الاسلام سؤال وجواب

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

الواقع الحزين.. لشباب المسلمين

حال المسلمين أليم وحزين ، ولن يستطيع أحد مهما بلغت درجة تفاؤله أن ينكره ، ولن يستطيع أحد مهما بلغت درجة جهله أن يجهله، إذ بنظرة واحدة محايدة على أقطار المسلمين الآن في شتى بقاع الأرض كافية لكي تعبر بصدق عن أوضاع المسلمين المتدنية سياسياً واقتصاديا وأخلاقياً واجتماعياً ، وحتى يومنا هذا في عامنا هذا في قرننا هذا و المسلمون عاجزون عن تغيير واقعهم ، ويعيشون عصراً غير مسبوقاً من الهوان والذل .
فالمسلمون الآن يسحقون ويذبحون ويدمرون ويشردون ويعيشون تحت وطأة القهر والظلم والقمع والاستبداد والاستعباد والتنصير على يد المحتل ، وليس خافياً على أحد ما يحدث في فلسطين على يد الصهاينة وفي العراق على يد عصابات التحالف الدولية ، وفي أفغانستان على يد أمريكا وفي كشمير على يد الهندوس وفي الصومال على يد نصارى الأحباش ، وفي الشيشان على يد الشيوعيين الروس .
بل والمسلمون الذين نجوا من خطر الاحتلال لبلادهم يعيشون تحت سياط الغلاء والفقر والجوع وتكميم الأفواه وتقييد الحريات واعتقال المعارضين ، وقمع المناهضين ، وفقد شباب المسلمين شخصيتهم وأصبحوا نسخاً ماسخة باهتة من الغرب ، ويعيش المسلمون أيضاً في مجتمع تبدلت فيه الأوضاع و تغيرت فيه الأحوال و انقلبت فيه الأمور، فأصبح الالتزام بشريعة الله دليلاً دامغا لتهمة التطرف و الإرهاب ، وأصبح العمل بسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم سبباً وجيهاً للدهشة والاستغراب ، يعيش المسلمون في مجتمع نشأ فيه جيل من شبابه مهزوماً نفسيا ، وهو يرى قدوته في المطربين والممثلين والتافهين ، وحدث عن بنات المسلمين ولا حرج ، حدث عن الفاتنات المستكبرات ، أو الأمهات الفاسدات حدث عن الكاسيات العاريات ، فإذا منَّ الله عليه بالاستقامة يجد نظرات الناس تصده ، والظنون والأقاويل سياط تلهب ظهره ، ولا ندري هل يريدون لهم التسكع في الشوارع والطرقات ؟ هل يريدون أن يكون الإسلام مجرد حبراً على ورق ؟ أم أصبح الاعتصام بالله في نظرهم هذه الأيام جريمة لا تغتفر ؟ هل جاء الزمن الذي تكون فيه سُنة النبي صلى الله عليه وسلم عيباً يخدش الحياء مصيره الاستنكار و الاستهزاء ؟ وسببا من أسباب الازدراء؟ ولماذا أصبح حجاب المسلمة موضع اتهام ؟و كيف يكون خمارها وصمة عار في جبينها ؟

فإذا كان الاعتصام بالله تعالى دليلا على الإرهاب ، والالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عنوانا للتشدد والغلو ، ومقياسا للتخلف والتطرف والرجعية .
فليشهد الجميع أننا إرهابيون ..
فليشهد الجميع أننا متطرفون ، رجعيون.

الله أسعـــــدني بظـــل عقيـــــــدتي
أفيستطيـــــع الخلــــق أن يشقـوني
قالــــــوا كذبــا دعـــــوة رجعيـــــة
معـــــزولة عن قرنهـــا العشريـــن
رجعيــــة أنَّا نغــــــــار لديننــــــــا
ونقــــوم بالمفروض والمسنـــــون
رجعيـــــة أنّا نصـــون حريمنــــــا
بئس الحريـــم يكــون غير مصون
رجعيـــة أنّا نذرنـــــــا أنفسنــــــا
لله تحيـــــــــا لا لعيـــــــــش دون
رجعيـــــــــة أنّا نربي جندنــــــــا
للحـــق ، لا لتفاهـــــة و مجـــون
رجعيــــة أنّا الرســـول زعيمنـــا
لسنــــــا الذيول لماركس و لينين
رجعيـــة أن يحكـــم الإســـــــلام
في شعب يرى الإسلام أعظم دين
يا رب إن تــك هذه رجعيـــــــــة
فاحشرني رجعيـــــاً بيوم الديــن

السبت، 23 أكتوبر 2010

هجمات مصرية على القنوات السلفية

هجمات مصرية في الفضاء الإعلامي بقيادة وزير الإعلام المصري توقف بعض القنوات الدينية التي تمثل التيار السلفي في مصر .

فهل هي قرارات فردية اتخذت لتصحيح المسار كما زعم ، أم هي من التدخلات الأجنبية التي تمس كرامة المصريين إن كان هناك رصيد منها حتى الآن ؟
هل هي من قبيل المصادفة أن توقف قناة صفا ووصال لأنهم دافعوا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقاموا بفضح المرجعيات الشيعية المتخصصة في السب والقذف وقلة الأدب والحياء بعد هجوم الشيعي حسن نصر الله على مثل هذه الفضائيات ؟

هل هي من قبيل المصادفة أن توقف قناة الناس لأنها تخطت الحواجز في نقد الكنيسة المصرية والمطالبة بإطلاق سراح المسلمات الأسيرات منها ؟

ولماذا شمر وزير الإعلام المصري عن ساعديه وخص القنوات السلفية دون غيرها من الإنتماءات والأفكار ؟

ولكن يا سعادة وزير الإعلام اسمح لي أن أقول لك أخطائك أو أخطاء من أضلوك لكي تصدر مثل هذه القرارات الإجرامية :
1. تعدي على السيادة المصرية وانتهاك لكرامتها إن كنت نفذتها إرضاء لمن أمروك من الجهات الأجنبية التي يسوءها ويرعبها الصحوة الدينية التي يعيشها شباب مصر .
2. صد عن سبيل الله من خلال تجفيف منابع العلم ومحاولة لإطفاء نور الله ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ. الْكَافِرُونَ ) .
3. إرهاب إعلامي لتكميم الأفواه التي تقول الحق ولا تخشى في الله لومة لائم.
4. محاولة سخيفة لشغل الناس قبيل الإنتخابات حتى تنسى أسيرات الكنائس المصرية.
5. استفحال خط القنوات الشيعية التي لن تجد من يفضح مخططاتها ومنها التأثير على التكوين الداخلي والعقدي للشعب المصري.
6. انتشار الجهل وعدم وجود نجوم يقتدي بها الشباب وسيظل مثلهم المحبوب ( تامر وهيثم وأبوالليف) ، بعد أن كان الحويني وحسان ويعقوب حفظهم الله .
7. انتشار التطرف بين الشباب لغياب المرجعيات التي يثقون فيها من أجل تصويب أفكارهم بالدليل والبرهان.
فهل ما فعلته يحتاج إلى مدح وثناء أم إلى توبيخ ، في الحقيقة أنت تحتاج إلى أكثر من هذا ، أنت تحتاج إلى الإقالة لأنك غير مدرك لخطورة قراراتك المؤثرة على نسيج الشعب المصري ، وقنواتك تلبس ثياب الفضيلة وتنشر الرذيلة .

( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )

الخميس، 21 أكتوبر 2010

تأشيرات الحج ... وهل يجوز بيعها ؟؟


اقترب موسم الحج ، وتشوقت قلوب المؤمنين بالطواف ببيت الله الحرام والوقوف بعرفة ورمي الجمار ، وفي سبيل تحقيق هذا الحلم الجميل تفتقت أذهان البعض في اكتشاف طرق جديدة واختراع حيل رهيبة تمكنهم من تحطيم المستحيل الذي يقف أمامهم ويعوق وصولهم إلى تلك البقعة المقدسة ، وعلى الجانب الآخر استغل البعض قربه من بعض الشخصيات الهامة التي تملك استخراج مثل هذه التأشيرات ، ورأى أن من حقه التربح من جراء بيع هذه التأشيرات إلى المتلهفين شوقاً وحنيناً للأراضي الحجازية.

والحقيقة التي لابد أن يقتنع بها الجميع ، أن الله عز وجل شرط لإتمام هذا الركن الإستطاعة ، فمن عجز سقط عنه ولا يأثم ، لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين ) ، ولا شك أن القادر على الحج ماديا وصحياً ولا يمنعه مانع ثم يتخلف عن أداء هذه الفريضة فهو آثم إثماً عظيماً لا يكفره إلاّ الحج .

وغير القادر أو المستطيع ، فقد قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا ) ، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).

والسؤال الآن هل بيع التأشيرات للحج جائز شرعاً ؟

وهل التحايل على الدولة المنظمة للحج بغرض دخول أراضيها لأداء مناسك الحج على غير الصفة المسموح لي بدخولها جائز ؟

أولاً : لا يجوز الحصول على تأشيرة الحج بقصد الإتجار فيها ودفع مبالغ زهيدة في مقابل بيعها لمن يرغب بأسعار خيالية لأنها من عقود الكفالة والضمان، وقد حكي الإجماع على تحريم أخذ الأجرة على الضمان؛ لمنافاته مقصد الشرع في بذل المعروف .

ثانياً : من حصل على تأشيرة الحج بقصد الحج ثم اعتراه طارئ منعه من الحج ؛ فيردها للجهة المانحة لأن ملك التأشيرة ملك انتفاع فقط أي: من الحقوق التي تسمح الدولة للمواطن بالانتفاع بها بنفسه فقط، فإن احتاجها حُقَّ له أن ينتفع بها، وإلا ردَّها للجهة المانحة لها، فلا يسوغ لمن مُنح هذا الحقَّ أن يتصرف فيه تصرف الملاك ، وله الحق في الحصول على تكلفة التأشيرة كما غرمها صاحبها بغير زيادة .

ثالثاً : هي من باب أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن التأشيرات ليست محلاً للعقد؛ فليست بمالٍ متقوّم شرعاً، والمبيع لا بد أن يكون مالاً، أو حقًّا متعلقًا بمال.

رابعاً : أن هذا العمل مخالف للنظام الذي وضعته الدولة المنظمة ، والمسلم مطالب بطاعة ولي الأمر ما دام لم يخالف الشرع، ولم يأمر بمعصية، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.

خامساً : يقول الشيخ عبدالرحمن البراك : ( لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم ).

سادساً : ويزداد الأمر سوءا إذا كانت هذه التأشيرة قد أُصدرت بغرض معين مثل أن تعمل في موسم الحج (سائق ، جزار، عامل ) ثم تأخذ هذه التأشيرة ولا تعمل بها وتذهب للحج ، فهنا أنت تحايلت بالغش والخداع وأوقعت نفسك في ورطة أنت في غنى عنها بعد أن قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).فإذا كان ادائك للمناسك صحيحاً فلا شك أنك ستأثم لتحايلك وحصول على التأشيرة دون أن تؤدي العمل الموكل إليك.

لكن هناك حالة واحدة لا أظن صاحبها آثم وهو أن تأخذ تأشيرة مرور من السفارة السعودية وتكلفتها زهيدة للجميع حوالي 200ريال في البلد الخليجي ومدتها 3 أيام ذهاب و3 أيام إياب ، ثم تسير قاصدا الحج والعمرة ، فإن تم لك الأمر فالحمدلله ، وإن أحصرت ومنعت ، فقد حبسك العذر وبرئت ذمتك أمام الله .

السبت، 9 أكتوبر 2010

تعقيب على ردود الشيخ حسان فيما يتعلق بفتاوى الآثار


----------------------------

-----------------------------
هذا ما قاله بالصوت والصورة فضيلة الشيخ محمد حسان حول قضية بيع الآثار وتحطيم التماثيل ، وقبل الحديث مرة ثالثة حول هذه القضية ، أتذكر قول العلاَّمة ابن قيم الجوزية وهو يقول عن شيخه الهروي: (شيخ الإسلام حبيب إلى قلوبنا، ولكن الحق أحب إلينا منه)، لكي أقول للشيخ الحبيب محمد حسّان : ( يعلم الله عز وجل كم نحبك في الله ، لكنَّ اتباع الحق والدليل أحب إلينا منك ) ،ولقد جانبكم التوفيق في ردكم على ما نُسب إليكم من جواز الرجل بيع الكنز الذي وجد في أرضه ، وطمس صورتها إن كان تمثالاً ) إذ جاء بعيداً جداً عن المنهج العلمي الذي تحرصون دائماً على اتباعه وتدينون به الله عز وجل ، فقد أنكرتم ما هو ثابت عنكم بالصوت والصورة ، ثم أكدتم هذا الإنكار بقولكم بعدم جواز تحطيم التماثيل أن عمرو بن العاص وجيشه الفاتح لمصرنا بعد أن رأى الآثار ولم يحطمها وهم أغير الناس على تطبيق شرع الله عز وجل ، ولا أدري يا شيخنا الحبيب كيف تورطتم في هذا القول ورددتم به حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يأمر بطمس التماثيل وتحطيمها مثل :
1. ما رواه مسلم من طريق أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ).
2. مارواه مسلم من طريق عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : وبأي شيء ‏أرسلك ؟ قال : " أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك ‏به شيء ".

وما قولته يا شيخ محمد في معرض كلامك عن أولئك الذين هددوك ببلاغ النائب العام أنك تحمد لهم غيرتهم على ثروات مصر وتسأل الله ألا يجعلك أقل منهم غيرة ، فكلام لا يصدق !! وكيف يصدق وقد كنت تقول فينا : قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ).
فالغيرة هي ما كانت على دين الله عز وجل ، وليس على تراث لا قيمة شرعية من وراءه ، وما تقوله عن التراث الإنساني فكلام لا يعتد به ولا يلتفت إليه أصلاً ، فهل ترك النبي صلى الله عليه وسلم تراث قومه من تماثيل اللات والعزى وهبل ومناة وغيرها من الأصنام كانت تراثاً لمن يعبدها في قريش والجزيرة ، لما تركوا كفرهم ودخلوا في دين الله أفواجا، أفلم يكن جديراً (بدرة تاج الجنس البشري) أن يراعي حاجة قومه في وجود تراثهم ولا يحطمه.

أما حكاية أن عمرو بن العاص رأى أبا الهول وغيره من التماثيل الفرعونية ولم يحطمه ، فهو كلام مرسل لا دليل عليه، إذ يتطلب إثباته أن تكون هذه الآثار ظاهرة واضحة ولم تكن مطمورة مدفونة في باطن الأرض ، وأن يكون هناك دليل على وصول ورؤية عمرو بن العاص لها ، وقدرته على تحطيمها لكنه رفض حفاظاً على الحضارة الإنسانية.
ألم يكن من الأجدر سؤال أهل الذكر في الآثار الفرعونية وسؤالهم عن أزمنة اكتشاف مثل هذه الآثار ، بدلاً من تعطيل الأحكام الشرعية لمجرد الظن والإحتمالات ، لاسيما وأن الزركلي قد سئل (شبه جزيرة العرب 4/1188) عن الأهرام وأبي الهول ونحوها : " هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟ ؛ ‏فقال : كان أكثرها مغموراً بالرمال ، ولاسيما أبا الهول ".

ورحم الله تعالى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين لما سئل عن عدم تحطيم التماثيل الفرعونية وقت فتح مصر قال:

" لأن تلك التماثيل الفرعونية كانت مدفونة تحت الأرض عندما فتحت مصر ، وإنما أخرجت ونُبشت في القرون المتأخرة ، ومن المعلوم أنه كان في مصر وفي غيرها معابد كثيرة فهدمها المسلمون وحطموا الصور وكسروا الأخشاب والأحجار التي كهيئة الأصنام ، وقطعوا الأشجار وهدموا المعابد الشركية ، وأما الأهرام فإنها موجودة ولكن لم تكن تعظم وتعبد من دون الله ، وأيضا فإن هدمها يكلف كثيرا فليس في إمكان المسلمين في ذلك الزمان القدرة على هدمها بخلاف تماثيل بوذا الموجودة في الأفغان والتي قام بتحطيمها المسلمون في هذه الأشهر ، فإن تحطيمها قديما كان فيه صعوبة ، وقد قوي المسلمون بما أعطوا من الإمكانيات فحطموها حيث إنها تحت ولا يتهم وسيطرتهم ، كما حطم النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام التي كانت في مكة والطائف ونخلة وغيرها ".

وختاماً فإن الكنز الأثري لو وجد في أرضك فهو حقك وملكك ، حتى بنص القانون ففي المادة الثامنة : تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة عدا الأملاك الخاصة والأوقاف .

لكن التصرف فيه يحتاج إلى موافقة كتابية من الجهة المختصة كما جاء في المادة التاسعة من نفس القانون : وفى جميع الأحوال لا يجوز لحائز الأثر التصرف فيه إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من المجلس الأعلى للآثار وفق الإجراءات والشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير الثقافة وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الأثر خارج البلاد بأى صورة كانت وتسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الأثر وفقاً لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المنصوص عليها بهذا القانون.
وفى جميع الأحوال يكون للمجلس الأعلى للآثار أولوية الحصول على الأثر محل التصرف مقابل تعويض عادل ، كما يحق للمجلس استرداد القطع الأثرية التى لدى الحائزين أو الآثار المنتزعة من عناصر معمارية والموجودة لديهم مقابل تعويض عادل ".

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

خبر غريب || الشيخ محمد حسان: لم أصدر فتوى بتحطيم الآثار!!

يقول الخبر : المنشور في جريدة اليوم السابع

قال الداعية الإسلامى الشيخ محمد حسان، المشرف العام على قناة الرحمة، إنه لم يطالب بتحطيم الآثار أو إجازتها لأى شخص فى فتواه التى صدرت خلال مارس من العام الماضى بشأن بيع الآثار.
وأوضح حسان، فى بيان حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أنه لا يملك دليلاً يثبت أن عمرو بن العاص والصحابة الكرام - رضى الله عنهم - أمروا بتحطيم الآثار بعد الفتح الإسلامى بدليل وجودها إلى اليوم.
وأشار حسان إلى أنه أكد فى فتواه أن الآثار من الركاز التى أجمع عليها جمهور أهل العلم كأبى حنيفة ومالك وأحمد الشافعى وأبى يوسف وغيرهم، مشيرا إلى أنها حق الدولة ولا يجوز لأحد التصرف فيها سواء بالبيع أو الشراء أو بالتهريب والسرقة، وفى حالة أن الدولة رأت أن الآثار بجميع أشكالها وعبر جميع العصور التاريخية لا تندرج تحت الركاز، باعتبارها عملا إنسانيا وملكية عامة للدولة وللحضارة الإنسانية فلا يجوز لأحد أن يتاجر بها، وإن عثر على شىء منها يجب تسليمها للجهات الرسمية المختصة بالآثار.

---------------------------------------------------
لكن يا شيخ محمد بغض النظر عن الحضارة الإنسانية التي أستندت إليها في بيانك ، ينبغي أن أذكرك أنك قلت غير هذا الكلام ، وقلت بالحرف الواحد أن التمثال لابد وأن يطمس أولاً ، ولست متجنياً عليك يا فضيلة الشيخ حين أقول أنك متناقض في كلامك ؛ ففتواك بالصوت والصورة على عكس ما جاء في بيانك المنشور في اليوم السابع .
بل كل من توقع رد فعلك على بلاغ هؤلاء الصحفيين للنائب العام ضدك بسبب الفتوى كان يظن أنك سترد بكل قوة وتفند المسألة بالدليل والبرهان ، ولم نتصور أن مجموعة من (.....) ستخفيك لدرجة أنك لم تتراجع عن فتواك بل أنكرت أصلاً أنك قولتها .



قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ )

وبخصوص المسألة محل الفتوى ، فينبغي الحديث قبل الحكم الشرعي على ما يلي :

أولاً : كيفية وطريقة العثور عليه ؟
فلو كان البحث عن الكنز داخل أرضك بواسطة السحرة والدجالين والكهان فلا يجوز لك أبداً فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،

ثانياً : معرفة نوع وزمن الكنز:

لو عثرت عليه بمحض الصدفة عن طريق حفر أساس أو بئر أو غير ذلك ثم عثرت على الكنز، فينبغي عليك أن تفرق بين أمرين هل الكنز من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة فيبحث فيها عن علامات تبين الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها ، فلو عرفت أنها تخص عصراً جاهلياً أو قبل الإسلام فهي لك ثم أخرج الخمس زكاة عنه ، وتُخرج الخمس زكاة عنها ، ففي هذه الحال يلزم التصدق بخمسه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فِي الرِّكَازِ : الْخُمْسُ ) رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام : "مجموع الفتاوى" اتفقوا على أنَّ في الركاز الخمس ، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والركاز الذي لا ريب فيه : هو دفن الجاهلية ، وهي الكنوز المدفونة في الأرض ".
وإن رأيت ما يدل على أسلمة الكنز وأنه ينتمي للعصر الإسلامي ، أو لم تر عليه علامة مميزة ؛ فهو لُقطة تعرفها لمدة عام ، ثم تنتفع بها إن لم يأت أحد لها ،ولو جاءك في أي وقت صاحبها وعرَّفها لك فينبغي عليك أن تؤدي الأمانة له. لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق ؟ فقال : ( اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف ، فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه ) ، وسأله عن الشاة ؟ فقال : ( خذها ، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب )، وسئل عن ضالة الإبل ، فقال : ( مالك ولها ؟! معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها ) متفق عليه .

ولو كان هذا الكنز أثراً مجسماً لروح ( إنسان أو حيوان) فلا يحق لك أبداً أن تنتفع به إلاَّ بعدأن تطمس ملامحه الدالة على روحه ، لما رواه مسلم في كتاب الجنائز من طريق أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : ألاأَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالا إِلا طَمَسْتَهُ ولا قَبْرًا مشرفاً إلا سويته.فلو لم يكن مجسما لإنسان أو حيوان ، كورقة بردية أو لوح منقوش أو تابوت مذهب أو غيرها من الأثار ، جاز لك أن ترفع أمرها إلى الجهة المختصة لتحصل على مكافئتك أو التعويض العادل لك.

ثالثاً : واجب الدولة :

يجب على الدولة هنا من خلال الجهة المختصة أن تعوّض صاحب الأثر وتدفع له ، في مقابل انتفاعها له ، مثل ما تفعله الدولة في اقتطاع المباني والأراضي من أجل توسيع الطرق وغيره ، كما جاء في المادة التاسعة من قانون حماية الآثار الجديد : (لا يجوز لحائز الأثر التصرف فيه إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من المجلس الأعلى للآثار وفق الإجراءات والشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير الثقافة وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الأثر خارج البلاد بأى صورة كانت وتسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الأثر وفقاً لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المنصوص عليها بهذا القانون.
وفى جميع الأحوال يكون للمجلس الأعلى للآثار أولوية الحصول على الأثر محل التصرف
مقابل تعويض عادل ، كما يحق للمجلس استرداد القطع الأثرية التى لدى الحائزين أو الآثار المنتزعة من عناصر معمارية والموجودة لديهم مقابل تعويض عادل ".
وفي المادة الرابعة والعشرين : (على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية فوراً وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا اعتبر حائزاً لأثر بدون ترخيص ، وعلى السلطة المذكورة إخطار المجلس بذلك فوراً ويصبح الأثر ملكاً للدولة، وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة ).
فإذا تضررت من قيمة التعويض فلك الحق أن تقاضي اللجنة التي قدرت لك هذا المبلغ في مدة شهرين ويسقط حقك في الدعوى إذا لم ترفع في خلال سنة ، كما جاء في المادة رقم 25 وتتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليها ، ولذوو الشأن التظلم من تقدير اللجنة إلى الوزير خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغهم بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بقيمة التعويض الذى قدرته اللجنة وإلا أصبح التقدير نهائياً ، وفى جميع الأحوال تسقط دعوى التعويض إذا لم ترفع خلال سنة من تاريخ صيرورة التقدير نهائياً
).

هذا بالنسبة للأثر ، أما كنز الذهب والفضة فلك حق التصرف فيها .

أما الحديث عن الإنسانية فكان من الأولى على المتشدقين بها أن يتكلموا عن إنسانية قطع الكهرباء وإنسانية العلاج الحكومي للفقراء ، وإنسانية أقسام الشرطة ، أما (إنسانية التماثيل) فتذكرني ، بالممثلة برجيت باردو ،ملكة افلام الحب والاغراء في ستينيات القرن الفائت لما قامت بحملة انتقاد شديدة ضد ذبح الخرفان اثناء مواسم الحج ،وتطرقت في حملتها إلى درجة المطالبة بالغاء العيد الاسلامي ، فهل استجاب لها أحد أو اهتم بكلامها !!

ويذكرني أيضا بقيام عدد من الجمعيات الحقوقية والإنسانية والمدنية باستنكار تطبيق حد الرجم على الزناة طبقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية لمّا قامت حركة طالبان وقت أن كانت هي الحكومة بتطبيق حد الرجم على اثنين من الزناة في العقد الثالث بمدينة "قندوز" ، فهل تجرأ أحد ليطالب الدول المسلمة بتغيير حدود الله عز وجل .

وتذكرني أيضا بموقف العالم المتحضر والأمم المتحدة تجاه تحطيم تماثيل بوذا التي دمرتها طالبان منذ عشر سنوات تقريباً.
لذا فليس غريباً إذن على مجموعة من العاطلين لم تجد ما تشغل بها وقتها ، فأرادت أن تشغلنا معهم بتفاهة فكرتهم ، فهل خلت مكاتبهم إن كان لهم مكاتب أصلاً من قضايا الطلاق والخلع حتى يدخلوا التاريخ وينالوا الشهرة من بوابة الدين والدعاة ؟ وهل أصبح تنفيذ أحكام الشريعة مقترناً بموافقتها للقوانين ، أم أن العكس هو الصحيح !!
---------------------------------------------------
كان هذا المقال بسبب بيان الشيخ الموزع والتي حصلت اليوم السابع على نسخة منه ، وجاء في جريدة الشروق أن شقيق الشيخ صرح أن الفتوى محرفة وأن الشيخ سيتحدث في الموضوع يوم السبت ، ولعل التحريف يكون في البيان وليس في الفتوى.

الخميس، 7 أكتوبر 2010

مع حسان لتحطيم التماثيل والأوثان






هذه هي الفتوى التي أرقت مضاجع الصحفيين المصريين والتي بكوا فيها أو تباكوا على أثار مصر ، وهاجم عدد منهم على الموقع الاجتماعي الشهير (فيسبوك) الشيخ محمد حسان، واتهموه بالتحريض على طمس الأثار المصرية، كما لم يخجل عدد كبير منهم وهم يوقعون على بيان بعنوان "إنقاذ آثار مصر من فتوى حسان".

وصرح بعضهم أنهم سيقاضون حسان ولن يكفوا عن تقديم البلاغات لإنقاذ الآثار المصرية من هذه الفتوى المدمرة ، وتساءلت إحدى الباحثات "لمصلحة من اغتصاب الذاكرة؟ ولمصلحة من العمل على ضياع التاريخ الذي هو جذورنا؟

ورأى أحدهم وهو الصحفي ياسر الزيات أن فتوى الشيخ حسان "تفتح الباب واسعًا أمام تدمير تاريخنا العريق وبيعه لكل من هب ودب، بعد أن أصبح مالها حلالاً على يد الشيخ حسان، معتبراً أن هذه الفتوى مدمرة وتهدم الاقتصاد بعد أن هدم هؤلاء المشايخ العقول" على حد ادعائه.

والسؤال : هل هذه الفتوى من الأهمية التي تجعل صحفيي مصر يغضبون ويهيجون من أجلها ، وأين كانت هذه الغضبة وهذه الحمية لما سُبت أمنا عائشة ؟

أين كانت حماستهم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسبون ويلعنون على مرأى ومسمع من الجميع ؟

أين هذه الغيرة على تاريخ مصر وهو يدمر على يد الشيخ حسان كما يكذبون والقساوسة يهددون بحرق المصحف ؟

أين كانوا ؟ هم كانوا ولا يزالون يغطون في سبات عميق.


لذا فبلاغهم التافه المزمع تقديمه ، سلة المهملات أولى به ، أما الفتوى التي لم تعجبهم ، فياليتهم ثم ياليتهم يقفون جميعاً على صعيد واحد ، ثم يختارون حائطاً صلباً ، ويضربون رؤسهم جميعاُ في الحائط ، فمثل هؤلاء اهمالهم أشد من الاهتمام بهم ونصحهم ، هؤلاء لا يريدون دليلاً ليفهموه ، ولا يريدون قاعدة ليناقشوها ، هؤلاء لا هم لهم إلا تشويه صورة الدعاة والعلماء ، والتحريض ضد القنوات الدينية التي يزعمون أنها تدمر العقول ، وعميت بصائرهم عن قنوات المجون والعهر فلم يتكلموا عنها وشلت أيديهم فلم يكتبوا ضدها ، هؤلاء أفضل مواجهة معهم هو أن تهملهم ، فإن أصروا إلاًّ الكلام ، فلا يسمعون منك إلاّ ما يليق بفكرهم وألفاظهم.

وأظن أن الشيخ حسان لضيق الوقت لم يستعرض الأدلة ولم يبين الحكم كاملاً ، وإلا فعلى من يجد هذه الكنوز الذهبية في منزله وباعها وقبض ثمنها ، فعليه فيها زكاة لابد وأن توفى وهي الخمس.


الاثنين، 4 أكتوبر 2010

لا تخن من خانك !!


ما أكثر المعاملات التي تحدث بين الناس في زماننا هذا ، وهي أبعد ما تكون عن الحلال الذي ينشده كل من سلمت فطرته ورغب في الرزق الطيب المبارك فيه ، ولا يخلو مكان ولا زمان من الأمثلة التي يقف فيها أصحابها موقفاً لا يحسدون عليه ، فيجدون أنفسهم بين مطرقة الظلم وسندان الحق ، وتأخذهم الليالي الطويلة يفكرون ، هل لهم الحق في أخذ حقوقهم من الغاصبين دون علمهم ، منهم من يحسم أمره ويفوضه إلى الله تعالى ، ومنهم من يقرر المضي قدماً في طريق استرداد الحق المغصوب .
فمع من يكون الحق إذن ؟

وهل يحل لأحد أخذ حقه من الغاصب دون علمه ؟


( لا تخن من خانك ) كان هذا هو جواب النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله : (أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا . أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُونَ ؟ فَقَالَ : لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك . وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برد الأمانة إلى صاحبها ، ونهى عن خيانة من خان .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (30/372) :
"وَأَمَّا إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ . فَهَلْ يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ فَهَذَا نَوْعَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا لا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ مِثْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَاسْتِحْقَاقِ الضَّيْفِ الضِّيَافَةَ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ ، فَهُنَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِلَا رَيْبٍ ; كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ( أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ . فَقَالَ : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ ) . فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ . وَهَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَالُهُ غَصْبًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ فَأَخَذَ الْمَغْصُوبَ أَوْ نَظِيرَهُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ . وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي : أَلا يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا . مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَحَدَ دَيْنَهُ أَوْ جَحَدَ الْغَصْبَ وَلا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي . فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ : أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد . وَالثَّانِي : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .
ومَنْ مَنَعَ الأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) ، وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ ؟ قَالَ : ( لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ ظَاهِرًا وأَخْذُهُ خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ ; لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا .
وَذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمَةُ الْجِنْسِ . فَلا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ بِهَا . . . وَالْخِيَانَةُ مِنْ جِنْسِ الْكَذِبِ . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا لَيْسَ بِخِيَانَةِ ; بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ . وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خِيَانَةِ مَنْ خَانَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لا يَسْتَحِقُّ . قِيلَ هَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ : ( أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا . أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُونَ ؟ فَقَالَ : لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك . وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . أي : أَنَّك لا تُقَابِلُهُ عَلَى خِيَانَتِهِ فَتَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِك . الثَّالِثُ : أَنَّ كَوْنَ هَذَا خِيَانَةً لا رَيْبَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي جَوَازِهِ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ ; فَإِنَّ الأُمُورَ مِنْهَا مَا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْمَالِ . وَمِنْهَا مَا لا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْفَوَاحِشِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَلَمَّا قَالَ هَاهُنَا : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) عُلِمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ بِالْمِثْلِ .

وعلى هذا التفصيل السابق فلا يحل لعامل له حق في عمله وحُبس عنه راتبه لفترة أن يأخذ من عمله دون علم صاحبه ، مع التنبيه أن الإمتناع عن صرف رواتب العمال في مواعيد استحقاقها إثم كبير سيعاقب عليه صاحب قراره لاسيما لو كان هذا القرار قد شابه الظلم والعنت ، لكن ليس هذا مبرر لكي يأكل المحصل والمندوب وأمين الخزينة وكل من كان له علاقة بالمال وتحت أمانته من هذا المال على ذمة مستحقاته ، ومثل هؤلاء يقال لهم ، لا تخن من خانك .

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة