المتابع لما يحدث في مصر الآن ، سيلاحظ أن
ثمة تغيرات محورية ونقلات نوعية عند المصريين أدى إلى تنوعهم في الأفكار الهجومية
والأساليب الدفاعية في نقد الشخصيات العامة أو الكيانات السياسية الجديدة ، هذا
التنوع يراه البعض تناقضاً ويراه الكثيرون مرونة تطلبها ظروف المستجدات الجديدة .
ولاشك أن هذه التغيرات أصابت الفقة السياسي
وجعلت الكثيرين ينزلون من عليائهم إلى أرض الشارع ليتلاقوا مع العامة والخاصة.
وأزهر اليوم ليس هو أزهر الأمس ، وسلفيو
اليوم ليسوا سلفيين الأمس ، وإخوان اليوم ليسوا أخوان اليوم ، وليبراليو اليوم
ليسوا ليبراليين الأمس.
فالأزهر الذي أصدر فتوى تمنع المتظاهرين يوم
25 يناير 2011 ويحرمها شرعاً على لسان شيخه الأكبر ، هو نفسه الأزهر ونفس الشيخ
الذي أصدر فتوى تجيز الخروج سلمياً على الحكام الظالمين.
وسلفيون اليوم تغير فقههم ونضج فكرهم السياسي
وقد تخلصوا من جلباب التقليد الذي يجيد أي طالب علم فضلاً عن عامي ارتداؤه ،
ونظروا إلى الواقع نظرة شرعية عالية الجودة تتميز بالقوة العلمية في التمسك
بالثوابت المجمع عليها والمرونة الفقهية في المتغيرات الحديثة.
وإخوان اليوم خرجوا من ظلمات العمل السري إلى
نور المقرات المعنونة بإسمهم ونوابهم ملأوا البرلمان ، وحركوا الحياة السياسية الراكدة ولله الحمد.
أما الليبراليون فقد فاجأنا استاذ العلوم
السياسية عمرو حمزاوي على الهواء مباشرة وهو يقول أنه لن يصوت لصالح أي قانون
يخالف الشريعة.
هذا الحراك المثمر في الشأن المصري الداخلي ،
يتطلب منّا كإسلاميين – المصطلح الذي يحب الإعلام أن يطلقه علينا - أن نتعامل مع
بعضنا البعض بأسلوب يفرضه علينا ديننا أولاً وثانياً ظروف المرحلة الراهنة ،
فينبغي علينا أن تتغير لغة الحوار بيننا ونحذف من قواميسنا كلمات التخوين والنفاق
والعمالة وغيرها من المصطلحات التي تفرق بين المصريين ولا تجمعهم.
ينبغي علينا أن نجيد الإستماع إلى الآخرين
ولا نمل من سماع أفكارهم ومقترحاتهم ونعمل على إقصاءهم من أجل الإستئثار بالقرار.
ينبغي علينا أن ننضم إلى كيانات تنظيمية أخرى
مثل النقابات العمالية والمهنية وإلى الحركات السياسية الأخرى ليس بغرض النقد
والتجريح بل بغرض الإستفادة من تجاربهم السياسية ونصحهم إذا اقتضى أمر ما أنه
يخالف الشريعة ، أو علم أن فيه مصلحة راجحة ستفوت لو تخلفنا عنها.
ينبغي أن يكون التركيز الآن في الحديث
والكلام والمداخلات التلفزيونية والحوارات الصحفية عن طرق عملية لتحسين أحوال
التعليم وإخراج طلبة علم قادرون على مواجهة سوق العمل المتغير كل لحظة ، وطرق
تحسين إنتاج العامل وكيفية رفع كفاءته ومهاراته من أجل زيادة الإنتاج وجودته.
ينبغي أن نفكر كيف يمكن لمجتمع ان يعيش
مواطنوه وهم فاقدو الأمن والأمان لغياب الشرطة أو إحتقار جهودها ، وهذا يتطلب
تغيير نوعي في رجال الشرطة وقيادتها ومجنديها ، وكسب ثقة المواطن واطمئنانه أنه
سيكون آمنا في بيته لو عادت المياه إلى مجاريها.
ينبغي أن نتحدث عن سياسات مصر الخارجية
وملفاتها المتشعبة في أفريقيا ومياه النيل وإسرائيل وأمريكا ومعوناتها .
ينبغي أن نذيب الجليد بين الجميع .. فهل من مدكر !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق