لا يستطيع أحد اخفاء حقيقة ارتباك المشهد السياسي المصري الآن ، والذي يزيده ارتباكاً هو البيانات المتجاوزة لحدود الهياكل التنظيمية للوزارات والمؤسسات الحكومية ، فلم يكد المصريون قد انتهوا بعد من تحليل بيان الجيش وما تحمله مضامينه المجهولة ، حتى خرجت علينا الشرطة ببيان هي الأخرى ، وكأن المفروض على المصريين أن يعوا درساً مهماً ألا وهو أن السياسة بقوة السلاح هي كلمة السر في حل الأزمة السياسية الحالية.
نسي المصريون هتافهم " يسقط يسقط حكم العسكر " فطالبوا بشيزوفرنيا عودتهم مرة أخرى ، نسي المصريون ما فعله العسكر في أحداث محمد محمود والعباسية ، نسي المطالبون بعودتهم بنات مصر الذين تعروا أمام العسكر والجند وكشفوا عن عذريتهن ، نسي هؤلاء سحل البنت وتعرية جسدها هناك ، هؤلاء الذين يطالبون بعسكرة الدولة هم فاقدو للكرامة والإنسانية ولا يرتجى منهم خير لبلدهم.
نسي المصريون ثورة 25 يناير التي خرجت في يوم عيد الشرطة كشعار رمزي على إهانات الداخلية وجبروتها واستعراض قوتها على النشطاء السياسيين والإسلاميين في السجون والمعتقلات .
نسي المصريون أنهم أسقطوا نظاماً فاسداً ظالماً ، كانت الشرطة هي أداة قمعه وتعذيبه لمنافسيهم من أجل إخلاء الساحة السياسية لمبارك وزبانيته.
نسي المصريون كل هذا ويرددون الآن " الشعب والجيش والشرطة .. إيد واحدة " .
نسي المصريون ما فعلته المعارضة المصرية طوال عام من حكم مرسي ، من رفض للحوار الوطني ورفض لتولي الحقائب الوزارية ورفض لكرسي المحافظين هنا وهناك ، ثم يطالبون مرسي بعدم أخونة الدولة.
نسي المصريون أن سبب الأزمات الحالية هي شهوة الحكم وكوابيس السلطة عند الفاشلين في انتخابات الرئاسة الماضية ، فتجمعوا على قلب رجل واحد يريدون إسقاط الرئيس المنتخب استخفافاً منهم بالملايين التي انتخبته وبآليات السياسة التي اختروها لتكون حكماً عند اختلاف الرؤى.
نسي المصريون أن المعارضة هي التي أفشلت مرسي وحكومته ليس برفضها التواجد بداخلها والحوار معها فحسب بل وأيضاً من خلال تنفيذ المظاهرات والاعتصامات والفئوية وغيرها على مدار الشهور الماضية ومنذ أن تولى الحكم.
نسي المصريون أن المعارضة هي التي استأجرت البلطجية والمتشردين ودفعت لهم من أجل حرق مقرات الأحزاب ، وقتل وسحل المعارضين لمظاهراتهم.
نسي المصريون أن الذي يتزعم المعارضة الآن هاربين من العدالة ويتحالفون من أنظمة عربية للأسف شقيقة من أجل إشاعة الفوضى في مصر حتى يعود سيدهم مبارك.
ويؤسفني أن أجد حزب النور السلفي في طليعة الذين يرددون كالبغبغاوات ما تريده المعارضة من انتخابات رئاسية مبكرة وتعديل للدستور ، الدستور الذي كان يفخر به حزب النور وبرهامي ، فما رأيهم لو حذفوا تلك المواد التي تتناول الشريعة ، هل سيوافقون من أجل التوافق وعصمة الدماء أيضاً.
انتظر أن يخرج بيان من الأحزاب الإسلامية ، توضح خارطة الطريق في حالة إسقاط شرعية مرسي ، وانتظر أن تتوحد الفصائل الإسلامية ، في مواجهة هذا الإنحلال السياسي.
وأخرجوا حزب النور من حساباتكم ، واعتمدوا على شباب السلفيين فلديهم القدرة والجرأة على تدبير أمور أكثر صرامة من هذه المهادنة الحزبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق