الاسلام سؤال وجواب

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

الخروج من أزمة الدستور


الطعون المقدمة ضد اللجان التأسيسية لعمل الدستور ، وترقب السياسيون لحكم المحكمة بعد أن نجحت المساعي في إنهاء عمل اللجنة الأولى ، ينذر بشؤم المرحلة الضبابية التي تعيش مصر الآن ، فالقوى السياسية وإن ادعت ثوريتها هي التي تؤرق مضاجع المصريين بأنانيتها وتغليب مصلحتها الشخصية على المصلحة العامة .

نحن بلاشك نكفر بالديمقراطية لو أنها مست جناب الشريعة وخالفت أحكامه التي استقر عليها العمل منذ صدر الإسلام الأول ، لكن المتشدقين بالديمقراطية يكفرون بها لو أن الشعب تجاهلهم ، أو وجدوا أنفسهم فرادى لا يعبأ بهم أحد ولا يعرهم أحد ، أو خرجوا من أي انتخابات خالي الوفاض ؛ فتراهم يملؤون الدنيا صراخاً وعويلاً ، أنهم ضد الإقصاء واستحواذ فصيل على السلطة ، رغم أنهم لن يفرطون في الفرصة وسيتعللون برغبة الشعب لو أن صناديق الانتخابات ابتسمت لهم ولو مرة واحدة.

هذا يعني أن أي احتكام للصندوق يعني مزيداً من الضبابية في المشهد السياسي لأن القوى السياسية التي رفعت رايات الليبرالية والعلمانية والاشتراكية لا يصدقون وهم خارج نطاق الخدمة السياسية ، وبينما الإسلاميون يعملون في الشارع والواقع ، تجد أفضل ما لدى الآخرون العمل على صفحات التواصل الاجتماعي وكتابة التغريدات ، أما الشارع فلا يعرفون عنه شيئاً ثم يتباكون لماذا يستحوذ فصيل غيرهم على السلطة.

ولجنة عمل الدستور مثال حي على أزمة القوى السياسية ، فهم بكوا أمام المحكمة أن الإسلاميين يستحوذون عليها ، وأن الدستور سيفصل على مقاساتهم ، رغم أن اللجنة نسبة التيار المخيف فيها يتساوى وربما يقل معهم ، لكنهم يجيدون افتعال الأزمات ، يجيدون خلق المشكلات ، ولا يريدون أبداً أن يكونوا جزء من الحل .

لذا أتوقع مهازل بعد طرح الدستور للإستفتاء ، بما يعني أن مصر في دوامة لن تخرج منها إلا إذا رضيت جميع الفصائل والقوى السياسية بفكرة التجرد والهدنة حتى تمر سنتان على الأقل ومصر في حالة ثبات واستقرار سياسي .

ومن هذا المنطلق فإنني أتوجه للجنة الدستور بإقتراح عند طرح الدستور للإستفتاء ، وهو أن لا تجعلني أختار بين خيارين لا ثالث لهما إما نعم و إما لا ، بل اجعل هناك اختيارين أو أكثر لكل مادة ، وأن تكون هذه الاختيارات معبرة عن حالة التباين السياسي والفكري داخل اللجنة بحيث يختار الشعب حسب قناعته الاختيار الذي يريده ، فتجد في نهاية المطاف أن الشعب شكل دستوره ، ولم يوافق عليه فحسب.

تبقى العقبة الوحيدة أن نسبة الأمية والجهل مرتفعة فكيف يختار الجاهل والأمي دستوراً ، وهل سيكون الدستور بمنأى عن الاتهامات بأنه كان ضحية شراء الأصوات بأكياس السكر والزيت والدعاية في المساجد ، وقد لاقت هذه الفكرة حزب الدستور فأصبح يفعل ما كان يعيبه على الإخوان.

فهل يعمل بإعلان دستوري مؤقت لملأ الفراغ الدستوري في مصر ، من أجل عودة الروح في القانونية والنيابية ، وأن يظل لجنة الدستور منعقدة لحين الإنتهاء من إعداده بمزيد من التنقيح والتدقيق ، كما قال الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أمس مع وائل الإبراشي ، بيد أني أضيف إلى ما قاله ، أن يكون مهمة مجلس الشيوخ الجديد الوارد ذكره في مسودة الدستور الحالي ، سلطة الموافقة على مواد الدستور ، فقد علمنا أن اختيار هذ المجلس يضم في جنباته العلماء والساسة ومن يوثق في حنكتهم ووعيهم وإدراكهم السياسي ، فقط ما نريده هو مراجعة نسبة تعيين رئيس الدولة لربع هذا المجلس فهو مبالغ فيه ، بل تقدم أوراق المرشحين لمجلس الشيوخ إلى مجلس الشعب لكي يوافق على كل واحد دون إطلاق سلطة التعيين في يد رئيس الدولة.

ليست هناك تعليقات:

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة