الاسلام سؤال وجواب

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

دفاعاً عن أبي بكرة رضي الله عنه من وقاحات اليوم السابع



هل انقلب السلفيون على البخارى؟ سؤال لوائل السمري في جريدة اليوم السابع ، والمقال من أول كلمة إلى آخر كلمة لا يستحق عناء القراءة ، ولم يدر في خاطري أن أعلق عليه ، فالكاتب له وجهة نظر في تغير وجهة نظر السلفيين في مسألة تولي المرأة الولاية ، بعد أن انتقد الشيخ ياسر برهامي وهو يدلو بدلوه في هذه المسألة لما قال أن ترشح المرأة المسلمة للبرلمان مفسدة يقابلها مفسدة أكبر لو تركتها للعلمانيين الذين لو سيطروا على البرلمان فسيضعون دستورا علمانيا، خلاف الدستور الإسلامى .


ولم يكن يشغل بالي تعليق الكاتب لاسيما وقد بنى مقاله وعنوانه على حديث في صحيح البخاري عن أبي بكرة رضي الله عنه ، قال : لمّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم : أن فارساً ملكوا ابنة كسرى ، قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) ، وكذلك الشيخ برهامي ورأيه أن البرلمان ليس الولاية.


ولا حتى اسئلة الكاتب التي طرحها بطريقة يغلب عليها المكر والاستفزاز وكأنها " جر شكل " مثل :

هل سيلقى السلفيون بالقداسة التى يفرضونها على صحيح البخارى الذى أورد هذا الحديث ويبدءون فى النظر إلى مضمون الأحاديث النبوية وظرفها الزمنى ومدى توافقها مع القرآن الكريم كما يطالب العلمانيون؟

سهل سيعتبرون أن مناسبة هذا الحديث جاءت فى ظرف زمنى معين لا يعمم حكمه على سائر الأزمان، كما يؤكد التنويريون؟

وهل سيعملون عقلهم ويقولون كما يقول التنويريون الذين يقرؤون الحديث فى ظرفه التاريخى ويزعمون أنه يفهم منه أنه «نبوءة» من الرسول بفشل سياسة الفرس على يد هذه المرأة التى عرفت بالميوعة واللامسؤولية؟

كل هذا نقرأه يومياً في مختلف الزوايا والصفحات وإن اختلفت العناوين والأسماء فلم يكن جديداً ما قاله ، لكن ما خلع قلبي وحرق دمي تهجم الكاتب وتطاوله على صحابي جليل هو أبو بكرة رضي الله عنه ، فالصحابة خط أحمر لا يجوز الإقتراب منهم بالنقص والسلب .
لكن السمري قال موجهاً حديثه للسلفيين : " فهل سيؤمنون بالمنهج العقلى الذى يؤمن به المسلمون من دعاة الدولة المدنية والتنويريين الذى يقول إن هذا الحديث لا يأخذ بنصه، مؤكدين أن راوى الحديث «أبا بكرة» مشكوك فى صدقه، وأن سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، أدانه وجلده لأنه أدلى بشهادة زور، ولذلك فإن الحديث مطعون فى صدقه وصحته؟ "

فأقول واسأل الله تعالى أن يكتب لي أجر الدفاع عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .

أبو بَكْرَة الثَّقَفِي هو نُفَيْع بن الحارث الثقفي صحابي جليل كبير القدر ، قال الإمام الذهبي كنّاه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكرة لأنه تدلى إليه ببكرة من حصن الطائف.

روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه أولاده: عبد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، وغيرهم.

كان من فضلاء الصحابة وصالحيهم كثير العبادة، وكان ممن اعتزل يوم الجمل، ولم يقاتل مع واحد من الفريقين.

وَكَانَ أَبُو بَكْرة كثير العبادة ، وَكَانَ أولاده رؤساء البصرة شرفا ومالا وعلما وولاية مات في خلافة معاوية بن أبي سفيان بالبصرة، سنة اثنتين وخمسين وقيل سنة إحدى وخمسين وصلى عليه أبو برزة الأسلمي الصحابي وكان قد آخى بينهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقصة جلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه له قصة لا علاقة لها بشهادة الزور ولا صدقه ، ولا يقول هذا الكلام إلا حاقد جاهل ناكر لقيمة صحابة النبي صلى الله عليه ، يقول الإمام الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان":

يظهر لنا في هذه القصة أن المرأة التي رأوا المغيرة رضي الله عنه مخالطاً لها عندما فتحت الريح الباب عنهما إنما هي زوجته ولا يعرفونها وهي تشبه امرأة أخرى أجنبية كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء فظنوا أنها هي, فهم لم يقصدوا باطلاً ولكن ظنهم أخطأ، وهو لم يقترف إن شاء الله فاحشة لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال والعلم عند الله تعالى.

وقال ابن حجر في التلخيص: وقيل إن المغيرة كان تزوج بها سراً وكان عمر لا يجيز نكاح السر ويوجب الحد على فاعله، فلهذا سكت المغيرة وهذا لم أره منقولاً بإسناد وإن صح كان عذرا حسناً لهذا الصحابي.

يقول الإمام الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام : وَكَانَ أَبُو بَكْرة ممن شهد عَلَى المغيرة، فحده عُمَر لعدم تكميل أربعة شهداء، وأبطل شهادته، ثم قال له: تب لتقبل شهادتك، فَقَالَ: لَا أشهد بَيْنَ اثنين أبدًا.

فهو شهد بما رأه وظن أنه صواب واختلط عليه الأمر بين زوجته المغيرة وإمرأة أخرى للشبه بينهما ؛ ولمّا كان متأكداً أنها الأخرى لذا لم يقبل إمامة المغيرة للصلاة وأرسل إلى عمر الخليفة وكان معه شاهدان ولكنه ولم يفتري الكذب على المغيرة ، كما أن أبا بكرة رضي الله عنه امتنع من التوبة حين دعاه عمر رضي الله عنه للتوبة بعد أن جلده لأنه قد لا يرى ما راه عمر من اشتراط تكذيب القاذف نفسه لقبول توبته وشهادته ، أو أن أبا بكرة يفرق بين الشاهد والقاذف ، ولعله يرى أنه كان صادقاً فيما أدلى به من الشهادة فمم يتوب إذاً؟

قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ، قال البيهقي: إن صح هذا، فلأنه امتنع من التوبة من قذفه وأقام على ذلك، فكأنه أراد أن يقول : لم أقذف المغيرة، وإنما أنا شاهد، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد، إذ نصاب الشهاد لو تم بالرابع لتعين الرجم ولما سموا قاذفين.

ولم يرد أحد روايته كما يزعم هذا الجاهل بل أجمع العلماء على قبول رواية أبي بكرة رضي الله عنه ، فقال الإمام العيني في "عمدة القاري": روى له عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مائة حديث واثنان وثلاثون حديثاً اتفقا على ثمانية وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث.

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية": أبوبكرة صحابي جليل كبير القدر وقد أجمعت الأمة على قبول رواية الصحابي الجليل أبي بكرة ونقل الإجماع ابن قدامة وقال: ولا نعلم خلافاً في قبول رواية أبي بكرة رضي الله عنه.

وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين": وقد أجمع المسلمون على قبول رواية أبي بكرة رضي الله عنه.

وأهل العلم على التفريق بين الشهادة والرواية وفرقوا بينهما فلم يلزم من عدم قبول شهادة رجل عدم قبول روايته، فالشهادة يطلب فيها مزيد تثبيت لا يطلب في الرواية، كالعدد والحرية وغير ذلك. لذلك احتج البخاري ومسلم وغيرهما بحديث أبي بكرة رضي الله عنه مع علمهم بقصة جلده.

أما حكاية التنويرين وعدم تقديسهم لنصوص البخاري لذلك طعنوا في الحديث وردوه للمزهم للراوي وتجريحهم فيه ، فهذا من جهلهم الذي لا يخجلون منه وسوء أدبهم مع صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .

رابط المقال في اليوم السابع





ليست هناك تعليقات:

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة