الحدث
الهام الذي زلزل به " الإخوان المسلمون " الأرض ليس فقط تحت أقدام مرشحي
الرئاسة بل والمجلس العسكري والشعب المصري بأكمله ، يستحق كثيراً من التأمل وإعادة
النظر في تقييم هذا الفصيل السياسي الذي يرفع شعار " الإسلام هو الحل" ،
وهو شعار لا يستحق التقييم بقدر ما يستحق التفعيل والتنفيذ ، وإلا كان حبراً على
ورق ، ووسيلة رخصية لإبتزاز عواطف المسلمين ودغدغة مشاعرهم من أجل مصالح الجماعة
التي يعشقون تقديرها أكثر من أي شيء آخر وفي سبيلها قد يفصلون الشخصيات البارزة لو
أنها رأت ما لا يقبلونه.
وقد عقد مجلس
شورى الأخوان اجتماعاً هاماً بالنسبة لهم على الأقل أعلنوا في ختامه الموافقة على
ترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية ، ونشروا بياناً يعتبروه مبرراً لفعلتهم إن
رآها البعض مستغربة.
فما هي
تداعيات هذا الخبر الهام وآثاره ؟
إن المتابع
للمشهد السياسي في مصر حالياً سيجد أن هناك حالة احتقان داخلي وهجوم إعلامي من
التيارات المناوئة للتيار الإسلامي بصفة عامة والإخوان المسلمين بصفة خاصة ، وهذا
لا يهمنا من قريب أو بعيد ، فمن الطبيعي أن هناك من يتربص بالإسلاميين السياسين من
الخصوم والمنافسين الذين فشلوا في إثبات جدارتهم في الشارع المصري ، ولم يتفاعلوا
معه بالقدر الكافي الذي يشعر المواطن أنهم يحترمون عقله وحقه ، بل تعالوا عليه
ولقبوا أنفسهم بالنخبة ، وتعاملوا معهم على أنهم السادة والباقي عبيد ، فجاءت
النتيجة قاسية عند الصندوق لأن الشعب قال كلمته مرتين في الإستفتاء والإنتخابات
البرلمانية وكذلك النقابية مؤيداً للإسلاميين إما حباً في الدين وإما رغبة في مجرد
التغيير ، وإما لأنه أفضل الموجودين ولو كانوا سيئين.
لكنَّ الذي
يهمنا هو التحليل الواقعي والإجابة المقنعة لسؤال يطرح نفسه بقوة لماذا خُصمت
كثيراً من النقاط المؤيدة أو المتعاطفة مع الإسلاميين ؟
إن الإجابة
على هذا السؤال لن تكون بمعزل عن قرار الجماعة ترشيح الشاطر ، إذ كان هذا القرار بمثابة القشة التي قصمت ظهر
البعير ، فهو أحد التراجعات الجوهرية عند الجماعة ، والتي غالباً ما تأتي أفعالهم
مناقضة ومغايرة لأقوالهم ، وليس هذا محض افتراء أو إدعاء كاذب عليهم.
أليسوا هم
القائلون لن نستحوذ على أغلبية برلمانية وسنخوض الإنتخابات على ثلث المقاعد ، لكن
النتيجة كانت مقاربة لنصف المقاعد ، والطعن في المحاكم على نتائج الآخرين حتى ولو
كانوا مثلهم في نفس سفينة الشريعة ، بل الأدهى أنهم كانوا يمارسون الدعايات المضلة
والكاذبة على إخوانهم أبناء التيار الإسلامي حتى ينفردوا هم بالمقاعد في بعض
الدوائر.
أليسوا هم القائلون أنهم لن يرشحوا أحدهم للرئاسة ، ولن يذهب دعمهم لمرشح
ذو خلفية إسلامية ، ومن أجل هذا طردوا الأعضاء الذين خالفوهم من جنتهم ، بل إن
الشاطر نفسه قال لو رشح الشاطر نفسه فلن تدعمه الجماعة ، فماذا كانت النتيجة أن
تغيرت جميع بروفيل الصفحات الشخصية في الفيس بوك إلى صورة خيرت الشاطر، وانبرى
الجميع في مدح شورى الجماعة وانبهارهم في عبقرية الإختيار.
ومجلس شورى الإخوان يزعم أن التهديدات بحل البرلمان ورفض العسكري لسحب
الثقة من الحكومة هو السبب في اتخاذهم هذا القرار الطفولي ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباًَ.
أيها الأعضاء في مجلس شورى الإخوان :
لماذا تصرون على ظهوركم بمظهر الآلهة المقدسة والمنزه عن الخطأ ، وأنتم
تعلمون أن قراركم يخدم الأجندة الإخوانية فقط ، ولا يمت بصلة إلى أي مصلحة وطنية ،
وبعض الخبثاء السياسيين يقولون أن هذا الترشيح بدعم العسكري لتفتيت القوة
التصويتية عند الإسلاميين ، فيتفرقوا ويفشلوا وتذهب ريحهم ، ويجد مرشح الفلول أي
كان اسمه فرصة قوية في الفوز، فهل هذا ما تريدون !
إن العقلاء من الإخوان الذين نصحوكم بعدم الدفع بمرشحكم كانوا ينظرون إلى
عدم فقد الثقة فيكم أوضياع المصداقية عند الناس.
ليس لأنك ترفع شعاراً إسلامياً أن تكون أنت على حق ، فالممارسات والتصريحات
التي تنسب لكم هي التي جعلت رجل الشارع لا يثق فيكم ، لأنها غالباً ما تكون لها
حسابات سرية وتوازنات سياسية وقحة ، فخسرتم أصوات أبناء التيار الإسلامي ، وخسرتم
على أرض الواقع فرص شعبية بتناقضاتكم.
ولكن لماذا الدفع بالشاطر – مع خالص الاحترام والتقدير لشخصه – خطأً :
أولاً : لأن هناك شكوك في قبول أوراق ترشيحه أصلاً كما يقول القانونيون ،
وهي ليست كإشاعة أمركة أم أبو إسماعيل لفض الناس من حوله ، ولكن لأن العفو الذي
أخرجه من السجن كان عفواً صحياً وليس سياسياً على عكس أيمن نور الذي يستطيع التقدم
باوراقه دون حائل قانوني.
ثانياً : لأن بمجرد التقدم بالترشح
الذي سيغلق أبوابه بعد أيام قليلة ، سيحرم من الترويج لنفسه والدعاية له ، وليس من
غيره ، يعني لا أريد أن أجد بغبغاوات الفيس بوك يتشاركون صورة الشاطر وقد شبهوه
بيوسف العصر الذي خرج من السجن ليحكم مصر ، والشاطر نفسه لم يتحدث ولم يتحاور ولم
يناقش برنامجه ولا أفكاره ولا رؤاه السياسية والإجتماعية والإقتصادية والأمنية ،
أم يظنون اننا مثلهم نطيع ساداتنا وكبرائنا دون بينة أو دليل ، لا يا سادة الإخوان
نحن لا نبصم على قرارتكم دون ان نحللها ونرى أبعادها وتأثيراتها ثم نقرر.
ثالثاً : حرقتم ورقة جيدة كانت تصلح للعب دوراً أكبر في المرحلة القادمة ،
لأن التنافس مع " أبو إسماعيل " ليس في صالح لا الشاطر ولا أبو الفتوح
الذي قلت فرصة تقريباً بهذا القرار السياسي الغبي ، فمن ذا الذي يستطيع الوقوف فقط
أمام شعبية حازم صلاح الطاغية وحب الناس له ، من ذا الذي يستطيع منافسة رجل يدخل
معاركه وهو رابط الجأش ، قوي الحجة ، هادئ الطبع ، ثم لا يلبث أن يخسر أعداءه
ويكسبهم أصدقاء ومؤيدين بكل سهولة .
وإن غدا لناظره قريب ، وستسمعون قريباً ..
من السلفيين إلى الإخوان :
نشكركم
لحُسن تعاونكم معنا .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق