الاسلام سؤال وجواب

الخميس، 21 أكتوبر 2010

تأشيرات الحج ... وهل يجوز بيعها ؟؟


اقترب موسم الحج ، وتشوقت قلوب المؤمنين بالطواف ببيت الله الحرام والوقوف بعرفة ورمي الجمار ، وفي سبيل تحقيق هذا الحلم الجميل تفتقت أذهان البعض في اكتشاف طرق جديدة واختراع حيل رهيبة تمكنهم من تحطيم المستحيل الذي يقف أمامهم ويعوق وصولهم إلى تلك البقعة المقدسة ، وعلى الجانب الآخر استغل البعض قربه من بعض الشخصيات الهامة التي تملك استخراج مثل هذه التأشيرات ، ورأى أن من حقه التربح من جراء بيع هذه التأشيرات إلى المتلهفين شوقاً وحنيناً للأراضي الحجازية.

والحقيقة التي لابد أن يقتنع بها الجميع ، أن الله عز وجل شرط لإتمام هذا الركن الإستطاعة ، فمن عجز سقط عنه ولا يأثم ، لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين ) ، ولا شك أن القادر على الحج ماديا وصحياً ولا يمنعه مانع ثم يتخلف عن أداء هذه الفريضة فهو آثم إثماً عظيماً لا يكفره إلاّ الحج .

وغير القادر أو المستطيع ، فقد قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا ) ، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).

والسؤال الآن هل بيع التأشيرات للحج جائز شرعاً ؟

وهل التحايل على الدولة المنظمة للحج بغرض دخول أراضيها لأداء مناسك الحج على غير الصفة المسموح لي بدخولها جائز ؟

أولاً : لا يجوز الحصول على تأشيرة الحج بقصد الإتجار فيها ودفع مبالغ زهيدة في مقابل بيعها لمن يرغب بأسعار خيالية لأنها من عقود الكفالة والضمان، وقد حكي الإجماع على تحريم أخذ الأجرة على الضمان؛ لمنافاته مقصد الشرع في بذل المعروف .

ثانياً : من حصل على تأشيرة الحج بقصد الحج ثم اعتراه طارئ منعه من الحج ؛ فيردها للجهة المانحة لأن ملك التأشيرة ملك انتفاع فقط أي: من الحقوق التي تسمح الدولة للمواطن بالانتفاع بها بنفسه فقط، فإن احتاجها حُقَّ له أن ينتفع بها، وإلا ردَّها للجهة المانحة لها، فلا يسوغ لمن مُنح هذا الحقَّ أن يتصرف فيه تصرف الملاك ، وله الحق في الحصول على تكلفة التأشيرة كما غرمها صاحبها بغير زيادة .

ثالثاً : هي من باب أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن التأشيرات ليست محلاً للعقد؛ فليست بمالٍ متقوّم شرعاً، والمبيع لا بد أن يكون مالاً، أو حقًّا متعلقًا بمال.

رابعاً : أن هذا العمل مخالف للنظام الذي وضعته الدولة المنظمة ، والمسلم مطالب بطاعة ولي الأمر ما دام لم يخالف الشرع، ولم يأمر بمعصية، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.

خامساً : يقول الشيخ عبدالرحمن البراك : ( لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم ).

سادساً : ويزداد الأمر سوءا إذا كانت هذه التأشيرة قد أُصدرت بغرض معين مثل أن تعمل في موسم الحج (سائق ، جزار، عامل ) ثم تأخذ هذه التأشيرة ولا تعمل بها وتذهب للحج ، فهنا أنت تحايلت بالغش والخداع وأوقعت نفسك في ورطة أنت في غنى عنها بعد أن قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).فإذا كان ادائك للمناسك صحيحاً فلا شك أنك ستأثم لتحايلك وحصول على التأشيرة دون أن تؤدي العمل الموكل إليك.

لكن هناك حالة واحدة لا أظن صاحبها آثم وهو أن تأخذ تأشيرة مرور من السفارة السعودية وتكلفتها زهيدة للجميع حوالي 200ريال في البلد الخليجي ومدتها 3 أيام ذهاب و3 أيام إياب ، ثم تسير قاصدا الحج والعمرة ، فإن تم لك الأمر فالحمدلله ، وإن أحصرت ومنعت ، فقد حبسك العذر وبرئت ذمتك أمام الله .

هناك تعليقان (2):

Hossam Moussa يقول...

السلام عليك يا شيخى العزيز
ولكى تتم الفائدة - ارجو التوضيح
هل حصول الشخص على تأشيرة عن طريق ارسال دعوة له من شخص يقيم فى المملكة بغرض ان يتمكن من التواجد فى المملكة فى ايام الحج ثم يقوم بالسير مع احدى القوافل لاداء مناسك الحج - هل هذا يندرج تحت النوع الاخير الذى ذكرته مع العلم بأنه لم يقم بدفع الا تكاليف استخراج الدعوة فقط

مدونة وليد يوسف يقول...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الحبيب حسام ، وبخصوص استفسارك حفظك الله ، فهو ما قلت إن شاء الله تعالى ،ويتوافق مع الحالة الأخيرة التي ذكرتها ، لأنهما في الحالتين ، يدخلان البلد بطريقة سليمة ومشروعة ، ويتبقى فقط أداء المناسك على من سُمح له بأداءها، وإن مُنعا ووجدا طريقة أخرى لم يؤذن لهما فيها ، فالحج الصحيح ، ولكن يأثمان بمالمخالفة المذكورة، ولعلي استزيدك في هذه المسألة واسأل الشيخ أشرف عبدالمقصود وسأوافيك بالجديد بإذن الله تعالى.

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة