ما زالت أزمة البنزين والغاز تلقي بظلالها على المشهد المصري ، والحلول المؤقتة لها هي بمثابة تناول المسكنات لعلاج الأمراض التي تحتاج إلى تدخل جراحي .
وخطورة الأزمة أنها من النوع الإستراتيجي وتحتاج إلى عقلية محترفة في إدارة الأزمات ، فقد يتسبب نقص البنزين في توقف وسائل الموصلات التي ستنقل التلاميذ والطلاب إلى المدارس والجامعات ، أو المرضى إلى المستشفيات ، أو الموظفين لمقار أعمالهم ، والعمال إلى مصانعهم ، أو صعوبة التوصل إلى أصحاب الحوادث على الطريق وإسعافهم لصعوبة الإنتقال إليهم.
ونتيجة لهذه الأزمة الإستراتيجية نشأت بعض الظواهر السلبية ، مثل جشع التجار الذي تمثل في الإحتفاظ بمخزونهم وعدم بيعه طمعاً في غلاء سعره عند ازدياد الطلب عليه .
والتكدس المروري نتيجة الازدحام الشديد حول محطات الوقود ، وانتشرت أكاذيب مروجي الشائعات حول زيادة الأسعار.
ثم يأتي دور المواطن المستهلك الذي يأخذ أكبر من حصته ليضمن لنفسه توفير قدراً أكبر من الطمأنينة ويترك غيره في حيرة.
هذه هي الأزمة وهذه هي تداعياتها .. لكن ما هي أسبابها الحقيقية ؟
لاشك أن الإنفلات الأمني الموجود وانتشار قنابل المولوتوف الحارقة وتزايد معدلات الجريمة ، غلق الطرق الصحرواية ، وقطع خطوط السكك الحديدية ، والإعتصامات والإحتجاجات الفئوية التي تعطل العمل ، كلها مفترقة أو مجتمعة جعلت المؤسسات المانحة للتصنيف الإئتماني تخفض من درجات الإئتمان لمصر ، فانعكس هذا التصنيف على قرارات الشركات الدولية التي تعوض منها مصر جزء كبيراً من إحتياجاتها السوقية ، وتغيرت السياسات الآجلة وشروط الدفع ، وبعد أن كانت وزارة البترول تستورد من الأخرين ثم تدفع بعد فترة مثل شهر أو شهرين حسب شروط التعاقد ، أصبحت هذه الشركات لا تورد لمصر إحتياجاتها إلا أذا دفعت مقدماً قيمة الفواتير المشتراة ، وبالتالي عجزت مصر عن السداد فتعطل الإستيراد فظهر العجز في السوق.
وللخروج من هذه الأزمة :
في اعتقادي لابد من عمل لجنة وزارية تتشكل من وزارات البترول والداخلية والتجارة الداخلية مهمتها :
1. الإتفاق مع البلاد العربية النفطية لتوريد حصص إضافية .
2. ضبط السوق المحلي من خلال عدالة توزيع الحصص .
3. مراقبة محطات الوقود لمنع حصول البعض عن كمية تزيد عن إحتياجاته ، ومنع أصحاب هذه المحطات من التلاعب في الأسعار أو تخزين ما وصل إليها لتزيد من معدلات الطلب عليه وبالتالي رفع سعره.
4. تسيير حركة المرور ، ومنع الإزدحام.
5. التضييق على محطات الوقود لمنع صانعي المولوتوف .
6. عودة الأمن بسرعة شديدة لتجنب الكثير من المخاطر التي بدأت نذرها تلوح في الأفق بسبب هذا الإنفلات.
أما أصحاب المحطات فاحذرهم من الإحتكار فمن احتكر سلعة فهو آثم ، واستغلال ظروف الناس واكتساب الأموال من السحت ، وأن يبتعدوا عن الطمع والجشع في تحقيق الثروات السريعة على حساب شعب لا يملك حولاً ولا قوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق