
الاسلام سؤال وجواب
الخميس، 21 يوليو 2011
إنّا من المجرمين .. منتقمون !!

هل شاهدتم الحلقة التلفزيونية التي أذاعتها قناة الحكمة الفضائية منذ أيام، وهي تعرض تقريراً موثقاً عن حادثة تعذيب وقتل سيد بلال رحمه الله تعالى على يد أشاوس أمن الدولة المنحل ، يقيناً أقول لن يتمالك أحد نفسه مهما قسى قلبه ، وستجده قد انقبض من الألم ودقاته قد زادت سرعتها ، وستجد عيونك قد تسمّرت في اتجاه الشاشة وقد انهمرت الدموع منها من الحزن، وإنك لتتسائل مع نفسك وربما مع غيرك ؟ هل هؤلاء الضباط والأمناء والمخبرين الذين يحتجزون الأبرياء ويضربونهم ويعذبونهم ، فعلاً هم بشر مثلنا لهم قلوب ومشاعر؟
وربما قادت نفسك إلى التسائل الثاني بكل حسرة ، ماذا يتعلم هؤلاء الجبارون في كليتهم ؟
كيف تتفتق أذهانهم لإختراع شتى أنواع العذاب المختلفة التي يسلطونها على الأبرياء هناك رجالا نساء ؟
كيف تتحجر قلوبهم بهذه البساطة وهم يتمتعون بتجريد المسجونين من ثيابهم ، وسحلهم وضربهم وصعقهم بالكهرباء ؟
هل هؤلاء هم بشر حقاً ؟
لقد تحدث أحد المعذبين عن حكايته ، وكم تأثرنا بتأثره وحشرجة صوته حين تذكر صاحبه وهو يموت من أثر التعذيب ، وكيف تحجرت الدموع في مقلتيه وهو يسرد قصته ، إذ قال هذا المعذّب فاضحاً هذا الجهاز المدمر بكل جبروته الذي اعتاد مجرموه على الأفعال الفاضحة بشكل يستدعي إيداعهم بسرعة إلى مستشفى الأمراض العقلية والنفسية لتعالجهم من أمراض الكبر والغرور والتعالي وإزدراء الناس واحتقارهم وليكف آذاهم عن الناس !!
كيف كانوا يدهنون جسمه بالكيروسين وهو عاري تماماً مستلقياً على سرير معدني ، ثم يقومون بوضع أدوات الصعق الكهربائية في مناطق حساسة من جسده وفي رأسه وقريباً من عينه ، بل وفي جهازه التناسلي مباشرة ، ضربوه وعذبوه وسحقوا عظامه فلم يعد قادراً وقتها على الوقوف وترجاهم أن يصلي فهو يعذب من الصباح حتى المساء ، ومن المساء حتى الصباح ، وتوسل إلى أحدهم أن يركع ركعتين لله ، ولم يهنأ بها بعد أن سمحوا له بها إذ جاءه جبار من جبابرة هذا الجهاز الظالم لكي يحثه على الإسراع وأن لا يطيل لأنه على موعد مع الموت.
ثم حكى قصة سيد بلال رحمه الله ، وذكر كيف كان حافظاً للقرآن الكريم يساعد إخوانه في حفظهم ويتابعهم حتى لا يتفلت منهم ، حكى كيف كان يعاملهم في زنزاته بكل محبة ومودة لدرجة أنه يذهب إلى زنزاتهم وينظفها لهم تقرباً إلى الله تعالى وهو يساعد أخوة لهم أنهكوا من التعذيب وخارت قواهم من شدة الألم ، حكى كيف أنه أوصى أخ له في الله على ابنه وهو في طريقة إلى غرفة الموت.
حكى كيف مات سيد بلال وهو يصلي صلاة العشاء بعد أن خرج من حجرة التعذيب منهكاً وعليه أثار التعذيب فلم يعد قادراً على الوقوف بين يدي الله تعالى، ولم يمنعه ذلك من أداء الصلاة فصلى جالساً ، وأثناء الصلاة جاءه ملك الموت بإذن من ربه ، جاءه لكي يريحه من هؤلاء المجانين الذين استغلوا نفوذهم وسلطانهم وجبروتهم لكي يسوموا الناس سوء العذاب ، جاءه ملك الموت لكي يقبض روحه الطاهرة وهي تقف خاشعة ذليلة بين يدي الله تعالى.
مات سيد بلال مظلوماً على يد بعض المختلين عقلياً ومرضى نفسياً لم يراعوا حقه في الإنسانية ولا نصيبه في البشرية ، مات سيد بلال وهو يشكوا إلى الله تعالى ظلم الظالمين ، مات سيد بلال مظلوماً وقد أرادوا فتنته في دينه واتهموه زوراً وبهتاناً ، ولكن ربك بالمرصاد إذ يقول سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ )
ألم يعلم هؤلاء الجبارين أن الله يرى ، ألم يعلم هؤلاء الظالمين أن الله لن يفلتهم ، ألم يعلم هؤلاء السفاحين أن الله تعالى سينتقم منهم ويقتص لمن ظلموهم ، ألم يعلموا أنهم يوم القيامة سيُحجبون ويمنعون من دخول الجنة حتى يقتص منهم ، فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ ، حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ).
ألم يعلم هؤلاء المجرمين أن رصيدهم سينفد يوم القيامة من جراء ظلمهم للعباد واستحلالهم للمحرمات وهتكهم للأعراض وكشفهم للعورات ، ففي صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ).
ألم يكن يكفيهم أن يتصدقوا على أنفسهم بكف شرهم عن الناس وعدم أذيتهم ، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال الإيمان بالله والجهاد في سبيله قال قلت أي الرقاب أفضل قال أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا قال قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قال قلت يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل قال تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك ).
وكيف يرجون رحمة الله تعالى ، وهم الذين لم يرحموا الناس ، ففي صحيح البخاري من حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لا يَرْحَمُ النَّاسَ )
فيا من تلفقون التهم للناس وتأتون بهم إلى السجون .
يا من تعذبون الناس وتنكلون بهم .
يا من تقتلون الناس بلا خجل ولا وجل بدم بارد
(إن بطش ربك لشديد) ، (إنّا من المجرمين منتقمون)
وأنت:
أيها المظلوم صبراً لا تهن .. إن عين الله يقظى لاتنام
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
شارة فيسبوك
post
احدث مواضيعنا
-
ما زالت دعوات المظلومين من المسلمين وغيرهم تستجاب من جبار السموات والأرض ، وها هو رأس الأفعى سيدخل السجن الذي أذاق منه خلقاً كثيراً ، وقد سب...
-
أصبحت السلفية بين عشية وضحاها حديث الساعة في كل مكان ، ولا تكاد وسيلة إعلامية تخلو من استخدام هذا المصطلح ومشتقاته ( السلف ، السلفيون ) ، إذ...
-
لا أدري لماذا يظن البعض أن رئيس مصر المرتقب يجب أن يكلمه الله تكليماً، أو أن يشق القمر إلى نصفين ، أو يضرب الحجر فتنفجر إلى إثنى عشر عيناً. ...
-
عزائي لأمهات وأسر الضحايا ودعائي لهم أن يلهمهم الله تعالى الصبر والسكينة ، وأن يقتص الله تعالى ممن ظلم أولادهم وأبناءنا . لأول وهلة ستشعر با...
-
ومن يريد دراسة الفقه وتعلمه ، سيجد نفسه واقعاً في حيرة شديدة ، فهناك من ينصحه بدراسة الفقه على مذهب من المذاهب الفقهية ، وهناك من يقنعه بضرو...
-
10 همسات لمستخدمي مجتمع “الفيس بوك” عبد الرحمن بن محمد السيد بسم الله الرحمن الرحيم “الفيس بوك” : هو موقع التعارف والعلاقات الاجتماعية ، و...
-
السلفيون وحفظ الأوطان: المنهج والتطبيق كتبه/ علاء الدين عبد الهادي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ قال رسول الله -صلى الل...
-
كلمة عن الأسانيد ومكانتها .. فاعتبروا يا أولي الأبصار! وليد يوسف يقول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق