقل ربي وربك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الأنفال
أليس ما يهم الإسلاميون هو نفس ما أهم شعيب عليه السلام من قومه لما قال لهم (لا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ) ، فلا تكونوا إذن كقوم شعيب لما رفضوا منهج نبيهم واستهزأوا به (أصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) هود
واسأل نفسك ما الذي يضيرك لو أن حياتك الإقتصادية انضبطت بضوابط شرعية تمنع الحرام أن يختلط بمالك ، أليس هذا الحرام هو الذي يمنع قبول صدقاتك وزكواتك وأن يستجاب لدعاءك لو رفعت يديك لله – إن كنت ترفعها أصلاً ، وحقاً ما أجرأك على الله تستحي من تطبيق شرعه ولا تستحي من طلبك – وما الذي يضيرك لو أن حياتك الإجتماعية أيضا تنضبط بالحلال والحرام ، أليس الخوف على شرفك وعرضك هو الدافع لذلك ، ألا تخشى نظرة الفساق والفجار لبنتك وزوجتك ، أيرضيك أن تجد امرأتك في أحضان صديق وابنتك في بيت زميل بحجة التقدم والتحضر ، هذا في ديننا يا هذا محرم لأنه إن لم يكن زنا فهو بابه فخف على عرضك وصن شرفك.
وأخيراً اللهم إن بشائر النصر تلوح في الأفق ورايات الحق تعلو في كل مكان ، فافتح قلوب المسلمين لها ولا تبعدهم عنها وارحمنا وارحمهم واقبلنا واقبلهم ولا تواخذا بما فعل السفهاء منا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق