الاسلام سؤال وجواب

السبت، 9 سبتمبر 2017

وقف وطني

حثنا ديننا الإسلامي على التقرب إلى الله سبحانه ببذل الصدقات ومساعدة الآخرين بغض النظر عن قربهم أو بعدهم من الهيكل التنظيمي للعائلة، قال الله تعالى ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ﴾ [البقرة: ١٧٧].

ولاشك أن اهتمام الشريعة بهذا النوع من الإنفاق له أثره العظيم في تقوية أواصر الأخوة وتعميق مفاهيم التعاون والتكافل في المجتمع وحمّلت المقتدرين منهم مسئولية الاهتمام بإخوانهم المحتاجين لمساعدتهم ورتب على ذلك الأجر العظيم، قال الله تعالى ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20].

ولقد قدر الله تعالى الرزق للعباد وجعل بعضهم فوق بعض في الرزق فهناك الأغنياء والفقراء، القادرين والمحتاجين، قال تعالى : ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ۚ ﴾ [النحل:71].

وكذلك فضّل بعض البلاد عن غيرها في الرزق، وجعلهم يتفاوتون فيما أعطاهم من مصادر وموارد للثروات.

ومن أجل هذا الرزق وفي رحلة البحث عنه سافروا من بلادهم إلى وجهاتهم الجديدة طمعاً في الفوز بحياة جديدة يستطيعون فيها الكسب والعيش قال تعالى : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥]

ودولة مثل قطر [على سبيل المثال] من الواجهات الاقتصادية المرموقة التي تجذب لها الأنظار وتهواها القلوب، وليس أدل على هذا من ارتفاع نسبة السكان حتى وصلت في آخر إحصائية سكانية في شهر أغسطس ٢٠١٧ إلى ٢،٥٠٠،٠٠٠ نسمة تقريبا بعد أن كانوا في عام ٢٠٠٠ مثلا تجاوزا الـ ٦٠٠،٠٠٠ بقليل.

هذه الزيادة الكبيرة في معدل نمو السكان يعكس حجم التقدم الاقتصادي والاستثماري في قطر، ومن هنا جاءت فكرة ” وقف وطني ” الذي له عظيم الأثر في ترسيخ مفهوم الوقف والوطن والصفات النبيلة.

فهي وإن كانت تساهم في تخفيف عبء أثار هذه الزيادة السكانية عن الدولة في المجالات الصحية والاجتماعية إلاّ أنه ومن خلال استثمار فكرة الوقف وترسيخه في أذهان السكان المقيمين من معظم جنسيات العالم.

ستبرز أهميته وتتجمع مصادر ضخمة من الأوقاف النقدية الموزعة على الجنسيات والتي يهدف أصحابها إلى رعاية أبناء دولهم في الغربة ومساعدتهم عند الحاجة مما يكون له عظيم الأثر في زيادة فرص العمل وخلق مجالات جديدة للاستثمار وتوفير الرعاية للمقيمين من خلال الوازع الديني والوطني لهم.

وتقوم فكرة ” وقف وطني ” لطرح صكوك وقفية (ورقية – إليكترونية ) مقدارها (٥٠ – ١٠٠ – ٥٠٠ – ١٠٠٠ ) ريال/دولار/جنيه/درهم، ويوضح فيها معلومات عن الجنسية (وطن الواقف) ونوع الاستثمار الذي يرغبه (عقارات – أسهم – ودائع – شركات ) والهدف من الوقف (شرط الواقف) مثل سداد الديون ومعالجة المرضى والمساعدة في تكاليف التعليم ونفقات المعيشة والقروض الحسنة، بحيث يتمكن القائمون علي العمل من خلال تقارير إحصائية معرفة إجمالي الأرصدة النقدية المحصلة من الصكوك الوقفية، على مستوى الجنسية، ومجالات الاستثمار، والمصارف التي ستنفق فيها على أبناء وطنهم.

ومع الإعلان المستمر عن نتائج هذه الأوقاف سيشعر المغترب بقيمة وقفه ورعايته لأبناء وطنه في غربتهم ومساعدتهم على تجاوز أزماتهم المالية والصحية والاجتماعية، وتساهم في سداد ديونهم ونفقات زواجهم وتكاليف الدراسة والتعليم وكذلك سداد تكاليف علاجهم الباهظة التي دفعتهم خطورة الحالات وعدم القدرة على الانتظار إلى الذهاب المستشفيات الخاصة. فالله عز وجل أثنى على هذا الترابط فقال تعالى : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾[ التوبة: 71] ، وعن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ﴿منِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) [ رواه مسلم- كتاب السلام ]

كما يعود بالنفع على قطر أو البلد التي سترعى الفكرة من خلال تجميع رؤوس الأموال واستثمارها وخلق فرص عمل وتخفيف العبء الاقتصادي من موازنات الحكومة وتقليل معدل الجرائم المتولدة من قلة الدخل أو زيادة الديون.


ليست هناك تعليقات:

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة