الاسلام سؤال وجواب

الاثنين، 18 يوليو 2011

رسالة إلى مرشحي الرئاسة

ما زال أمر الترشح للرئاسة يشغل بال الكثيرون من المهتمين بالشأن المصري ، ومن ينظر إلى قائمة المرشحين ، سيجد اسماء كثيرة منها شخصيات مشهورة وأخرى مجهولة ، وهم جميعاً ينتمون إلى التيارات السياسية الوطنية بمختلف ألوانها وأطيافها ، ومنهم من ينتمي إلى التيارات الإسلامية ، وهم جميعاً محل احترام وتقدير من الجميع إلاّ من كان قلبه ملوثاً بفكر النظام البائد.

ورغبة الكثيرين في الترشح لا يمكن أن تعكس إزدهار الحالة السياسية في مصر ، بقدر ما هي شاهد على الفوضى السياسية إن جاز التعبير، وهذه الفوضى شارك فيها الجميع بما فيها المجلس العسكري والحكومة الثورية والأزهر الشريف ، وميدان التحرير ، والصحف القومية.

فالمجلس العسكري بعد أن أجرى الاستفتاء وتعرف على رغبة الشعب في إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية ، فاجأنا في بيانه الأخير - وهو بالمناسبة بيان محترم ومحل تقدير – بأنه يريد أن يؤسس لمبادئ حاكمة للدستور ، فهل يتلاعب المجلس العسكري بمشاعر المصريين ولا يعبأ بما اتفق عليه من قبل ؟

والحكومة الثورية لا تخجل من ضعفها وتناقض قراراتها واختلاف وجهات النظر بين أعضائها ، والمخجل أن رئيس الوزراء يلقي بيانه على الهواء بتكليفات لحكومته وحكومته أصلاً لا تعرف عنها شيئاً ، كما وضح ذلك جلياً مع العيسوي وزير الداخلية ، ثم يفاجأنا عصام شرف عبر صفحته بأنه يريد اسماء مرشحين للوزارة الجديدة ترضي الشعب ، ما هذا الهراء؟!!

والأزهر الشريف ، تتغير مواقفه حسب ضيوفه ، إذ فاجأنا مولانا الطيب في اجتماعه مع التيار السياسي الناصري حين قال بالحرف الواحد : " كلنا ناصريون لأننا صعايدة مثل عبد الناصر" ولا أدري هل خجل مولانا الطيب أن يقول لوفد السلفيين حين زاروه ، كلنا سلفيون مثل سلفنا الصالح رضوان الله عليهم ، ولماذا فتح صدره وقلبه للناصريين ، واحمرت عينه أمام السلفيين ، فوصفهم في لقاءته الأخرى بأنهم "خوارج العصر"، وأنهم نجسوا وغيروا مذهب الإمام أحمد كما يغير ماء البحر.

وميدان التحرير، أخشى أن يأتي اليوم الذي يخجل المصريون منه ومن أفعال الثائرين هناك ، ومشهد تعرية البلطجية وتعليقهم على جذع النخل مشهد مخزي ومخجل وعار على الثوار فما الفرق بينهم إذن وبين بلطجية أمن الدولة الذين كانوا يسومون الناس سوء العذاب حتى استجاب الله لدعاء المظلومين منهم فأتى على مقارهم وأحرق أوكارهم وشردهم ومزقهم كل ممزق.

والصحف القومية ترفع شعار عاش الملك .. مات الملك ، فهي التي كانت تسبح بحمد مبارك وآله وإذ بها تشارك في عملية اغتياله معنويا بعد الثورة لأن لسان حال رؤسائها (لمن الملك اليوم ؟)

ولأن أمر الولاية العامة بمفهومها الشرعي أو الرئاسة بمفهومها المعاصر أمر هام لا ينبغي التقليل من شأنه ، رأيت أنه من الواجب عليّ أن انبه وانصح المرشحين لا من باب الأهلية بل من باب المسئولية والأمانة العلمية وأقول لهم :

1. ليكن في مخيلتك أخي المرشح أي كان حزبك أو لونك أو فكرك ، أن تفتح بابك لحاجات شعبك ولا تترسه بالمتاريس وتغلقه بالمفاتيح أمام ضعفاءهم وفقراءهم ، فعن أَبي مريم الأزدِيِّ - رضي الله عنه - : أنّه قَالَ لِمعاوية - رضي الله عنه - : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( مَنْ وَلاَّهُ اللهُ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ ، احْتَجَبَ اللهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) فجعل معاوية رجلاً عَلَى حوائج النَّاسِ . رواه أَبُو داود والترمذي .وصححه الألباني

2. واعلم أخي المرشح أنك ستكون مسئولاً عن الملايين ، فابذل ما جهدك لتسمع منهم دعاء يرفعونه في جوف الليل شاكرين الله أن ولاّك عليهم ، عفن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ : الإمَامُ رَاعٍ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ في أهلِهِ وَمَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالخَادِمُ رَاعٍ في مال سيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

3. ولا تغش شعبك وتخونهم ، فاعلم مقدماً أن ما من قرار ستصدره خنت فيه شعبك أو حصلت فيه على نصيب ليس من حقك فقد حرمت نفسك بنفسك من الجنة فعن أَبي يعلى مَعْقِل بن يَسارٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( مَا مِنْ عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ ، إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّة )) متفقٌ عليه، وفي رواية : (( فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّة )) ، وفي رواية لمسلم : (( مَا مِنْ أميرٍ يلي أمور المُسْلِمينَ ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ لَهُمْ ، إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ )) .

4. ولا تشق عليهم وتضيق عليهم العيش وتحرمهم من العمل والرزق والعلاج ، فعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول في بيتي هَذَا : (( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، فاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ ، فَارفُقْ بِهِ )) رواه مسلم .

5. وكن عادلاً ولو أهلك ، قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ اللهَ يَأمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } [ النحل : 90 ] الآية ، وقال تَعَالَى : { وَأَقْسِطُوا إنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [ الحجرات : 9 ] ، وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :
(( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : ثم ذكر منهم إِمَامٌ عادِلٌ ، )) متفقٌ عَلَيْهِ ، وعن عبدِ اللهِ بن عَمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ : الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيْهِم وَمَا وَلُوْا )) رواه مسلم ، وعن عِياضِ بن حِمارٍ - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : (( أهلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ : ذُو سُلطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ ، وَرَجُلٌ رَحيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لكُلِّ ذي قُرْبَى ومُسْلِمٍ ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ )) رواه مسلم .

والله اسأل أن يولي أمورنا خيارنا ولا يولها شرارنا ، وأن يحكم مصر من ينفعها ولايضرها ، وأن يخاف الله فينا كما خاف الفاروق عمر من الله ، الذي يتمنى الكثيرون منّا الآن أن يكونوا بغالاً في عهده وقد خاف أن يسئل عنهم لما لم تمهد لها الطريق يا عمر ، بدلاً من أن يكونوا بشراً في عهد مبارك وآله ، فيسألونه لما قتلت أولادنا وسرقت أموالنا وخنت بلدنا، فلا تفرح بتصويت الناس لك ، وأنت تعلم أنك لست أهلاً لها ، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري لمّا سأله منصباً فقال : (إنك ضعيف ، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) رواه مسلم في صحيحه.

ليست هناك تعليقات:

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة