الاسلام سؤال وجواب

الأحد، 22 أغسطس 2010

قصة التحكيم بين الحق والباطل

ومن أكاذيب القصص التي دُست في تاريخ المسلمين وتلقفها الجميع بالقبول إلاَّ من رحم ربي ، بعد أن قذف الشيطان في قلوب البعض فجعلوها من المسلمات التي على أساسها انقلبوا على بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، قصة التحكيم الشهيرة والتي وقعت عقب معركة صفين (سنة 37)، وفي هذه المعركة امتنع معاوية عن مبايعة علي رضي الله عن الجميع حتى يتم القصاص من قتلة عثمان فَلَـمَّا انْتَهَى عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ الْجَمَلِ قَالَ: لَابُدَّ أَنْ يُبَايِعَ مُعَاوِيَةُ الْآنَ، وَجَهَّزَ الْجَيْشَ لِـمُقَاتَلَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ يُبَايِع، فَخَرَجَ عَلِيٌّ بِجَيْشٍ قِوَامُهُ مِئَةُ أَلْفٍ إِلَى صِفِّينَ فِي الشَّامِ، وَكَانَ قِتَالُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي صِفِّين وَالْجَمَلِ عَنْ رَأْيٍ رَآهُ وَاجْتِهَادٍ تَبَنَّاهُ ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِه عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادِ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا أَعَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: ماعَهِدِ إِليَّ رَسُولُ اللهِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.صححه الألباني في صحيح أبي داود 4666.
وانْتَهَتْ مَعْرَكَةُ صِفِّينَ بِالتَّحْكِيمِ
أَيْ: تَوقَّفُوا عَنِ الْقِتَالِ بأَنْ رُفِعَتِ الْـمَصَاحِفُ عَلَى الرِّمَاحِ، وَرَضِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالتَّحْكِيمِ، وَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ وَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الشَّامِ عَلَى أَن يَكُونَ التَّحْكِيمُ فِي رَمَضَانَ، وَأَرْسَلَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى الْأشْعَرِيَّ، وَأَرْسلَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.

لكن القصة الْـمَشْهُورَةِ هِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اتَّفَقَ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَلَى عَزْلِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَصَعِدَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ الْـمِنْبَرَ وَقَالَ: أَنَا أَنْزِعُ عَلِيًّا مِنَ الْخِلَافَةِ كَمَا أَنْزِعُ خَاتَمِي هَذَا، ثُمَّ نَزَعَ خَاتَمَهُ، وَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَقَالَ: وَأَنَا أَنْزِعُ عَلِيًّا كَذَلِكَ كَمَا نَزَعَهُ أَبُو مُوسَى وَكَمَا أَنْزِعُ خَاتَمِي هَذَا، وَأُثبِّتُ مُعَاوِيَةَ كَمَا أُثَبِّتُ خَاتَمِي هَذَا.
فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَخَرَجَ أَبُو مُوسَى غَاضِبًا وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى عَلِيٍّ فِي الْكُوفَةِ، وَرَجَعَ عَمْرُو بْن الْعَاصِ إِلَى الشَّامِ.« تَاريخ الطَّبَرِيِّ » (4/51)، وَ« الْكامل فِي التَّارِيخ » (3/168).

هَذِهِ الْقِصَّةُ مُزَوَّرَةٌ مَكْذُوبَةٌ، لَاشَكَّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:

أَوَّلًا: السَّنَدُ ضعِيفٌ فِيهِ أَبُو مِخْنَفٍ الْكَذَّابُ.

ثَانِيًا: خَلِيفَةُ الْـمُسْلِمينَ لَا يَعْزِلُهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَلَا غَيْرُهُ، إِذْ لَا يُعْزَلُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ.فَكَيْفَ يَتَّفِقُ رَجُلَانِ عَلَى عَزْلِ أَمِيرِ الْـمُؤْمِنِينَ، هَذا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالَّذِي وَقَعَ فِي التَّحْكِيمِ هُوَ أَنَّهُما اتَّفَقَا عَلَى أَن يَبْقَى عَلِيٌّ فِي الْكُوفَةِ وَهُوَ خَلِيفَةُ الْـمُسْلِمينَ وَأَنْ يَبْقَى مُعَاوِيَةُ فِي الشَّامِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، وَأَنْ تَتَوَقَّفَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا.

ثالثاً : لأن القصة الصحيحة هي كَمَا رَوَاهَا أَهْلُ الْـحَقِّ:

وَهِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْتَقَى مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ: مَا تَرَى فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: أَرَى أَنَّهُ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُوَ بنُ الْعَاصِ: فَأَينَ تَجْعَلُنِي أَنَا وَمُعَاوِيَةَ؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: إِنْ يَسْتَعِنْ بِكُمَا فَفِيكُمَا الْـمَعُونَةُ، وَإِنْ يَسْتَغْنِ عَنكُمَا فَطَالَـمَا اسْتَغْنَى أَمْرُ اللهِ عَنكُمَا. ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِهذَا الْخَبَرِ وَرَجَعَ أَبُو مُوسَى إِلَى عَلِيٍّ بِهِ.

فهل هَلْ نَازَعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْخِلَافَةِ؟ « تَارِيخ الْإِسْلَامِ » (ص540) عهد الْخُلفَاء الرَّاشِدين، وَسنده صَحِيح.

عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيًّا، أَأَنْتَ مِثْلُهُ؟
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ وَأَحَقُّ بِالْأَمْرِ، وَلَكِنْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا؟ وَأَنَا ابْنُ عَمِّهِ، وَأَنَا أَطْلُبُ بِدَمِه، فَأْتُوا عَلِيًّا فَقُولُوا لَهُ فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَأُسَلِّمُ لَهُ الْأُمُورَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَكَلَّمُوهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْفَعِ الْقَتَلَةَ.
فَمُعَاوِيَةُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ خَلِيفَةٌ، وَلَمْ يُنَازِعْ عَلِيًّا الْخِلَافَة أَبَدًا، وَلِذلِكَ لَـمَّا تَنَازَعَا كَمَا سَيَأْتِي وَصَارَ التَّحْكِيمُ وَكَتَبَ هَذَا مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْـمُؤمِنينَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: لَا تَكْتُبْ أَمِيرَ الْـمُؤْمِنينَ، لَوْ بَايَعْتُكَ عَلَى أَنَّكَ أَمِيرُ الْـمُؤمِنِينَ مَا قَاتَلْتُكَ، وَلَكِنِ اسْمَكَ وَاسْمِي فَقَطْ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَاتِبِ وَقَالَ: اكْتُبِ اسْمَهُ قَبْلَ اسْمِي لِفَضْلِهِ وَسَابِقَتِه فِي الْإِسْلَامِ.
ولم يَكُنِ الْقِتَالُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ قِتَالًا بَيْنَ خَلِيفَةٍ وَخَلِيفَةٍ أَبَدًا، وَلَكِنَّ الْقِتَالَ سَبَبُه أَنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَعْزِلَ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاوِيَةُ رَافِضٌ لِلْعَزْلِ حَتَّى يُقْتَلَ قَتَلَةُ ابْنِ عَمِّهِ أَوْ يُسَلَّمُون إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُنِ الْـمَوْضُوعُ الْخِلَافَةَ كَمَا يُشَاعُ.

فليخرس الكذابون الأفاكون الذين يفترون على أطهر وأشرف الخلق بعد الأنبياء والخلفاء من صحب النبي الكرام
----------------------------------------------------
انْظُرْ تَفْصِيلَ قَضِيَّةِ التَّحْكِيمِ فِي كِتَاب « مَرْوِيَّات أَبِي مِخنَفٍ فِي تَارِيخ الطَّبَرِيِّ » وَقَدْ عزاه إِلَى « التَّارِيخِ الْكَبِير » (5/398). وَانْظُرْ « تارِيخ دِمَشقَ » (46/175) - تَرْجَمَة: عَمْرو بْن الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. والمقال مستفاد من كتاب حقبة من التاريخ للشيخ عثمان الخميس حفظه الله .

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

السلام عليكم
بحثت بين اسماء العلماء لم اجد وليد محمود يوسف من بينهم لكن وجدت الامام الذهبي في مقدمتهم يااخي ياريتك تراجع كتاب سير اعلام النبلاء للامام الذهبي لتطلع بنفسك على قضية التحكيم قبل ان تنسفها
واذا كنت تعتبر نفسك افهم من الذهبي فاثبت لي ذلك وساسعى جاهدا لجمع نسخ كتبه وارسلها الى بياعين اللب .
يااخي لنتق الله انا وانت وكل المسلمين ولنكن كما ارادنا الله وبالموضع الذي ارادنا له وهو ان نعبد الله ونكون امة وسطا
ابتعد عن التطرف حتى وان كان المبلغ المدفوع لك باهض واتق يوما لاينفع معه مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم
يااخي هذا النهيق هو للوهابية فياليتك تبتعد عن هذا التطرف وتب الى الله
فللا يزيدك ولاينقصك اذا كان عمرو بن العاص قد سلك طريق الخداع او لا
الله يهديك ويهديني
قول امين

مدونة وليد يوسف يقول...

وعليكم السلام يا من تتحدث من وراء ستار، ونصيحتي لك أن تتخلق بخلق القرآن ، ولا تكن فظاً غليظ القلب سليط اللسان ، لأني أجيد اصطياد الطيور الجارحة من النسور والصقور، أفاعجز عن صيد غراب ناعق يمتاز بقلة العلم وقلة الأدب ، ولا تشغل بالك بي فأنا أيضا لا انشغل بأمثالك ، وليكن نقدك دليل بدليل ، ولا تكن العوبة في ايدى الروافض فتصبح عندنا أضحوكة يلهو بك صبياننا، وبحثك في العلماء عني أمر مضحك ، وبخصوص القصة راجع المصادر المحققة ولا تكن كحاطب ليل يجمع ما يجد فيحمل الأفعى على أنها حطب

غير معرف يقول...

السلام عليكم
يااخي لااعرف ماهو قصدك باني اتحدث اليك من وراء ستار !!! فهل المفروض مني ان ارسل لك صورتي الشخصية وهويتي لكي تقبل نصيحتي لااعرف لربما اختلطت عليك الاوراق وحسبتني شخص قد خالفك الراي سابقا
على العموم يااخي انا لاول مرة اكتب اليك والله على ماقول شهيد
بااخي ان الله ارسل من هما اشرف منك الى من هو اسوء مني وقال لهما - وقولا له قولا لينا -
لقد راجعت ماكتبته لك لعلي اجد مايجعلك تصفني بقلة الادب وسوء الخلق فلم اجد مايثيرك فهل نصيحتي لك بتقوى الله ام تذكيري لك بيوم القيامة ام مناداتك بكلمة يااخي هي كانت وراء ذلك !!!!
ولماذا لم تكن انت كذلك بجوابك فالشاعر يقول
لاتنهى عن خلق وتأتي بمثله عار عليك ان فعلت عظيم
اما قولك باني منشغل بك فاقول لك يااخي والله بالامس كانت المرة الاولى التي اكتب اليك فلربما انت تعدني شخص اخر يخالفك بالراي ويكتب اليك باستمرار
واستخفافك بامثالي هذا ليس من افعال اللذين يدعون الخلق
اما بخصوص القصة فانا يااخي لم استند الى كتب الروافض . يااخي اطلب منك ان تراجع مجلدات سير اعلام النبلاء للامام الذهبي لتتعرف على الحقيقة الا اذا كنت انت ممن يشككون بالامام الذهبي وفي هذه الحالة ارجو منك نشر هذا بالمواقع الرسمية واثبات ذلك وساجدد لك الوعد باني ساحمل برهانك الى كل المساجد والمكتبات لكي يقومون باتلاف كتاب الامام الذهبي . ملاحظة -- لست مجبر على الرد لاني باذن الله لن ادخل هذه الصفحة بعد الان لانها صفحة متطرفة تزيد الهوة بين المتنازعين ولاتدعوا الى الوحدة التي نحن بامس الحاجة لها
الله يهديك ويهديني
قول امين

مدونة وليد يوسف يقول...

إن لم يكن اتهامك لي بالرشوة والنهيق والتطرف قلة أدب وسوء خلق فماذا تسميه أنت ؟ على أي حال الكلام مع المجادلين لا يفيد ، لاسيما حينما يجتمع الجدل مع العند والجهل من أجل اثبات باطل واتهام أشرف الخلق بعد الأنبياء والخلفاء أنهم خونة وغدارين ومغفلين كما تريد أنت أن تثبت ذلك من هذه القصة المكذوبة وإن جاءت في كتب التاريخ التي اهتم كاتبوها بنقل الخبر مسنداً دون أن يذكروا اشتراطهم للصحة ، وهو ما لم يقله أحد ممن شم رائحة العلم فكيف بمن يتطفل على فضلات موائدهم على الانترنت ، على أي حال هذا أحرى أن أقول لك سلاماًبصفتك أحد الجاهلين ،وكونك لن تدخل الصفحة مرة أخرى ، وكأنك تعاقبني بحرماني من قراءتك المحرومة من العلم والأدب ، يا أخي وهل شعرت بك لما كنت تقرأ حتى أهتم بك وأنت ترحل.

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة