بالطبع لم يكن التيار الإسلامي بحاجة إلى مليونية حتى يستعرض قوته أمام منافسيه ، ولا يحتاج إلى مسيرات لكي يلقي نظرة على المواليين له ، ولا يطلق بالونات إختبار ليجس نبض الشارع ، فالتيارات الإسلامية ، تدرك تماماً حجمها الطبيعي وتعرف بلا شك أهمية تواجدها وسط المشهد السياسي.
ومن المزعج أن نسمع من آن لآخر صراخ البعض من التيارات الأخرى وهي تحاول بشتى الطرق أن تقصي التيار الإسلامي من الساحة ، وتلهث خلف دور البطولة وهي التي طالما أجادت دور الكومبارس ، بل كانوا يسخرون من أحزابهم كثيرة التعداد قليلة العدد بأنها أحزاب كارتونية ، لما كانوا يدركونه من هامشية تأثيرها في الشارع المصري ، حتى المقاعد البرلمانية التي كانوا يفوزون بها كانت عبارة عن صفقات سياسية من أجل تحسين الصورة الإنتخابية.
ومن المؤسف أن نقرأ لبعض البرادعيين من مجاهدي الكي بورد ، وهم يشنون حملة إليكترونية من أجل تشويه صورة التيار الإسلامي بعد أن زلزلت المليونية الأخيرة الأرض من تحت أقدامهم ومادت بهم في الإتجاه الذي يحاولون جاهدين ألا يسيروا فيه وهو أن يكونوا خلف القيادة الشعبية الجديدة للمشهد السياسي ألا وهو التيار الإسلامي ، والعجيب أن الكل الان يتحدث والكلام هو نفس الكلام والفكرة هي نفس الفكرة ، أن الإسلاميين خرجوا الآن بعد السنوات الثلاثين وهم داخل المساجد فقط ، ولن أتحدث عن غياب الإسلاميين طوال الفترة الماضية فأسبابه معروفة لكل منصف ، فمعظمهم كان ولا يزال خلف القضبان ، ومنهم من كان يرى عدم الجدوى من وراء الدخول طالما أن النظام لا يزال باقياً ، ومنهم من كان يرى أن الأهم هو توعية الناس ودعوتهم إلى الطريق الصحيح ، وقد جنى أصاحب هذه الفكرة ثمار جهدهم حين كانوا يحشدون الملايين بكل بسهولة ، ولعلي أنشط ذاكرة أعضاء هذه الفكرة أن البرادعي زعيمهم ، لم يظهر على المسرح السياسي إلا في نوفمبر 2009 أي أقل من ثلاث سنوات فقط وكان هذا الظهور خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة CNN الإخبارية الأمريكية فقال : "سأدرس إمكانية الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية قي مصر إذا وجدت ضمانات مكتوبة بأن العملية الانتخابية ستكون حرة ونزيهة". وكان ذلك في أعقاب الحديث عن العوائق الدستورية الموضوعة أمام المترشحين بموجب المادة 76 المعدّلة في 2007 وتكهنات حول تصعيد جمال ابن الرئيس السابق محمد حسني مبارك ، ثم اختفى بعدها مرة أخرى وعاد اسم البرادعي يتردد من جديد في وسائل الإعلام حين رجوعه في فبراير 2010 وكان في استقباله في مطار القاهرة العديد من النشطاء السياسيين المصريين وعدد غير قليل من الشباب من عدة مناطق ومحافظات مختلفة في مظاهرة ترحيب بعودته لوطنه قدرت وقتها بحوالى ألفي شخص من أعمار وفئات اجتماعية مختلفة رافعين أعلام مصر والعديد من اللافتات التي عبرت عن ترحيبهم به وتأييدهم للرجل في ما اعتزمه من إصلاحات سياسية وإعادة الديمقراطية التي افتقدها الشباب المصري في ظل النظام الحالي ، هكذا ظهر الزعيم المرتقب ، فأرجو أن يراعي مؤيدوه ما سبق ذكره آنفاً وهم يتهمون غيرهم بالسلبية وهو اتهام القاصي والداني يعلم تماماً أنه كاذب .
الأمر الثاني وهي فكرة أن التيار الإسلامي قفز على الثورة حين نجحت ، والمضحك هنا ليس الكلام الذي قيل ، بل أن هناك من يصدق هذا الهراء ، المظاهرات السابقة كانت تبدأ وتنتهي في خلال ساعة أو أكثر يضرب فيها الجميع ويسحلون ثم ينفض المولد ويعود الكل إلى مخبئه على الفيس بوك ، لكن 25 يناير كانت مختلفة لأنها بدأت بشرارة كانت ستنتهي مثل غيرها ، لولا أنها وجدت البيئة المناسبة لكي يشتعل النار في الهشيم وتنتشر كل هذا الإنتشار ، وفي موقعة الجمل ، الكل يعلم تماماً أنها كانت الضربة الموجعة التي كادت تقصم ظهر الثورة ، بعد أن فرّق خطاب مبارك العاطفي الجميع وجعلهم مؤيدين ومعارضيين ، فجاءت موقعة الجمل لكي يفقد الناس كل الناس كل الأمل في إصلاح هذا النظام البوليسي ، لكن السؤال كيف نجح الميدان في الصمود أمام هذه الهجمة البربرية التي كانت تستهدف الإستيلاء على الميدان ومن ثم فض المولد ، الذي تصدى لهؤلاء المجرمين هم شباب الإخوان المسلمين والبعض من التيار السلفي ، في الوقت الذي كان أصحاب الأحزاب الكرتونية يحتمون ويختبئون تحت سلالم العمارات وفوق سطوحها ، بينما يسقط القتلى من هنا وهناك من أجل عدم التفريط في أرض الميدان.
فلماذا لا يكونون منصفين ؟
لماذا يرددون كل ما يقال ولو كان كاذباً ؟
لماذا ارتضوا أن يكونوا بغبغاوات الفيس بوك ، يكتبون عبر القص واللصق افترائتهم وأكاذيبهم ثم بضغطة زر تنتشر بين الجميع؟
لماذا لا يستحون ويخجلون من أنفسهم ، وهم يريدون استبعاد التيار الإسلامي من الوفاق الوطني لأنهم قالوا إسلامية .. إسلامية ، أو الشعب يريد تحكيم شرع الله .
ثم يفاجأني السياسي الواعد عمرو حمزاوي قائلاً : لا تخشوا رافعى لافتات إسلامية فأنتم تمثلون الأغلبية ، وأنا استأذن القذافي أن أقتبس جملته الشهيرة : من أنتم ؟؟
من أنتم يا حمزاوي الذين يمثلون الأغلبية ، ألم يكفيك فشلكم الذريع في حشد مؤيدوكم في الجمعات التظاهرية السابقة ، وإنبهاركم بالتيار السلفي المنظم الذي بكل بساطة وتواضع حشد ملايين من أتباعه بينما فضل الآخرون مشاهدة الموقف فضائياً ، فماذا لو نزلوا هم أيضاً ؟
ألم يكفيك عاركم لما دخلتم الميدان وهم بالملايين وانسحبتم من الميدان وهم أيضاً بالملايين ، ولم ينقص من العدد شيء فيما أعلن المنظمون أن 33 حزب وإتلاف سياسي أعلنوا إنسحابهم لرفع البعض أعلام التوحيد والشعارات الإسلامية ؟
وبدلاً من تفرغهم لبناء هيكل تنظيمي لهم وسياسة واضحة يستظلون بمظلتها ، وتصحيح أخطائهم وتصويب أفعالهم ، نجدهم ينهالون على شركاء الوطن والسياسة بالطعن والغمز واللمز ، وهذا أكبر دليل على هشاشة إتلافاتهم
ثم بعد ذلك نجد من يقول : لا تخشوا رافعى لافتات إسلامية فأنتم تمثلون الأغلبية .
لا صحيح يا حمزاوي .. من أنتم !! من أنتم !!

هناك تعليق واحد:
أحسنت و أجدت , بارك الله قلمك
إرسال تعليق