الاسلام سؤال وجواب

الاثنين، 30 أغسطس 2010

إن مع العسر يسرا

هل ضاق بك صدرك ودارت بك الدنيا لهَم قد أصابك ؟
هل شعرت يوماً بالوحدة والغربة وأن لا أحد يريدك ؟
هل تشعر بخيبة أمل في أمور كثيرة كنت تتوقع فيها التفوق ففشلت؟
هل أسودت الدنيا أمام عينيك لإخفاقك في صفقات أبرمتها وأنت متأكد من نجاحها ؟
هل تأملت الواقع الذي تعيشه فرأيت الدنيا قد أدارت ظهرها لك وارتمت في أحضان الأغنى بماله والأشرف بحسبه ونسبه والأقوى بمنصبه وسلطانه ؟
هل تمنيتي زوجاً طيباً حنوناً فلم يأت حتى الظالم القاسي ؟
هل حلمت بإنجاب الولد فحرمت من البنت قبل الولد ؟
هل أنت واحد من هؤلاء ؟
إذن : لا تيأس ، لا تحزن ، لا تجزع ، لا تغتم .
{ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } .
أيها الأخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفاضلات ، كثيرا ما يبتلى الواحد منّا في أهله ، فيصاب لديه أعز الناس أو حتى يفقده ، كثيراً ما تجتمع علينا الهموم نتيجة قلة المال أو كثرة الديون ، كثيراً ما يتعرض الواحد منّا لأمراض شديدة وتمر عليه أوقات عصيبة ، فما هو المطلوب منّا وقتها ، وكيف نتغلب على الأزمة ونقاومها في حينها ، كيف نتعلم أن الحياة بحلوها ومرها ، خيرها وشرها قد خلقها الله عز وجل وقدرها ، ولن يغير من مقادير الله شيئاً من الحزن أو البكاء بل ربما يكونان سبباً رئيسيا في هزيمتنا النفسية التي قد تدفعنا إلى ارتكاب حماقات نظن وقتها أننا في منأى عنها أو مستحيل أن نفعلها لكننا تحت وطأة الأزمة نفعلها فمنَّا من يأس من رحمة الله ، ومنَّا من أكتئب في حياته ودنياه ، وبعضنا لا يستحي فيشتكي من الله بدلاً من أن يبث إليه همومه وشكواه .
إننا اليوم نريد أن نتعلم أنا وأنت كيف نقاوم مصائبنا ونتغلب عليها ، ليس هذا فحسب بل وكيف نكتشف السعادة في أزماتنا .
ولن يتحقق لنا هذا إلا إذا آمنا حق الإيمان بقضاء الله وقدره ، فتعالوا بنا نعرف أولا ما هو القضاء وما هو القدر حتى يسهل علينا الفهم ويتضح الموضوع ، أما القضاء لغة فهو: الحكم ، ولعلكم تلاحظون المصطلحات القانونية مثل القاضي والقضية ودار القضاء ، وهي كلمات اشتقت من القضاء وتدور معانيها حول الحكم أيضاً فالقاضي يعني الحاكم أو الحكم ، والقضية تعني موضوع الحكم ، ودار القضاء هي المحكمة التي تنظر في القضية برمتها ، أما مفهوم القضاء الشرعي أيها الأحبة : هو ما حكم به الله سبحانه من أمور خلقه وأوجده في الواقع . والقدر: هو ما قدره الله سبحانه من أمور خلقه ولكن في علمه. فالفرق إذن بين القضاء والقدر أيها الأحبة هو الفرق بين الواقع الذي حدث وبين المتوقع حدوثه ، فأنت مثلا على سبيل المثال كان مقدراً لك وأنت في رحم أمك نطفة أنه سيحدث لك أشياء زواج ، طلاق ، عمل ، فصل ، حادث ، نجاة فهذا يسمى قدر الله ولا يعلمه أحد إلا الله ، لكن ما أن يحدث فعلا ويصبح واقعاً فإنه يسمى قضاء .
ولا يحق لنا أيها الأحبة بناء على التعريف والمفهوم أن نحتج بالقضاء والقدر على معاصينا أو مصائبنا ، فأنت إذا كنت بين طريقين طريق يؤدي بك إلى السلامة وطريق يؤدي بك إلى الندامة ، وأنت تقف بينهما على سبيل الاختيار والمفاضلة ليس أمامك من يمنعك من سلوك هذا الطريق أو ذاك ، فما بالك تسلك الطريق الخطأ ثم تقول هذا قدري ، أفلا يليق بك أن تسلك طريق الصواب وتقول هذا قدرك أيضاً ، فالإنسان المدخن مثلاً إذا قلت له لا تدخن فيقول لك هذا قدري هذا نصيبي ولو أراد الله عز وجل لي أن أمتنع فسأمتنع ، نقول له يا هذا لماذا لا تمتنع الآن عن التدخين ويكون ذلك هو قدرك أيضاً ، لماذا تحتج بالقدر على خطأك ولا تحتج به في الطاعة .
لذلك قرر أهل السنة في عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره ما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته فلن تستطيع أن تختار أو تفعل شيئا يعجز الله عز وجل فكل أفعالك في حدود المسموح بها للبشر ، قال تعالى ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا‏,‏ لا تنفذون إلا بسلطان‏ )
‏ وبعد أن تعرفنا على معنى القضاء والقدر تعالوا نتعرف أيها الأحبة على مراتبهما عند أهل السنة ، فهي أربعة مراتب :
المرتبة الأولى ‏:‏
العلم وهي أن يؤمن الإنسان إيمانا جازما بأن الله تعالى بكل شيء عليم وأنه يعلم ما في السماوات والأرض جملة وتفصيلاً سواء كان ذلك من فعله أو من فعل مخلوقاته وأنه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء ‏.‏
المرتبة الثانية ‏:‏ الكتابة وهى أن الله تبارك وتعالى كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء‏.‏ وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ‏}‏ ‏[‏الحج ‏:‏70‏]‏ فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب أي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال رب ماذا اكتب ‏؟‏ قال اكتب ما هو كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة‏)‏ ‏(4)‏‏.‏
المرتبة الثالثة ‏:‏ المشيئة وهي أن الله تبارك وتعالى شاء لكل موجود أو معدوم في السماوات أو في الأرض فما وجد موجود إلا بمشيئة الله تعالى وما عدم معدوم إلا بمشيئة الله تعالى وهذا ظاهر في القرآن الكريم وقد أثبت الله تعالى مشيئته في فعله ومشيئته في فعل العباد فقال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏ التكوير ‏:‏ 28، 29 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏ 112 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‏}‏ ‏[‏ البقرة ‏:‏ 253 ‏]‏ ‏.‏ فبين الله تعالى أن فعل الناس كائن بمشيئته وأما فعله تعالى فكثير قال تعالى ‏{‏وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏13‏]‏ وقوله ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً‏}‏ ‏[‏ هود 118‏]‏ إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامة لكل موجود أو معدوم فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ولا يمكن أن يقع شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى ‏.‏
المرتبة الرابعة ‏:‏ الخلق أي أن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء فما من موجود في السماوات والأرض إلا الله خالقه حتى الموت يخلقه الله تبارك وتعالى يقول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً‏}‏ ‏[‏الملك ‏:‏ 2‏]‏ فكل شيء في السماوات أو في الأرض فإن الله تعالى خالقه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى .

لكن القدر أيها الأحبة قد انقسمت فيه الأمة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام ‏:‏

قسم ‏:‏ سلب العبد قدرته واختياره وزعموا أن لا يملك شيئاً من قدرته وإراداته وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين فعل العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره ‏.‏ ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن هناك فرق بين فعل الإنسان الاختياري وبين فعله الإجباري‏ .‏ فالإنسان قد ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف أنه مختار ولكنه يدفع من أعلى فيسقط هاوياً من السطح لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك ‏.‏ وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه‏ ) .‏ فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل مع أن الفعل وقع من المخلوق ‏.‏
القسم الثاني ‏:‏ غلا في إثبات قدرة العبد واختياره حتى نفوا أن يكون الله تعالى مشيئة أو اختيار أو خلق فيما يفعله العبد وزعموا أن العبد مستقل بعمله حتى غلا طائفة منهم فقالوا إن الله تعالى لا يعلم بما يفعله العباد إلا بعد أن يقع منهم وهؤلاء أيضا غلوا وتطرفوا تطرفا عظيما في إثبات قدرة العبد واختياره ‏.‏
القسم الثالث ‏:‏ وهم الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة ، إذ سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين ‏:‏
القسم الأول ‏:‏ ما يجريه الله تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وإنبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيها اختيار وليس لأحد فيها مشيئة فالمشيئة هنا لله الواحد القهار ‏.‏
وهنا أيضاً أحب أن ألفت أنظار حضراتكم إلى الخطأ الرهيب لبعض من يذهب إلى الدجالين والعرافين بل وإلى الأضرحة والأولياء والمشاهد طمعا في الشفاء أو الزواج أو كشف الضر والهم فكل هذا ينافي التوحيد الذي نادى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
القسم الثاني‏:‏ ما تفعله الخلائق كلها فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها وإرادتهم لأن الله تعالى جعل ذلك إليهم ، قال الله تعالى ‏:‏‏ ( لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ‏ ) ‏[‏التكوير ‏:‏28‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ‏)‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 152‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ‏)‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 29‏]‏ .
وبعد أن عرفنا معنى القضاء والقدر ومراتبهما وأهمية إيماننا بهما إيماناً جازماً ، وتعلمنا كيف نؤمن بالقضاء والقدر على الوجه الصحيح ، فكيف نواجه أقدارنا وأزماتنا .
إننا تعودنا من خلال الثقافة التي ورثناها والخبرة التي اكتسبناها أن تكون ردود أفعالنا حين نقع في المصائب والكوارث مع ما تعلمناه ورأيناه على شاشات التلفزيون ، فلا يجد أي مخرج مخرجاً يعالج به هموم بطله إلا أن يدخله في أوكار المخدارت أو يجعله يراقص الراقصات ، أو يجعله يهيم في الشوارع على وجهه لا يدري من أين يأتي وإلى أين يذهب ، وهذه الثقافة أيها الأحبة ينبغي أن تتغير من سلوكياتنا وتختفي من حياتنا ولن يأتي هذا إلا إذا سألنا أنفسنا ، كيف نواجه الحزن ؟ولماذا أحزن واغتم ؟ هل سبب حزنك المرض مثلا :
• فاعلم إذن يا من ابتليت بالمرض أنه لك خير قال صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً : { من يرد الله به خيراً يصب منه }.. فلا تحزن هذا المرض عاقبته الشفاء بإذن الله تعالى قال الله جل وعلا: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين } [الشعراء:80]. بل إن شدة مرضك دلالة على إيمانك الصلب ، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يُبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاءً وإن كان في دينه رقَّة ـ يعني ضعف ـ ابتُلي على قدر دينه وما يزال البلاء ينـزل بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) .
• أيكون سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة ارتكبتها ، لا تيأس وتأمل خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر:53].
• أيكون سبب حزنك ظلم حلّ بك من ظالم وما أكثر الظالمين في حياتنا ، لا تيأس فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلان والذل. قال تعالى: (وَاللّهُ لاً يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم: { وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين}.
• أيكون سبب حزنك الفقر والحاجة ، فاصبر وأبشر.. قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [البقرة:155]. و‏روى الترمذي وحسنه الألباني من حديث علي، رضي الله عنه، أن مكاتبًا جاءه ، فقال‏:‏ إني عجزت عن كتابتي‏.‏ فأعني‏.‏ قال‏:‏ ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل دينا أداه الله عنك‏؟‏ قل‏:‏ ( اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك )
• أيكون سبب حزنك حرمانك من الولد، فلست أول من يعدم الولد، ولست مسئولا عن خلقه. قال تعالى: { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً} [الشورى:50،49]. وأدعو ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة أنك سميع الدعاء ) (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ) ، واسأل نفسك وتحدث مع زوجتك ؟ هل أنت أو هي من شاء العقم؟ أم الله الذي جعلكما بمشيئته كذلك ! وهل لك أن تعترض على حكم الله ومشيئته ! أو هل لزوجتك أو أهلها أن يلومك على ذلك.. إنهن إن فعلن فهن يعترضن على الله لا عليك ويعقبون على لحكم الله لا عليك . بل لو تأملت قليلا وتدبرت القرآن لسكنت نفسك فربما كانت الحكمة من عدم إنجابك أنه بسبب صلاحك لم يرد الله عز وجل أن تعذب بعقوق ولدك أو ظلمه كما في قصة موسى والخضر لما استنكر سيدنا موسى عليه السلام قتله للغلام فقال ( أقتلت نفساً زكية ) رد عليه الخضر فقال (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا )
• أيكون سبب حزنك الفقر وضيق ذات اليد ، لا تحزن ، وقل مع القائل :
وكيـف أخاف الفقر والله رازقي *** ورازق هذا الخلق في العسر واليـســــــــر
تكفل بالأرزاق للخلق كلــــــــهم *** وللوحش في الصحراء والحوت في البحر
لكن الذي ينبغي علينا أن نفعله عند وقع البلاء ، وأول شيء حري بنا أن نفكر فيه أن هذا هو حكم الله عز وجل علي ، فينبغي أن أرضى بما كتبه الله تبارك وتعالى هذا الرضى يعني أنني لا أسخط على ما ابتلاني الله به تضمن حب الله عز وجل ورضاه ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كما روى الترمذي وحسنه الألباني : ( إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط ) ، ثم عوّد نفسك أن يكون شعارك عند وقوع البلاء أي بلاء : إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها.. اهتف بهذه الكلمات عند أول صدمة.. تنقلب في حقك البلية.. نعمة.. والمحنة منحة.. والهلكة عطاء وبركة ! فقط تأمل هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155-157]. فبقولك إنا لله وإنا إليه راجعون تستحق فورا صلوات الله عز وجل ورحمته ليس هذا فحسب بل يبنى لك بيتاً في الجنة عند قولك الحمد لله في المصيبة والبلاء ، فقد روى الترمذي وحسنه والألباني من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ) استرجع عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعند المرض والمصيبة.. وأبشر بالرحمة من الله وحده !
لا تقلق : المريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد.. { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } [الشرح:6،5].
لا تحزن .. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال.. { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [الحديد20].
فلا تحزن ولا تيأس ولا تقلق ولا تجزع ؟

{ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }

الأحد، 29 أغسطس 2010

رسالة إلى الشيخ محمد حسان !!

إن الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل لابد وأن يتلون بإستراتيجية ويتأثر بمنهج كل فريق ، وأهل الحق يقارعون الحجة بالحجة والدليل بالدليل ، كما أن هدفهم هو نصرة الحق والدفاع عنه ، لكن أهل الباطل يحاولون الظفر بالمعركة بعد شخصنة القضية ، ويستغلون ألاعيبهم ومكائدهم في الصد عن هؤلاء الذين اختارهم الله ليسيروا في طريق الحق ، بعد أن يشوهون صورة أنصار هذا الفريق في عيون أتباعه ومحبيه فيفقد ثقتهم وتتناثر حبات العقد الواحدة تلو الأخرى حتى يجد صاحب الحق نفسه غريبا بين أهله بل ومتهم في شرفه وأخلاقه وطهارته.
هذا مخلص ما يحدث الآن للداعية الكبير محمد حسَّان سدده الله ، على يد بعض المرتزقة من أصحاب الأقلام السوداء التي تستمد حبرها من سواد قلبها وحقدها على كل ما هو دين ، وتستمر المحاولات القذرة للنيل من هذا الشيخ الذي اشتهر في الأوساط العامة والخاصة بالإعتدال والوسطية ، بأن استغلوا حكاية سخيفة لمريضة نفسياً بشهادة أخيها ، اتهمت ابن الشيخ بأنه قد أجهضها مرتين بعد زواجها عرفيا منه وهذه أيضا ثبتت كذبها بواسطة الطب الشرعي ، وأقفل المحضر وبُرئ الإبن من هذه التهمة . فهل أغلق الموضوع عند هذا الحد ، بالطبع لا فشياطين الإنس الذين لم يسلسلوا في رمضان حاولوا أن ينالوا من شرف الشيخ حسان بهذه الواقعة المكذوبة ، وتشويه سمعته وعائلته لأنه هو المقصود .
وكلمتي ليست لأولئك النفر الذين اغتروا بأقلامهم المريضة ولا بصفحاتهم التفاهة ولا بقضاياهم المقززة التي غالبا وأبدا ما تكون عن الفضائح والإبتذال والجنس والعهر والصور الفاضحة ، لا لن أوجه لهم كلمة ، ولن أقول لهم شيئاً ، فهؤلاء لا مكان لجرائدهم إلا سلة المهملات .
ولكني فقط أود أن أقول للشيخ الحبيب محمد حسان ، وأُذكرّه فلطالما ذكرّنا حفظه الله ، بأن هذه القضية ما هي إلا امتحان من الله عز وجل يختبر فيه صبركم وإيمانكم ، والله اسأل أن تكونوا عند حُسن الظن بكم .
فلا شك شيخنا الحبيب أنك تعلم جيداً هذا طبيعة هذا الصراع بين الحق والباطل ، صحيح لم أكن أظن أنك ستكون أحد ضحاياه ، لكنه قدر الله عز وجل ومشيئته التي أرادها سبحانه وتعالى .
وطبيعة هذا العلم تستلزم منك أشياء أذكرك ونفسي بها وأسليك بها لعلها تكون بلسماً لقلبك المطعون بخنجر الغدر ، أهمها الصبر .
فإن الصبر على أذى الخلق من علامات قوة الإيمان، فقد قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[الشورى:43]، وقال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ[النحل:126]، وقال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً[المزمل:10]
وفي سنن الترمذي وصححه الألباني ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا للنَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلمِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُّ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ )
ولك في نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم حين أوذي في أهل بيته فصبر حتى برأها الله عز وجل .
ولذا فإنني أهيب بالشيخ الحبيب أن يزداد صبرًا ، لكن لا يتنازل عن بلاغاته للنائب العام ، فحق للصحف الصفراء أن تغلق والأقلام السودان أن تقصف .
والله معك ويسدد خطاك ويلهمك الصبر على الأذى .

الجمعة، 27 أغسطس 2010

إعادة لحوار الداعية الإسلامي صفوت حجازي لليوم السابع


◄◄ باعتبارك رائدا من رواد الدعوة الإسلامية أحب أن أعرف كيف تكون الدعوة إلى الله ودينه؟
- لكل فئة ومجال رائد وإمام وصاحب طريق، وللدعوة أيضاً كذلك لها رائد ومعلم، وهو الرسول صلى الله وعليه وسلم، ومن بعده الصحابة والتابعون والرواد فى مجال الدعوة، وحتى ينجح الداعية لابد أن يسير على خطا النبى صلى الله وعليه وسلم.. يفعل ما يفعل ويتحدث مثلما يتحدث وكيف كان يتعامل مع الناس ويحدثهم.. ونسأل أنفسنا: لو كان الرسول يعيش فى زمننا هذا، هل كان سيتحدث فى السياسة والتوريث أم لا ؟! وعلى حسب الإجابة يكون المنهج.

◄◄ أنت اخترت برنامجاً سميته «زمان العزة» تميزت فيه بمنهج مختلف مثل اسمه.. هل كان للاسم إسقاط على واقعنا المؤلم؟
- البرنامج بدأته منذ 3 سنوات وهذا هو الجزء الرابع منه هذا العام.. أول جزء كان زمان عزة النبى صلى الله وعليه وسلم، والجزء الثانى زمان عزة الصديق أبى بكر، والجزء الثالث كان زمان عزة الفاروق عمر، والجزء الرابع زمان عزة ذى النورين عثمان بن عفان، والحقيقة أننى بدأت فى البحث عما يفتقده الناس، ومن هنا كان البرنامج، لأن الجميع يفتقد الآن العزة والكرامة.. والطريق لذلك.. وهذا هو موضوع البرنامج.. فمثلاً فى زمان عزة النبى صلى الله وعليه وسلم لم أحك قصص الرسول، وإنما توقفت عند بعض الأشياء التى تزيد وترسخ وتكشف العزة والكرامة والمجد، وهكذا فى باقى الأجزاء مع عدم الاكتفاء بالحكى فقط، وإنما ربطه بالواقع لنقدم للناس حلولا لمشاكلهم.. والحمد لله البرنامج فى الأجزاء الثلاثة السابقة حقق أعلى نسب مشاهدة، بالإضافة لما سبق فإن البرنامج هذا العام يسعى لتعريف الناس بسيدنا عثمان «الشهيد المظلوم» الذى لا يعرفه أحد ويحبونه لمجرد كونه صحابيا فقط.

◄◄ الرسول صلى الله وعليه وسلم دائماً وأبداً كان وسطيّا يميل إلى الاعتدال ويؤكد أن الأصل فى الأشياء هو الإباحة لكن الأمر اختلف هذه الأيام وتحديداً فى مجال الدعوة.. لماذا؟
- فى كل مجال هناك الإفراط والتفريط، وبينهما الوسط حتى فى الأديان وليس الإسلام فقط، فهناك دعاة قمة التشدد لدرجة الكراهية فى الدين، وهناك مفرطون لدرجة أنهم ضيعوا الدين، وهما نموذجان موجودان، لكن الوسط هو المنهج الذى اختاره الرسول صلى الله وعليه وسلم.

◄◄ وما الذى تقوله للطرفين خاصة أنه أصبح هناك شيخ لكل مواطن؟
- أذكر المتشددين بقول الإمام أحمد بن حنبل: «ليس من العلم أن يحمل العالم الناس عل رأيه»، فهذا رأيك وفهمك أنت حر فيه لا تلزم الناس به ولا تكفرهم وتخرجهم عن الملة، أو كما قال سيدنا عمر: «لو كنت أردكم فى آية لكتاب الله أو حديث لرسوله فليس هناك رأى أولى من رأى، أما فهو الفهم، فليس هناك فهم أولى من فهم»، وأما أهل التفريط فأقول لهم: كل كلمة تقولونها ستحاسبون عليها، وحجة ترغيب الناس فى الدنيا ليست صحيحة لأنهم لن يكونوا أحرص من رسول الله على دينه.. وهل النبى لو كان فى زماننا كان سيفعل ذلك؟

◄◄ بمناسبة هذا الشهر الكريم.. أريد أن أعرف وجهة نظرك فى مسألة توحيد الأهلة؟
- لدينا فى الإسلام ما يسمى بوحدة وتعدد المطالع، وأنا من الدعاة المنادين بوحدة المطالع لأننا نعيش فى أمة واحدة، وطالما ثبت الهلال، وطالما نعيش فى دولة مسلمة بها عدد من العلماء الثقات وتشترك معنا فى جزء من الليل، وجب على من علم برؤية الهلال أن يتبعه.. وكل العالم العربى يشترك فى جزء من الليل، «مينفعش الهلال يظهر فى مصر وإحنا نكون صايمين النهاردة، وألاقى السعودية صايمة بكرة، ومش عارفين صايمة بكرة، ده كلام فارغ.. ده كلام سياسة».

◄◄ تقصد أن الحكام هم المسؤولون عن ذلك؟
- الحكام هم من فعلوا ذلك ولكنهم ليسوا المسؤولين، كل شخص أصبح رئيس دولة وأصبحت عنده حدود يريد أن يستقل بها ويتحكم فى شرع الله عز وجل ليثبت أنه هو الرئيس والملك والأمير، ولو أخذنا مصر نموذجاً، سيناء مثلاً تتبع مصر وتصوم وفقاً لها، لكنها لو أخذتها دولة أخرى وانتقلت سيادتها، ستصوم وفقا للدولة الجديدة.. هل ذلك شرع أم سياسة؟!

◄◄ قاطعته: سياسة طبعاً؟!
- لإثبات سيادة.. ومن يطيعوه من الشيوخ هم «شيوخ سلطان ويطيعوا السلطان».

◄◄ حدثنا عن تجديد الخطاب الدينى.. كيف تراه؟
- أولاً لابد من التفرقة بين تجديد الأسلوب وتجديد المحتوى، ومن يتكلم عن الأخير أنا لا أحسن الظن به، فى حين أن الأول مقبول، والحقيقة هو ليس بتجديد الأسلوب، وإنما عودة بالأسلوب إلى الأصل وإلى ما كان عليه أيام الرسول، خاصة أنه صلى الله وعليه وسلم كان صاحب مبدأ «خاطبوا الناس على قدر عقولهم».

◄◄ وهل هناك خطوات يجب أن نسير عليها حتى نعود إلى الأصل والأساس فى تجديد أسلوب الخطاب الدينى؟
- العودة للأصل تستلزم ثلاثة أشياء، أولها العلم.. فمن يتحدث يجب أن يكون عالما بمعنى الكلمة، وثانياً معرفة الواقع والدراية به، لا من يعيش فى برج عاجى منعزل إما فى الماضى أو المستقبل، وثالثاً والأهم الحرية، والتحرر من القيود، فيكون الداعية حرا «ميخفش من قطع عيشه.. مش هيطارد.. مش هيتسجن.. مش هيعتقل»، ولا ضابط للحرية سوى ثلاثة أيضاً هى المقدسات والأخلاق وحرية الآخر.

◄◄ وماذا عن تغيير المناهج الدراسية فى هذا الإطار؟
أنا أطالب بتغيير المناهج ولكن إلى ماذا؟.. إلى الدين والإسلام والعودة إلى الأصل، وليس بحذف الآيات التى تتحدث عن الصهاينة.

◄◄ أعلم جيداً أنك ممن يملكون روشتة علاج للفتنة الطائفية وكنت ممن اعتذروا للأقباط فى حادث نجع حمادى فى حين أشعل البعض الأزمة؟
- أنا أتحفظ على كلمة أقباط، فهم نصارى أقباط، وأنا مسلم قبطى، وللأسف الشديد الإعلام يخلط بين هذه الأمور، وأنا أفكر فى تقديم بلاغ رسمى ضد من يطلق على النصارى لقب أقباط، لأنهم ينزعون صفة الأقباط (أصحاب هذا البلد الأصليون) من المسلمين، وبغض النظر عن ذلك، فإن النصارى لهم مالنا من حقوق جميعاً، فيما عدا الدين، فـ«لكم دينكم ولى دين» .

◄◄ لكن ليس من حقهم تولى الإمامة الكبرى أو رئاسة الجمهورية؟
- ينادينى بحميمة: «يا أخ محمود لما يبقى من حق المسلم تولى رئاسة الجمهورية ييقى يكون من حق المسيحى ساعتها ولما يكون من حقى كراجل أترشح لرئاسة الجمهورية نبقى نشوف المرأة.. مين فينا من حقه يبقى رئيس جمهورية؟».

◄◄ نظرياً من حق أى شخص الترشح لرئاسة الجمهورية لكن بالشروط التى يحكمها الدستور؟
- يقاطعنى بحدة: نظرياً وعملياً، عندما يكون من حق المواطن أن يكون رئيس جمهورية، وقتها نتحدث عن هذا المواطن.. هل هو مسلم أم مسيحى وهل هو رجل أم سيدة.

◄◄لكنك لم تجب عن السؤال بعد: من المسؤول عن الفتنة الطائفية فى مصر؟
- أرى أن هناك فتنة طائفية تحت الرماد، فمصر على شفا حفرة من النار، والسبب هو الحكومة لأنها هى المسؤولة، فبأى حق سيدة مسيحية تدخل الإسلام، يسلمونها إلى الكنيسة.

◄◄ تقصد الأزمة الأخيرة الخاصة بزوجة كاهن دير مواس؟
- ليس هى فقط، بل من قبلها وفاء قسطنطين، وعندما تتحول سيدة مسلمة إلى المسيحية لا يحدث العكس، نجلاء الإمام أو المتنصر محمد حجازى، وبأى حق تسمح لهم الحكومة بالاعتصام والتظاهر داخل الكاتدرائية فى العباسية ويرفعون شعارات: «ياجمال قول للريس خطف بناتنا مش كويس»، ونحن نذهب للصلاة فى الأزهر، ونسعى للتظاهر تضامناً مع فلسطين نعتقل، من أعطى الحق لإبارشية فى المنيا أن تناطح الحكومة و«بالعافية هنبنى كنيسة»، ومن جعل البابا شنودة يتحدث عما يسمى بـ«شعب الكنيسة»؟، نحن شعب واحد وإلا سيظهر مصطلح «شعب المسجد» فى المقابل، لماذا لا يحاسب؟، أذكر لى قسيسا واحدا مُنع من إلقاء موعظة فى حين نحن نمنع؟ لماذا لا يحاسب كاهن دير مواس بتهمة إشعال الفتنة الطائفية أمام القانون المدنى؟ لا أن ننتظر حتى يعود البابا ويعاقبه كنسياً، أنا أوجّه بلاغا فى الحكومة المصرية لرئيس الجمهورية من مواطن مسلم قبطى بتهمة إشعال الفتنة الطائفية.

◄◄ من المسؤول عن الفتوى وكيف نضبط عملية إصدارها والتى بدأت تتزايد بمعنى وغير معنى؟
- أنا سئمت وتعبت من قصة «فوضى الفتاوى» و«تضارب الفتاوى» و«شيوخ الفضائيات»، فهذا كلام فارغ ومن يتحدث عن هذه الأشياء فهو جاهل، لأنه ليس هناك تضارب أو فوضى فى الفتاوى، والفضائيات ليس لها علاقة بالأمر، وهنا أضرب لك مثلاً، شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أصدر فتوى أنه لا يجوز زيارة بيت المقدس وهو تحت الاحتلال الإسرائيلى، فى حين أن الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، أفتى بضرورة ووجوب زيارة المسجد.. فهاتان فتويان، ما علاقة الفضائيات بهما؟ وما علاقة الشيوخ والدعاة أمثالى بهما؟

◄◄ ليس لكم بهما علاقة؟
- ومن الذى أحدث هذه البلبلة والفوضى؟

◄◄ مؤسسات الدولة الدينية الرسمية؟
- ومن له حق إصدار الفتوى.. شيخ الأزهر ولا المفتى ولا وزير الأوقاف ولا دار الإفتاء.. يقولولنا بقى؟.. هل شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف هما أصحاب هذه الفوضى؟ وهل نسميها فوضى أم تنوعا فى الفتاوى؟.. وأغلب الفتاوى التى صدرت وأحدثت بلبلة مثل إرضاع الكبير وجواز ممارسة الجنس بين الزوجين عبر الإنترنت صدرت عن علماء من الأزهر فى تليفزيون الدولة.

◄◄ قلت فيما سبق إن الأمة تحتاج إلى قائد مثل نورالدين محمود وليس إلى صلاح الدين الأيوبى وكأن الأخير لا يصلح لهذه الأيام؟
- صلاح الدين الأيوبى جاء ليقطف ثمرة، لكن نور الدين محمود أسس وبدأ من الحضيض، ونحن بحاجة لشخص مثله ليخرجنا منه، وهذا سيحتاج إلى وقت وزمن طويل، وهذه كلها مراحل، ولو نظرنا إلى وضع الأمة الآن ستجدها نفس ما كانت عليه أيام عماد الدين زنكى ونور الدين محمود، دويلات صغيرة تتحالف مع الصليبيين الذين تحولوا الآن إلى الأمريكان واليهود، لذلك نحن نحتاج إلى نور الدين محمود.

◄◄ فضيلة الدكتور.. يعانى الكثيرون من حالة تخبط.. هل فصل الدين عن الدولة كفر باعتبار الإسلام دينا ودولة.. أم أنه سبب تأخرنا لتواكلنا فى حين اعتمد الغرب منهج العلمانية.. أريد أن أعرف وجهة نظرك فى ذلك؟
- أزمة العلمانيين أنهم لا يفهمون شيئا، ولا يعرفون ماذا يريدون، هم تائهون، لا يملكون سوى العداء للإسلام والانبهار بالغرب والتحرر من كل ضابط ومن القيم والإخلاق «ويعيشون بمزاجهم» ولديهم ما اسميه «الغرور الثقافى» متخيلين أنفسهم بيفهموا وهم فى الحقيقة لا يفهمون، أما عن قضية فصل الدين عن الدولة، فمن قال إن الغرب كذلك؟ هو من الذى يرعى المسيحية فى الولايات المتحدة.

◄◄ المحافظون الجدد أصحاب المنهج الدينى المسيحى؟
- وأليست أمريكا دولة مسيحية؟.. وهل من الممكن أن يكون ملك بريطانيا مسلماً؟ بل يذهبون إلى النص على الطائفة نفسها.. أرثوذكسى أو كاثوليكى أو إنجيلى، ومن قال إن فرنسا دولة علمانية؟.. ساركوزى نفسه يقول إن فرنسا دولة مسيحية.. فقضية الفصل هنا «مشوشة»، ثانياً لن يقبل مسلم فى مصر فصل الدين عن الدولة.. فهذه مقدمة لحرب أهلية تراق فيها دماء وحرب شرسة ومقدسة.

◄◄ وفى سياق متصل.. هل ترى أن الحرب بيننا وبين الغرب حرب إعلامية؟
- الحرب بيننا وبين الآخر، أى آخر، هى حرب إعلامية، فـ«الإعلام هو أفيون الشعوب» وليس الدين.

◄◄أذكر موقفك حينما صدر قرار بإغلاق قناة الرحمة.. فأنت اعتبرتها مقدمة لغلق القنوات الإسلامية، وقلت إنك ستضرب عن الطعام وستعتصم فى رئاسة الجمهورية.. فهل جاء الزمن الذى تغلق فيه القنوات التى تقول لا إله إلا الله؟
- نعم نحن فى زمن يحارب فيه الإسلام، فى هذا الزمن وهذا المكان فى مصر، قد لا يكون رئيس الجمهورية له علاقة بالأمر، لكن هذه الحقيقة، فلماذا يمنع صفوت حجازى وأمثاله من الدعوة فى التليفزيون المصرى، هل يجب أن أكون من دعاة السلطان ودعاة الأمن حتى يسمح لى بالدعوة؟!، ولماذا تغلق قنوات دينية، ولماذا يمنع إنشاء قنوات دينية فى قانون هيئة الاستثمار «ليه أفيون ولا مخدرات»؟!، لماذا يمنع الطلاب من دخول الأزهر، وأصبح الالتحاق بالأزهر يتم بتقرير «أمنى مُرضى»، وهل كل من يطلق لحيته إرهابى ومتطرف؟ من قال إن المحجبة نحاربها والعارية لا نحاربها، ولو شفنا واحدة لابسة شورت داخل الجامعة حد هيقولها لا.. الناس أحرار؟.

◄◄ هذه المنطقة بالغة الأهمية.. لذلك أريد أن أسألك عن رأيك فى الحرب على النقاب داخل الجامعات والمدارس؟
- فقهياً.. أنا من المنادين بأن النقاب «سنة وفضل وليس فرضا»، وأيام الرسول صلى الله
وعليه وسلم كانت هناك نساء منتقبات وأخريات كاشفات للوجه، ولم يقل النبى لأمرأة منتقبة اكشفى وجهك، والعكس صحيح، والنقاب هو «مسألة شخصية تماماً واختيار فقهى»، لكن العكس، فى العرى ليس صحيحا، لأن ذلك يتعارض مع الثوابت الأخلاقية.

◄◄ أريد أن أعرف تعليقك حول حصار غزة ومجزرة أسطول الحرية، حتى جاء الوقت الذى تحركت فيه تركيا وتخاذلنا نحن؟
- بنبرة شجن وحزن:«يا أخى الكريم أنا أذكر الرئيس مبارك بجملة قالها من فترة وهى: لن أسمح بتجويع أهلنا فى غزة».. الآن أهلنا فى غزة جياع، وأن أنادى الرئيس مبارك: أين هذا الوعد؟.

◄◄ إذن كيف نتعامل مع الكيان الصهيونى فى ظل اتفاقيات السلام وغيرها من العلاقات الدولية الطبيعية بيننا وبينهم؟
- لابد أن نفهم جيداً أنه لا تعامل مع إسرائيل إلا بما تريده هى، وهى لا تريد سلاما، فهى عصابة لا تحترم القيم والمبادئ، وأظن أن القادة يعلمون ذلك، والنبى صلى الله عليه وسلم قال ذلك: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل اليهود المسلمين»، إذا كانوا قتلوا الانبياء فأين السلام، وهل وجوه نتنياهو ولا بارك وجوه سلام تلك وجوه قردة وخنازير، ومن يقول إن السلام خيار إستراتيجى فهو يكذب النبى، لكنه خيار تكتيكى مؤقت.. هل كامب ديفيد ستستمر؟!.. مستحيل.. ويقيناً مصر ستحارب إسرائيل إن آجلاً أم عاجلاً.. والموجود الآن مجرد هدنة.. ولماذا نحن فقط الذين نحترم الاتفاقيات الدولية؟!

◄◄صحيح.. لماذا مع أن الكل ينتهكها وأولها إسرائيل؟
- يضيف متسائلاً: لماذا نحن نرفض فتح معبر رفح استجابة للاتفاقيات؟.. وهم طوال الوقت منتهكون ومستمرون فى الحصار ويمنعون دخول المساعدات والمعونات إلى غزة، وأنا أؤكد أن معبر رفح «مش مفتوح».

◄◄ عفواً.. كيف والمعبر مفتوح منذ أشهر بعد قضية أسطول الحرية أمام المعونات والأشخاص؟
- هذه أكذوبة.. المعبر مفتوح فقط للإعلام، وممنوع مرور أى أشياء إلا بعض الأدوية، وكل المعونات تذهب عبر معبرى كرم أبوسالم والعوجة و«سلام إيه اللى بتتكلموا فيه».

◄◄أخيراً.. هل تعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين سيكون لها وجود فى برلمان 2010؟
متعجباً.. «اشمعنى الإخوان المسلمين»؟

◄◄ باعتبارها جماعة محظورة قانوناً وتتخذ من الدين منهجاً لها فى الحياة السياسية وأنت قلت إننا أصبحنا فى عصر يُحارب فيه الإسلام؟
- أنا أتصور أنه لن يسمح لرجل صاحب عقيدة وقيم ومبادئ ويدافع عن الإسلام ويخالف الحزب الوطنى، بوجوده تحت الشمس، سواء أكان من الإخوان أو غيره، أو تحت البرلمان أو فى مكان آخر.

لمعلوماتك...
◄◄ صفوت حمودة حجازى رمضان..
- من مواليد 21 إبريل 1963 بقرية «الورق» مركز سيدى سالم محافظة كفر الشيخ.
- متزوج و له ثلاثة بنات وولد.
- حاصل على ليسانس آداب من جامعة الإسكندرية.
- درجة الماجستير فى مجال التخطيط العمرانى، و الموضوع «المدينة المنورة نظرة تخطيطية».
- دبلوم الحديث وعلومه بجامعة ديجون بفرنسا.
- دكتوراه عقائد ومقارنة أديان بجامعة ديجون بفرنسا.
- عمل أمين عام دار الأنصار للشؤون الإسلامية.
- إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
- إمام مسجد دعوة الحق بالقاهرة.
- عضو المجمع العلمى لبحوث القرآن والسنة.

---------------------------------------
المصدر : جريدة اليوم السابع الجمعة، 27 أغسطس 2010 ( هنا الرابط )

الخميس، 26 أغسطس 2010

فإن عادوا ... عدنا !!!

حينما دعت كنيسة أمريكية تصف نفسها أنها "كنيسة العهد الجديد على أساس الكتاب المقدس ، وتقع في منطقة جاينيسفيل بفلوريدا إلى حرق المصاحف في 11 سبتمبر القادم أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية التاسعة لهجمات سبتمبر. قالت الكنيسة : إنها تحاول أن تجعل من تلك الذكرى "يوما عالميا لحرق القرآن"، ولم تكتف بهذا التصريح بل تم تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيس بوك" لجمع أكبر عدد ممكن من الناس للمشاركة في الاحتفال, والذي كتبت فيها عبارات مهينة للإسلام من أجل جمع أكبر عدد ممكن من الأعضاء، وذكرت الصفحة أن هدفها " تقديم التوعية للناس عن مخاطر الإسلام, وأن القرآن الكريم يقود الناس إلى جهنم, ونريد أن نرجع القرآن إلى مكانه الأصلي: النار", وكل هذه التصريحات ذكرتها صحيفة "الاندبندنت" البريطانية بتاريخ 28-07-2010.

فماذا كان رد المسلمين ؟

طوال اسبوعين كاملين على هذا التصريح لم نجد مسئولاً واحداً في أي دولة مسلمة سواء عربية أو خليجية أو غيرهما يتفوه بأي كلمة يدافع بها عن كتاب الله عز وجل ، وكأن كتاب الله عز وجل لا يهمنا .

ثم بعد ذلك يستيقظ شيخ الأزهر الجديد من سباته ليعلن على الملأ أنه يدين هذه الدعوة لحرق المصحف ، وهو الذي لا يضيع لحظة أو حوار أو لتنفيذ مهمته الوحيدة في القضاء على السلفية وأعوانها ؟

ثم أين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، لم نسمع لهم صوتاً ولم نجد لهم خبراً يعلموننا كيف نواجه مثل هذه الأزمات .
أين الشيخ يوسف القرضاوي لم يتكلم بعد في هذا الأمر ويدلي بدلوه كالعادة ؟

أين البرلمان المصري ودوره في حشد السياسيين للدفاع عن كتاب الله أم أن هدفهم الوحيد الحديث عن مرشح الحزب الوطني وأن الكلام عن خليفة مبارك في حياته (قلة أدب) ، إذن أليس تجاهل هذه الدعوة لحرق المصحف (قلة دين).
أليس لدى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري وقتاً ليدافع عن كتاب الله كما وجد وقتاً لينتقد الحجاب ويدافع عن راقصات مصر وفن الرقص الشرقي الذي هو من التراث .

ألا يوجد في المسلمين زعيم رباني ، يقود الأمة للعزة بعد أن هانت على الجميع وتداعى علينا أخس الشعوب وأحمق الخلق ، وأصبحنا ملطشة لكل من يريد أن ينفث عن حقده ومرضه النفسي ، فمن حصار غزة للرسوم المسيئة ، والجميع يكتفي بالشجب والتنديد وكأن الساسة هم الذين يعلمون العلماء فن الشجب ، وليس العلماء هم الذين يعلمون الساسة قيمة المقاومة

لماذا أصبح كل جهادنا مقتصراً على حشد المظاهرات وتحويل الشوارع إلى ساحة حرب صوتية ثم ينفض المولد ويعود كل شيء إلى ما كان عليه ، أين القنوات الفضائية التي ملأت الدنيا صراخاً احتجاجا على وقف بثها ، وحشدوا واستجدوا المسئولين في كل مكان حتى يتدخلوا لمنع هذا العدوان عليهم، فلماذا لم نجد هذه القنوات تقود حملة لحشد الرأي العام المسلم ضد هذه التوجهات وتوحد صفوفها ، وتستمع إلى أراء الجميع من أجل استخلاص الحلول لمواجهة هذه الأزمة.

إن حرق كتاب الله ليس بالأمر الهين ، ولم يتجرأ أحد على فعل هذا إلا وهو يعلم أن المسلمين ليسوا على قدر المسئولية ، وأنهم جبناء في مواجهة المواقف العصيبة التي تستلزم شجعاناً .

ليس بإمكاني الدعوة إلى حرق كتاب الله الإنجيل مثلهم فنحن نختلف عنهم ، ولكن ما رأيكم بالصليب لا علاقة له بالدين ويمثل لهم رمزاً نفسياً ومعنوياً كبيراً .
فهل يعرف المسلمين الأمريكيين في هذه الولاية تحديدا وأمام هذه الكنيسة ماذا يفعلون به ، إذا أقدموا على فعلهم !!

الاثنين، 23 أغسطس 2010

يزيد بن معاوية .. ما له وما عليه !!

اعتذر لإخواني ممن يتابعون هذه المدونة عن حذف مقال " يزيد بن معاوية أمير المؤمنين المفترى عليه " وذلك لأن المقال لم يكن يبحث عن أدلة تُبرئ ذمة يزيد ، بل كان الهدف من المقال هو نفي الإفتراءات التي أطلقها الشيعة الروافض حوله ونسجوا قصصاً واهية ونقلها مؤرخو السنة في كتبهم ظناً منهم أن السند يغنيهم عن تقصي الحقيقة وأن العهدة في الرواية أصبحت على الراوي وليست عليهم، ثم دار الزمان وجاء الوقت الذي نجد فيه الشيعة يحتجون على فسق يزيد وفجوره من كتب أهل السنة ، ولم يكتف أولئك الكذابون أن يختلقوا الأكاذيب في القصص بل تجاوزا كل حد حتى كلام النبي عليه الصلاة والسلام لم يرعوا له حُرمة وكذبوا عليه في ما نُسب إليه وهو يذم يزيد ، منها عن أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد . هذا الحديث سنده منقطعة بل معضولة ، راجع البداية و النهاية (8/231)، وحديث آخر بلفظ : أول من يغير سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . تاريخ دمشق (18/160) ، وقد حسن الشيخ الألباني سنده ، وقال معلقاً عليه : ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، و جعله وراثة ، و الله أعلم . الصحيحة (4/329-330) .
والحديث الذي حسنه الشيخ الألباني رحمه الله دون زيادة لفظة ( يقال له يزيد ) ، أما قوله بأن المراد تغيير نظام اختيار الخليفة و جعله وراثياً ، فإن معاوية رضي الله عنه هو أول من أخذ بهذا النظام و جعله وراثياً ، إذاً فالحديث لا يتعلق بيزيد بن معاوية بعينه.
و منها أيضاً قول : ( لا بارك الله في يزيد الطعان اللعان ، أما أنه نُعي إلي حبيبي حسين ) تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي ، للإمام الذهبي ( ص159) .
فكان الهدف من المقال هو نفي هذه الأكاذيب عنه ، لكن شعرت أن المقال قد فُهم خطأ وأن يزيد برئ من كل ما نُسب إليه وهو إن نجا من واقعة التآمر على قتل الحسين رضي الله عنه وسلمنا بما قاله علماءنا أنه لم يأمر بذلك ، فهل يسلم من واقعة الحرة التي راح ضحيتها بعض الصحابة الذين وقعوا قتلى وجرحى من جراء هجوم جيشه الذي أعده لوأد التمرد الذي ظهر في المدينة ولذلك قَالَ الحافظ ابْنُ كَثِيرٍ: « قَدْ أَخْطَأَ يَزِيدُ خَطَأً فَاحِشًا فِي أَمْرِهِ لِأَمِيرِهِ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ أَنْ يُبِيحَ الْـمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِن قَتْلِ خَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَأَبْنَائِهِمْ » « الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة » (8/225).
ولا استطيع أن أدافع عنه بأنه ولي الأمر وهم قد تمردوا عليه لأن يزيد ليس صحابياً فيعذر أنه مجتهد كما هو حال باقي الصحابة ممن وقعوا في فتنة علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم ، فقال الحافظ ابن حجر : « اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَنْعِ الطَّعْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ بِسَببِ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ وَلَوْ عُرِفَ الْـمُحِقُّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا إِلَّا عَنِ اجْتِهَادٍ » « فَتْح الْبَارِي » (13/37).
بل والله هذه الواقعة أمر جلل وشيء عظيم أن يُقتل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وما أدارك ما أهل المدينة.
هذا لا يعني أنني أخالف ما قاله علماء أهل السنة في يزيد ، مثل:
الإمام الذهبي قال : « لَا نَسُبُّه وَلَا نُحِبُّهُ » « سِيَر أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ »(4/36)

وشيخ الإسلام ابن تيمية حين قال : افْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ : فِرْقَةٌ لَعَنَتْهُ، وَفِرْقَةٌ أَحَبَّتْهُ ، وَفِرْقَةٌ لَا تَسُبُّهُ وَلَا تُحِبُّهُ.
وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَعَلَيْهِ الْمُقْتَصِدُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَد : قُلْت لِأَبِي : إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إنَّهُمْ يُحِبُّونَ يَزِيدَ
فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَهَلْ يُحِبُّ يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ؟
فَقُلْت : يَا أَبَتِ فَلِمَاذَا لَا تَلْعَنُهُ ؟ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَمَتَى رَأَيْت أَبَاك يَلْعَنُ أَحَدًا .
وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَد عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ . فَقَالَ : هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِالْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ قُلْت : وَمَا فَعَلَ ؟ قَالَ : قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَ . قُلْت : وَمَا فَعَلَ ؟ قَالَ : نَهَبَهَا قُلْت : فَيُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ ؟ قَالَ : لَا يُذْكَرُ عَنْهُ حَدِيثٌ .
وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ . وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي لَمَّا سُئِلَ عَنْ يَزِيدَ : فِيمَا بَلَغَنِي لَا يُسَبُّ وَلَا يُحَبُّ . وَبَلَغَنِي أَيْضًا أَنَّ جَدَّنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ابْنَ تيمية سُئِلَ عَنْ يَزِيدَ . فَقَالَ : لَا تُنْقِصْ وَلَا تَزِدْ . وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ وَأَحْسَنِهَا.
-------------------------------------
فالحق أن نكل سريرة يزيد وما فعله إلى الله عز وجل ، أما هو فلا نسبه ولا نلعنه ولا نحبه .
ولماذا نترحم أو نترضى عليه : وهو عجيب ممن ينكره ، إذا أنا دعوت لعاصي أو فاسق بالرحمة من الله عزوجل أيكون هذا سببا في ذمي، سبحانك هذا بهتان عظيم ، فعقيدة أهل السنة عقيدة تسامح ورحمة ترجو للخير للجميع المذنبين فترجو لهم المغفرة والرحمة والنجاة من النار ، أما الطائعين فترجو لهم الجنة ، ولا يستطيع أحد كائن ما كان أن يجزم أن يزيد في النار أو في الجنة ، فأمره إلى مولاه ، كما أن الحسن والحسين نجزم أنهما في الجنة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة )

( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون )

الأحد، 22 أغسطس 2010

قصة التحكيم بين الحق والباطل

ومن أكاذيب القصص التي دُست في تاريخ المسلمين وتلقفها الجميع بالقبول إلاَّ من رحم ربي ، بعد أن قذف الشيطان في قلوب البعض فجعلوها من المسلمات التي على أساسها انقلبوا على بعض الصحابة رضوان الله عليهم ، قصة التحكيم الشهيرة والتي وقعت عقب معركة صفين (سنة 37)، وفي هذه المعركة امتنع معاوية عن مبايعة علي رضي الله عن الجميع حتى يتم القصاص من قتلة عثمان فَلَـمَّا انْتَهَى عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ أَهْلِ الْجَمَلِ قَالَ: لَابُدَّ أَنْ يُبَايِعَ مُعَاوِيَةُ الْآنَ، وَجَهَّزَ الْجَيْشَ لِـمُقَاتَلَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ يُبَايِع، فَخَرَجَ عَلِيٌّ بِجَيْشٍ قِوَامُهُ مِئَةُ أَلْفٍ إِلَى صِفِّينَ فِي الشَّامِ، وَكَانَ قِتَالُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي صِفِّين وَالْجَمَلِ عَنْ رَأْيٍ رَآهُ وَاجْتِهَادٍ تَبَنَّاهُ ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِه عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادِ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا أَعَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: ماعَهِدِ إِليَّ رَسُولُ اللهِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.صححه الألباني في صحيح أبي داود 4666.
وانْتَهَتْ مَعْرَكَةُ صِفِّينَ بِالتَّحْكِيمِ
أَيْ: تَوقَّفُوا عَنِ الْقِتَالِ بأَنْ رُفِعَتِ الْـمَصَاحِفُ عَلَى الرِّمَاحِ، وَرَضِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالتَّحْكِيمِ، وَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ وَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الشَّامِ عَلَى أَن يَكُونَ التَّحْكِيمُ فِي رَمَضَانَ، وَأَرْسَلَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى الْأشْعَرِيَّ، وَأَرْسلَ مُعَاوِيَةُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ.

لكن القصة الْـمَشْهُورَةِ هِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ اتَّفَقَ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَلَى عَزْلِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَصَعِدَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ الْـمِنْبَرَ وَقَالَ: أَنَا أَنْزِعُ عَلِيًّا مِنَ الْخِلَافَةِ كَمَا أَنْزِعُ خَاتَمِي هَذَا، ثُمَّ نَزَعَ خَاتَمَهُ، وَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَقَالَ: وَأَنَا أَنْزِعُ عَلِيًّا كَذَلِكَ كَمَا نَزَعَهُ أَبُو مُوسَى وَكَمَا أَنْزِعُ خَاتَمِي هَذَا، وَأُثبِّتُ مُعَاوِيَةَ كَمَا أُثَبِّتُ خَاتَمِي هَذَا.
فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَخَرَجَ أَبُو مُوسَى غَاضِبًا وَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى عَلِيٍّ فِي الْكُوفَةِ، وَرَجَعَ عَمْرُو بْن الْعَاصِ إِلَى الشَّامِ.« تَاريخ الطَّبَرِيِّ » (4/51)، وَ« الْكامل فِي التَّارِيخ » (3/168).

هَذِهِ الْقِصَّةُ مُزَوَّرَةٌ مَكْذُوبَةٌ، لَاشَكَّ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ:

أَوَّلًا: السَّنَدُ ضعِيفٌ فِيهِ أَبُو مِخْنَفٍ الْكَذَّابُ.

ثَانِيًا: خَلِيفَةُ الْـمُسْلِمينَ لَا يَعْزِلُهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَلَا غَيْرُهُ، إِذْ لَا يُعْزَلُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ السُّهُولَةِ.فَكَيْفَ يَتَّفِقُ رَجُلَانِ عَلَى عَزْلِ أَمِيرِ الْـمُؤْمِنِينَ، هَذا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالَّذِي وَقَعَ فِي التَّحْكِيمِ هُوَ أَنَّهُما اتَّفَقَا عَلَى أَن يَبْقَى عَلِيٌّ فِي الْكُوفَةِ وَهُوَ خَلِيفَةُ الْـمُسْلِمينَ وَأَنْ يَبْقَى مُعَاوِيَةُ فِي الشَّامِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، وَأَنْ تَتَوَقَّفَ الْحَرْبُ بَيْنَهُمَا.

ثالثاً : لأن القصة الصحيحة هي كَمَا رَوَاهَا أَهْلُ الْـحَقِّ:

وَهِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْتَقَى مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ: مَا تَرَى فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: أَرَى أَنَّهُ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، فَقَالَ عَمْرُوَ بنُ الْعَاصِ: فَأَينَ تَجْعَلُنِي أَنَا وَمُعَاوِيَةَ؟ قَالَ أَبُو مُوسَى: إِنْ يَسْتَعِنْ بِكُمَا فَفِيكُمَا الْـمَعُونَةُ، وَإِنْ يَسْتَغْنِ عَنكُمَا فَطَالَـمَا اسْتَغْنَى أَمْرُ اللهِ عَنكُمَا. ثُمَّ انْتَهَى الْأَمْرُ عَلَى هَذَا فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِهذَا الْخَبَرِ وَرَجَعَ أَبُو مُوسَى إِلَى عَلِيٍّ بِهِ.

فهل هَلْ نَازَعَ مُعَاوِيَةُ عَلَى الْخِلَافَةِ؟ « تَارِيخ الْإِسْلَامِ » (ص540) عهد الْخُلفَاء الرَّاشِدين، وَسنده صَحِيح.

عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ تُنَازِعُ عَلِيًّا، أَأَنْتَ مِثْلُهُ؟
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَا وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ وَأَحَقُّ بِالْأَمْرِ، وَلَكِنْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُومًا؟ وَأَنَا ابْنُ عَمِّهِ، وَأَنَا أَطْلُبُ بِدَمِه، فَأْتُوا عَلِيًّا فَقُولُوا لَهُ فَلْيَدْفَعْ إِلَيَّ قَتَلَةَ عُثْمَانَ وَأُسَلِّمُ لَهُ الْأُمُورَ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَكَلَّمُوهُ فَأَبَى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْفَعِ الْقَتَلَةَ.
فَمُعَاوِيَةُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ خَلِيفَةٌ، وَلَمْ يُنَازِعْ عَلِيًّا الْخِلَافَة أَبَدًا، وَلِذلِكَ لَـمَّا تَنَازَعَا كَمَا سَيَأْتِي وَصَارَ التَّحْكِيمُ وَكَتَبَ هَذَا مَا عَاهَدَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْـمُؤمِنينَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: لَا تَكْتُبْ أَمِيرَ الْـمُؤْمِنينَ، لَوْ بَايَعْتُكَ عَلَى أَنَّكَ أَمِيرُ الْـمُؤمِنِينَ مَا قَاتَلْتُكَ، وَلَكِنِ اسْمَكَ وَاسْمِي فَقَطْ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْكَاتِبِ وَقَالَ: اكْتُبِ اسْمَهُ قَبْلَ اسْمِي لِفَضْلِهِ وَسَابِقَتِه فِي الْإِسْلَامِ.
ولم يَكُنِ الْقِتَالُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ قِتَالًا بَيْنَ خَلِيفَةٍ وَخَلِيفَةٍ أَبَدًا، وَلَكِنَّ الْقِتَالَ سَبَبُه أَنَّ عَلِيًّا يُرِيدُ أَنْ يَعْزِلَ مُعَاوِيَةَ، وَمُعَاوِيَةُ رَافِضٌ لِلْعَزْلِ حَتَّى يُقْتَلَ قَتَلَةُ ابْنِ عَمِّهِ أَوْ يُسَلَّمُون إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُنِ الْـمَوْضُوعُ الْخِلَافَةَ كَمَا يُشَاعُ.

فليخرس الكذابون الأفاكون الذين يفترون على أطهر وأشرف الخلق بعد الأنبياء والخلفاء من صحب النبي الكرام
----------------------------------------------------
انْظُرْ تَفْصِيلَ قَضِيَّةِ التَّحْكِيمِ فِي كِتَاب « مَرْوِيَّات أَبِي مِخنَفٍ فِي تَارِيخ الطَّبَرِيِّ » وَقَدْ عزاه إِلَى « التَّارِيخِ الْكَبِير » (5/398). وَانْظُرْ « تارِيخ دِمَشقَ » (46/175) - تَرْجَمَة: عَمْرو بْن الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. والمقال مستفاد من كتاب حقبة من التاريخ للشيخ عثمان الخميس حفظه الله .

الجمعة، 20 أغسطس 2010

كمال الحيدري يكذب على شيخ الإسلام

كمال الحيدري الشيعي الكذاب

كمال الحيدري عالم شيعي ،ولد في مدينة كربلاء المقدسة عام1956، نشأ وترعرع في أجواء العلم والمعرفة الشيعية ،أتم دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية في كربلاء ، وحضر في نفس الوقت دروس التجويد وتعلم القرآن الكريم عند ملا جاسم الحميري وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره ، وكان مورد اعتماد الأستاذ ، حيث كان يقوم بمهمة التدريس عند غياب الأستاذ . أهتم في الدراسة الحوزوية وهو في كربلاء حيث أكمل المقدمات على يد الشيخ حسين العثيان والشيخ علي العثيان ، بعد ذلك انتقل إلى النجف الأشرف ليواصل دراسته الأكاديمية والحوزوية . فأتم دراسته الأكاديمية في كلية الفقه حائزاً على شهادة البكالوريوس في العلوم الإسلامية بدرجة امتياز عام1978ميلادية. إلى جانب الدراسة الأكاديمية فقد كان اهتمامه الديني والحوزوي يحركه بشغف وحب لحضور الدروس الحوزوية فدرس السطوح العالية على يد الأساتذة:
عبد الصاحب الحكيم ، بشير النجفي.
هذا بالنسبة لمرحلة السطوح اما الأساتذة الكبار الذين درس عندهم بحوث الخارج فهم:
محمد باقر الصدر ، أبو القاسم الموسوي الخوئي ، محمد تقي الحكيم، الميرزا علي الغروي، نصر الله المستنبط .

فماذا فعل هذا العالم الشيعي ، لم يجد ما يقلل به شأن أجلّ علماء أهل السنة والجماعة وأحد أسودها الذين دافعوا بضراوة عن حياض الإسلام شيخ الإسلام ابن تيمية غير الكذب عليه فقال :



لكن ماذا يقول شيخ الإسلام فعلاً في هذه المسألة وهل يحب يزيد ويفضله على الحسن والحسين .
فتابعوا معي ما قاله شيخ الاسلام لتعلموا كذب وضلال هذا الشيعي المحتال .


قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ : مجموع الفتاوى1/392

افْتَرَقَ النَّاسُ فِي " يَزِيدَ " بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ثَلَاثُ فِرَقٍ : طَرَفَانِ وَوَسَطٌ .

فَأَحَدُ الطَّرَفَيْنِ قَالُوا :
إنَّهُ كَانَ كَافِرًا مُنَافِقًا وَأَنَّهُ سَعَى فِي قَتْلِ سَبْطِ رَسُولِ اللَّهِ تَشَفِّيًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْتِقَامًا مِنْهُ وَأَخْذًا بِثَأْرِ جَدِّهِ عتبة وَأَخِي جَدِّهِ شَيْبَةَ وَخَالِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عتبة وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ قَتَلَهُمْ أَصْحَابُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرِهَا ؛ وَقَالُوا : تِلْكَ أَحْقَادٌ بَدْرِيَّةٌ وَآثَارُ جَاهِلِيَّةٍ وَأَنْشَدُوا عَنْهُ : لَمَّا بَدَتْ تِلْكَ الْحُمُولُ وَأَشْرَفَتْ تِلْكَ الرُّءُوسُ عَلَى رَبِّي جيروني نَعَقَ الْغُرَابُ فَقُلْت نُحْ أَوْ لَا تَنُحْ فَلَقَدْ قَضَيْت مِنْ النَّبِيِّ دُيُونِي وَقَالُوا : إنَّهُ تَمَثَّلَ بِشِعْرِ ابْنِ الزبعرى الَّذِي أَنْشَدَهُ يَوْمَ أُحُدٍ : - لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرِ شَهِدُوا جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلِ قَدْ قَتَلْنَا الْكَثِيرَ مِنْ أَشْيَاخِهِمْ وَعَدَلْنَاهُ بِبَدْرِ فَاعْتَدَلَ وَأَشْيَاءَ مِنْ هَذَا النَّمَطِ .
وَهَذَا الْقَوْلُ سَهْلٌ عَلَى الرَّافِضَةِ ؟ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ؛ فَتَكْفِيرُ يَزِيدَ أَسْهَلُ بِكَثِيرِ .

وَالطَّرَفُ الثَّانِي :
يَظُنُّونَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَإِمَامٌ عَدْلٌ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ " الصَّحَابَةِ " الَّذِينَ وُلِدُوا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمَلَهُ عَلَى يَدَيْهِ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا فَضَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ . وَرُبَّمَا جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ نَبِيًّا وَيَقُولُونَ عَنْ " الشَّيْخِ عَدِيٍّ " أَوْ حَسَنٍ الْمَقْتُولِ - كَذِبًا عَلَيْهِ - إنَّ سَبْعِينَ وَلِيًّا صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ عَنْ الْقِبْلَةِ لِتَوَقُّفِهِمْ فِي يَزِيدَ . وَهَذَا قَوْلُ غَالِيَةِ العدوية وَالْأَكْرَادِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الضُّلَّالِ . فَإِنَّ الشَّيْخَ عَدِيًّا كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا فَاضِلًا وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إلَّا إلَى السُّنَّةِ الَّتِي يَقُولُهَا غَيْرُهُ كَالشَّيْخِ " أَبِي الْفَرَجِ " المقدسي فَإِنَّ عَقِيدَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِعَقِيدَتِهِ ؛ لَكِنْ زَادُوا فِي السُّنَّةِ أَشْيَاءَ كَذِبٌ وَضَلَالٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ وَالتَّشْبِيهِ الْبَاطِلِ وَالْغُلُوِّ فِي الشَّيْخِ عَدِيٍّ وَفِي يَزِيدَ وَالْغُلُوَّ فِي ذَمِّ الرَّافِضَةِ بِأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ تَوْبَةٌ وَأَشْيَاءَ أُخَرَ . وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ وَعِلْمٌ بِالْأُمُورِ وَسَيْرُ الْمُتَقَدِّمِينَ ؛ وَلِهَذَا لَا يُنْسَبُ إلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِينَ بِالسُّنَّةِ وَلَا إلَى ذِي عَقْلٍ مِنْ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ رَأْيٌ وَخِبْرَةٌ .

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ كَانَ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ وَلَمْ يُولَدْ إلَّا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ وَلَمْ يَكُنْ كَافِرًا ؛ وَلَكِنْ جَرَى بِسَبَبِهِ مَا جَرَى مِنْ مَصْرَعِ " الْحُسَيْنِ " وَفِعْلِ مَا فُعِلَ بِأَهْلِ الْحَرَّةِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبًا وَلَا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .

ثُمَّ افْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ :

فِرْقَةٌ لَعَنَتْهُ

وَفِرْقَةٌ أَحَبَّتْهُ

وَفِرْقَةٌ لَا تَسُبُّهُ وَلَا تُحِبُّهُ
وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد وَعَلَيْهِ الْمُقْتَصِدُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَد : قُلْت لِأَبِي إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إنَّهُمْ يُحِبُّونَ يَزِيدَ
فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَهَلْ يُحِبُّ يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ؟
فَقُلْت : يَا أَبَتِ فَلِمَاذَا لَا تَلْعَنُهُ ؟ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ وَمَتَى رَأَيْت أَبَاك يَلْعَنُ أَحَدًا .
وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَد عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ . فَقَالَ : هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِالْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ قُلْت : وَمَا فَعَلَ ؟ قَالَ : قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَ . قُلْت : وَمَا فَعَلَ ؟ قَالَ : نَهَبَهَا قُلْت : فَيُذْكَرُ عَنْهُ الْحَدِيثُ ؟ قَالَ : لَا يُذْكَرُ عَنْهُ حَدِيثٌ .
وَهَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ . وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي لَمَّا سُئِلَ عَنْ يَزِيدَ : فِيمَا بَلَغَنِي لَا يُسَبُّ وَلَا يُحَبُّ . وَبَلَغَنِي أَيْضًا أَنَّ جَدَّنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ابْنَ تيمية سُئِلَ عَنْ يَزِيدَ . فَقَالَ : لَا تُنْقِصْ وَلَا تَزِدْ . وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ وَأَحْسَنِهَا .
أَمَّا تَرْكُ سَبِّهِ وَلَعْنَتِهِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِسْقُهُ الَّذِي يَقْتَضِي لَعْنَهُ أَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ الْمُعَيَّنَ لَا يُلْعَنُ بِخُصُوصِهِ إمَّا تَحْرِيمًا وَإِمَّا تَنْزِيهًا . فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عُمَر فِي قِصَّةِ " حِمَارٍ " الَّذِي تَكَرَّرَ مِنْهُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَجَلْدِهِ لَمَّا لَعَنَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } " وَقَالَ : " { لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ } " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
هَذَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَعَنَ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ لَعَنَ عُمُومًا شَارِبَ الْخَمْرِ وَنَهَى فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ لَعْنِ هَذَا الْمُعَيَّنِ . وَهَذَا كَمَا أَنَّ نُصُوصَ الْوَعِيدِ عَامَّةٌ فِي أَكَلَ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالزَّانِي وَالسَّارِقِ فَلَا نَشْهَدُ بِهَا عَامَّةً عَلَى مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ؛ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ الْمُقْتَضِي عَنْ الْمُقْتَضَى لِمُعَارِضِ رَاجِحٍ : إمَّا تَوْبَةٍ ؛ وَإِمَّا حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ ؛ وَإِمَّا مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ ؛ وَإِمَّا شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ ؛ وَإِمَّا غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَآخِذَ . وَمِنْ اللَّاعِنِينَ مَنْ يَرَى أَنَّ تَرْكَ لَعْنَتِهِ مِثْلُ تَرْكِ سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ مِنْ فُضُولِ الْقَوْلِ لَا لِكَرَاهَةِ فِي اللَّعْنَةِ .

وَأَمَّا تَرْكُ مَحَبَّتِهِ فَلِأَنَّ الْمَحَبَّةَ الْخَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ لِلنَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ؛ وَلَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ } " وَمَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ : لَا يَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ مَعَ يَزِيدَ وَلَا مَعَ أَمْثَالِهِ مِنْ الْمُلُوكِ ؛ الَّذِينَ لَيْسُوا بِعَادِلِينَ . وَلِتَرْكِ الْمَحَبَّةِ " مَأْخَذَانِ " : ( أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا يُوجِبُ مَحَبَّتَهُ فَبَقِيَ وَاحِدًا مِنْ الْمُلُوكِ الْمُسَلَّطِينَ . وَمَحَبَّةُ أَشْخَاصِ هَذَا النَّوْعِ لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً ؛ وَهَذَا الْمَأْخَذُ وَمَأْخَذُ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِسْقُهُ اعْتَقَدَ تَأْوِيلًا .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي ظُلْمَهُ وَفِسْقَهُ فِي سِيرَتِهِ ؛ وَأَمْرُ الْحُسَيْنِ وَأَمْرُ أَهْلِ الْحَرَّةِ .

وَأَمَّا الَّذِينَ لَعَنُوهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ وإلكيا الْهَرَّاسِ وَغَيْرِهِمَا : فَلَمَّا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُبِيحُ لَعْنَتَهُ ثُمَّ قَدْ يَقُولُونَ هُوَ فَاسِقٌ وَكُلُّ فَاسِقٍ يُلْعَنُ . وَقَدْ يَقُولُونَ بِلَعْنِ صَاحِبِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِفِسْقِهِ كَمَا لَعَنَ أَهْلُ صفين بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْقُنُوتِ فَلَعَنَ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ فِي قُنُوتِ الصَّلَاةِ رِجَالًا مُعَيَّنِينَ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ ؛ وَكَذَلِكَ أَهْلُ الشَّامِ لَعَنُوا مَعَ أَنَّ الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ السَّائِغِ : الْعَادِلِينَ وَالْبَاغِينَ : لَا يَفْسُقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ . وَقَدْ يُلْعَنُ لِخُصُوصِ ذُنُوبِهِ الْكِبَارِ ؛ وَإِنْ كَانَ لَا يُلْعَنُ سَائِر الْفُسَّاقِ كَمَا لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْوَاعًا مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي وَأَشْخَاصًا مِنْ الْعُصَاةِ ؛ وَإِنْ لَمْ يَلْعَنْ جَمِيعَهُمْ فَهَذِهِ ( ثَلَاثَةُ مَآخِذَ لِلَعْنَتِهِ . وَ

أَمَّا الَّذِينَ سَوَّغُوا مَحَبَّتَهُ أَوْ أَحَبُّوهُ كَالْغَزَالِيِّ والدستي فَلَهُمْ مَأْخَذَانِ : ( أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مُسْلِمٌ وُلِّيَ أَمْرَ الْأُمَّةِ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَتَابَعَهُ بَقَايَاهُمْ وَكَانَتْ فِيهِ خِصَالٌ مَحْمُودَةٌ وَكَانَ مُتَأَوِّلًا فِيمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ وَغَيْرِهِ فَيَقُولُونَ : هُوَ مُجْتَهِدٌ مُخْطِئٌ وَيَقُولُونَ : إنَّ أَهْلَ الْحَرَّةِ هُمْ نَقَضُوا بَيْعَتَهُ أَوَّلًا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ابْنُ عُمَر وَغَيْرُهُ وَأَمَّا قَتْلُ الْحُسَيْنِ فَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَلْ ظَهَرَ مِنْهُ التَّأَلُّمُ لِقَتْلِهِ وَذَمَّ مَنْ قَتَلَهُ وَلَمْ يُحْمَلْ الرَّأْسُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا حُمِلَ إلَى ابْنِ زِيَادٍ . وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي : أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " { أَوَّلُ جَيْشٍ يَغْزُو الْقُسطَنْطينيّةَ مَغْفُورٌ لَهُ } " وَأَوَّلُ جَيْشٍ غَزَاهَا كَانَ أَمِيرُهُ يَزِيدَ . "

وَالتَّحْقِيقُ " .

أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَسُوغُ فِيهِمَا الِاجْتِهَادُ ؛ فَإِنَّ اللَّعْنَةَ لِمَنْ يَعْمَلُ الْمَعَاصِيَ مِمَّا يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ مَحَبَّةُ مَنْ يَعْمَلُ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ بَلْ لَا يَتَنَافَى عِنْدَنَا أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّجُلِ الْحَمْدُ وَالذَّمُّ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ؛ كَذَلِكَ لَا يَتَنَافَى أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لَهُ وَأَنَّ يُلْعَنَ وَيُشْتَمَ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ وَجْهَيْنِ . فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ : مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ فُسَّاقَ أَهْلِ الْمِلَّةِ - وَإِنْ دَخَلُوا النَّارَ أَوْ اسْتَحَقُّوا دُخُولَهَا فَإِنَّهُمْ - لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ فَيَجْتَمِعُ فِيهِمْ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ؛ وَلَكِنَّ الْخَوَارِجَ وَالْمُعْتَزِلَةَ تُنْكِرُ ذَلِكَ وَتَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ الثَّوَابَ لَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ وَمَنْ اسْتَحَقَّ الْعِقَابَ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ . وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ ؛ وَتَقْرِيرُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَأَمَّا جَوَازُ الدُّعَاءِ لِلرَّجُلِ وَعَلَيْهِ فَبَسْطُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَنَائِزِ فَإِنَّ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ وَإِنْ لُعِنَ الْفَاجِرُ مَعَ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِنَوْعِهِ لَكِنَّ الْحَالَ الْأَوَّلَ أَوْسَطُ وَأَعْدَلُ ؛

وَبِذَلِكَ أَجَبْت مقدم المغل بولاي ؛ لَمَّا قَدِمُوا دِمَشْقَ فِي الْفِتْنَةِ الْكَبِيرَةِ وَجَرَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مُخَاطَبَاتٌ ؛ فَسَأَلَنِي . فِيمَا سَأَلَنِي : مَا تَقُولُونَ فِي يَزِيدَ ؟

فَقُلْت : لَا نَسُبُّهُ وَلَا نُحِبُّهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَجُلًا صَالِحًا فَنُحِبُّهُ وَنَحْنُ لَا نَسُبُّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَيْنِهِ .
فَقَالَ : أَفَلَا تَلْعَنُونَهُ ؟ أَمَا كَانَ ظَالِمًا ؟ أَمَا قَتَلَ الْحُسَيْنَ ؟ .
فَقُلْت لَهُ : نَحْنُ إذَا ذَكَرَ الظَّالِمُونَ كَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ : نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ : أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَلَا نُحِبُّ أَنْ نَلْعَنَ أَحَدًا بِعَيْنِهِ ؛ وَقَدْ لَعَنَهُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ؛ وَهَذَا مَذْهَبٌ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَحَبُّ إلَيْنَا وَأَحْسَنُ .

وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ " الْحُسَيْنَ " أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ؛ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا .
قَالَ : فَمَا تُحِبُّونَ أَهْلَ الْبَيْتِ ؟
قُلْت : مَحَبَّتُهُمْ عِنْدَنَا فَرْضٌ وَاجِبٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَنَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم { قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَدِيرِ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ فَذَكَرَ كِتَابَ اللَّهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي } " قُلْت لِمُقَدَّمٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ فِي صِلَاتِنَا كُلَّ يَوْمٍ : " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ " قَالَ مُقَدَّمٌ : فَمَنْ يُبْغِضُ أَهْلَ الْبَيْتِ ؟ قُلْت : مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا:

الْغُلُوُّ فِي يَزِيدَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ خِلَافٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ. فَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَأوِيَةَ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَلَا كَانَ مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَكَانَ مِنْ شُبَّانِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَلَا كَانَ كَافِرًا وَلَا زِنْدِيقًا ؛ وَتَوَلَّى بَعْدَ أَبِيهِ عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَرِضًا مِنْ بَعْضِهِمْ وَكَانَ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَكَرَمٌ وَلَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لِلْفَوَاحِشِ كَمَا يَحْكِي عَنْهُ خُصُومُهُ.
وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ : - أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّامِ لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ.



الجمعة، 13 أغسطس 2010

تصدقوا في رمضان على مرضى المسلمين الفقراء ، بعد أن سرق النواب حقهم في العلاج


أشارت تقارير هيئة الرقابة الإدارية إلى تورط عدد من نواب مجلس الشعب في إساءة استخدام قرارات العلاج علي نفقة الدولة خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال إجراء علاج بمستشفيات خاصة وجراحات مكملة تجميلية، قُدرت بملايين الجنيهات،وكشفت أوراق القضية أن عدد القرارات التي تم استصدارها لصالح بعض نواب مجلس الشعب، بالمخالفة للقواعد القانونية، يصل إلى 67 ألفا و626 قرار، تُقدر قيمتها بنحو 350 مليون جنيه ، وأحد أعضاء مجلس الشعب تمكن من استصدار قرارات علاج على نفقة الدولة تصل قيمتها إلى 38 مليون جنيه، خلال ثلاث سنوات.

*********************
الفساد في مصر سرطان ينهش في كل شيء بلا رحمة ، حتى الفقير الذي يحق له أن يجد الدواء لعلاجه من الأمراض المزمنة على نفقة الدولة لا يجد من يضمن له هذا الحق ، أو يدافع عنه ، وكيف يدافع عنه ولصوص العلاج على نفقة الدولة هم بعض النواب الذين اختارهم ليتولوا رقابة الحكومة في المحافظة على حقوقهم، ويبدو أن البعض لا يقدر ما كتب ولا يشعر بمعاناة الفقراء في مرضهم ، لذا فاسمحوا لي أن أقص عليكم قصة سيدة في الرابعة والثلاثين من عمرها ، وهي تحكي لبريد الجمعة قصتها التي لن تستطيع أن توقف دموعك وأنت تتابع فصولها الدرامية ومشاهدها الباكية.

أنتظر الموت في أي لحظة‏..‏ كلما هاجمني الألم أترجاه‏,‏ فقط من أجل أبنائي‏,‏ أدعوه أن يتمهل‏ ، فقد نشأت في أسرة فقيرة تعيش في أحد أحياء القاهرة‏,‏ وسط أربع بنات وولد وحيد‏..‏ كان والدي يعمل غفيرا بإحدي الشركات براتب بسيط‏,‏ تحمل وحده مشقة تربيتنا بعد موت أمي‏,‏ وبرغم قلة الحيلة وضيق العيش إلا أننا كنا سعداء‏..‏ بـ طبق فول بالزيت وبجنيه عيش نأكل ونشبع ونحمد الله أقصي ما كنت أتمناه في طفولتي وأحلم به هو أن أتعلم وأصبح ذات شأن‏..‏ وكنت حريصة علي ذلك منذ مراحل دراستي الابتدائية‏,‏ فتفوقت علي زميلاتي‏,‏ حتي إن أهاليهن كانوا يعايرونهن بي‏..‏ بنت الغفير‏.‏

كبر والدي في السن‏,‏ وأتعبه مرض السكري‏,‏ فأحالوه إلي المعاش‏,‏ ووجدنا أنفسنا في مأزق‏,‏ وقد أصبحنا علي وش زواج‏,‏ فعمل أخي في ورشة نجارة لدي رجل طيب يعرف ظروفنا‏,‏ ولأمانة أخي وشهامته كان يعطيه بلاحساب‏,‏ وبدأت الحياة تبتسم لنا بعد أن شعرنا بحب أخي وحرصه وخوفه علينا‏,‏ فكان كل ما يأتي به يضعه في يد والدي ونعيش منه‏..‏ ولا أخفيك سرا سيدي أننا كنا نحتاج أشياء كثيرة مثل من هن في عمرنا‏,‏ ولكننا لم نطلب شيئا‏.‏
كنا سعداء راضين بما قسمه الله لنا‏,‏ فالفقراء يا سيدي لا يعنيهم من الحياة إلا لقمة العيش وهدمة تستر أجسادهم‏..‏ حتي هذه السعادة لم تدم‏,‏ ففي صباح يوم ذهبت أوقظ أخي ليلحق بعمله‏,‏ فلم يرد‏..‏ تحسسته بيدي وداعبته في وجهه كعادتي‏,‏ فلم يرد‏,‏ انقبض قلبي‏,‏ فهرولت الي والدي‏..‏ صمت مخيف في أثناء كشف الطبيب‏..‏ ناس يملأون البيت‏..‏ أحاديث جانبية‏..‏ وصراخ‏..‏ مات أخي الوحيد بسكتة قلبية وعمره‏22‏ عاما‏..‏ كانت الصدمة مفجعة‏..‏ مشهد لم يغب عن ذاكرتي حتي الآن‏,‏ كلما ذكرته بكيت‏,‏ لماذا أخي وفي هذا التوقيت؟‏!‏ لم يتحمل أبي الصدمة فأصيب بغيبوبة سكري‏,‏ خرج منها ببتر ساقه اليمني‏,‏ ليشقينا ألما وحزنا بنظراته الحزينة وإحساسه بالعجز والانكسار‏.‏

سيدي‏..‏ ماذا تفعل خمس بنات وأب عاجز منذ وفاة ولده الوحيد‏,‏ لا تفارق لسانه كلمة لله الأمر من قبل ومن بعد وكأنه اعتزل الحياة؟ ماذا نفعل وكل ما نملكه من الدنيا معاش لا يكفي شراء الدواء لأبينا المريض‏,‏ ما كان أمامنا إلا الخروج للبحث عن عمل نقتات منه‏,‏ فاشتغلت أختي الكبري بمحل ملابس‏,‏ والحمد لله‏..‏ سارت الحياة‏.‏

مرت السنوات‏..‏ كل عام تتزوج واحدة من أخواتي حتي بقيت أنا مع أبي‏,‏ وما إن تقدم لي أول عريس حتي وافق أبي وزوجني وأنا لم أكمل الـ‏16‏ عاما‏,‏ وكان يتعجل زواجي بشكل غير عادي‏,‏ وعندما عاتبته علي استعجاله لزواجي قال خلاص يا بنتي عايز أرتاح فسكت عن الكلام بعد أن رأيت في عينيه دمعة يغالبها‏..‏ لم يمر أسبوع علي زواجي حتي مات أبي‏,‏ وكأنه كان ينتظر هذه الساعة بالتحديد بعد أن اطمأن علينا‏.‏

كان أبي آخر سند لنا في الحياة‏,‏ وبموته شعرنا باليتم والخوف من الأيام‏,‏ وبدأت حياتي مع زوجي وأنجبت منه ولدين وثلاث بنات هم أملي وزرعتي‏,‏ حرصت علي أن أربيهم وأعلمهم وألا أحرمهم مما حرمت منه‏..‏ كبر أبنائي حتي وصل ولدي الأكبر الي الصف الثاني الإعدادي والبنات في الابتدائي‏..‏ كلما نظرت إليهم أشعر بالسعادة ويهون كل التعب‏..‏ كان زوجي يعمل في النقاشة‏,‏ وهي مهنة حسب الطلب وليست دائمة‏,‏ فكنت أعمل حسابا لأي ظرف‏,‏ وأدير بيتي بحكمة‏,‏ لكن زوجي كان مهملا في عمله ويسهر الي أوقات متأخرة ويأتيني فاقد الوعي وليس في جيبه مليم واحد‏!!‏

عاتبته بلطف وقلت له إن لدينا أطفالا نريد تربيتهم‏,‏ ولكنه لم يكن يهتم‏,‏ رضيت بنصيبي وأخذت أولادي في حضني‏,‏ بعد ان تركنا زوجي شهورا‏,‏ ولا أعرف أين ذهب‏,‏ سألت أصدقاءه وكل من يعرفه فلم يعرفوا عنه شيئا فخرجت أعمل في أي شئ‏,‏ أمسح سلم عمارة مقابل جنيه من كل شقة صباحا‏,‏ وأعمل في مطابخ المطاعم ليلا‏,‏ ومر عام وأنا علي هذه الحال‏,‏ ونسيت أني متزوجة ونسيت زوجي كما نسينا وكان كل شاغلي هو كيف أربي أولادي‏..‏ كنا نقضي يومنا حسب الظروف وكلما مر يوم بخير حمدنا الله ولا ننتظر الغد‏.‏
عذرا سيدي‏..‏ فقد أطلت عليكم‏,‏ فحكايتي قد تكون عبرة لمن لا يقدرون ما في أيديهم من نعمة المال أو الصحة أو الأولاد وأردت بها أن أضع بين أيديكم كل ما احبسه في صدري إن استطاعت الكتابة وصفه لتتخيلوا قسوة ما عانيت منذ طفولتي حتي لحظتي هذه التي لا أثق في أن تمر علي مثل خلق الله‏..‏ ولست خائفة من الموت بقدر خوفي علي أبنائي ولمن أتركهم‏.‏
ففي احدي الليالي صحوت علي صراخ ابنتي سارة وهي تتألم من وجع في بطنها وبعد الكشف عليها‏,‏ طلب الطبيب اجراء اشعة لها‏,‏ لم أعرف طعم النوم حتي ظهرت النتيجة‏,‏ وكانت الصدمة التي قلبت حياتي‏,‏ فلقد أصيبت ابنتي سارة بفشل كلوي في كليتيها ولابد من اجراء غسيل لها ثلاث مرات في الاسبوع‏,‏ ظللت الطم وجهي حتي وقعت أرضا‏,‏ ماذا أفعل؟ وبدأت رحلة العلاج فكنت ابيع في كل مرة أي شئ في البيت‏,‏ حتي استكمل اوراق علاجها علي نفقة الدولة أو في مستشفيات التأمين الصحي حيث كانت سارة في الصف الثالث الابتدائي‏.‏
كل ما كنت اتمناه في كل ليلة اقضيها مع ابنتي سارة هو أن يطلع النهار وهي علي قيد الحياة‏,‏ لاحملها علي كتفي واذهب الي مستشفي خيري وافق علي قبولها قبل ان استكمل اوراق علاجها في التأمين الصحي‏..‏ وفي مرة من مرات الغسيل‏,‏ ساءت حالتها وأخبرني الطبيب أن الفشل قضي علي احدي كليتيها وقال لي انه لابد من استئصالها ونقل كلية سليمة لها وإلا ستصاب بفشل كامل في الاثنين‏..‏ وتموت‏.‏
كنت اسمع صوت الطبيب وكأني في كابوس فظيع أريد أن أصحو منه‏..‏ حملت ابنتي وذهبت الي البيت‏..‏ وضعتها في فراشها وخرجت أبكي‏..‏ من أين وكيف؟‏!‏ فاذا بيد تربت علي كتفي وصوت اسمعه كالحلم يقول انا يا ماما هتبرع بكليتي لسارة اختي احتضنته واشتد بكائي‏..‏ ولدي الاكبر اصبح رجلا وهو لم يكمل عامه الثاني عشر‏,‏ وبعد ليلة كئيبة عشتها ذهبت بابنتي الي المستشفي وقلت للطبيب وجدت المتبرع ففرح وقال هاتيه ناخد منه عينة دم ونجري له بعض الفحوصات فمددت له ذراعي‏.‏
نعم سيدي‏,‏ نقلت كليتي لابنتي ولو طلبوا حياتي لأحد ابنائي لقدمتها وانا سعيدة ونجحت العملية وبدأت حالة سارة تستقر‏,‏ وانتظمنا في اجراء الغسيل للكلية الاخري ولانه لا مورد رزق لهم ـ بعد الله سبحانه وتعالي ـ إلا أنا فقد خرجت لعملي الشاق قبل أن يلتئم جرحي ولم اخبر ابني الاكبر بما حدث وكان كلما سألني اقول ان حالتها تحسنت‏,‏ خوفي علي سارة وانشغالي بمرضها انساني طفلي محمد الذي لم يكمل عامه الثالث حتي وجدته يشكو من آلام في بطنه فقلت‏;‏ ألم بسيط وسيزول لكن تكرر الألم فكشفت عليه‏!‏
أصيب محمد بفشل كلوي نعم سيدي‏..‏ أصبح اثنان من ابنائي مصابين بفشل كلوي يحتاج كل منهما الي رعاية مستمرة‏,‏ ما حدث لي قد لا يصدقه عقل‏,‏ لكن هي الحقيقة المؤلمة التي عاينتها ومازلت مع ابنائي والمرض وقلة الحيلة والرزق‏,‏ وانا اقابل المصائب وحدي دون سند إلا الله ـ سبحانه‏..‏ كان المستشفي الخيري الذي يعالج محمد وسارة رحيما بنا‏,‏ فاستقبل ابني بعد ان قابلت مدير المستشفي وحكيت له قصتي فوجدته انسانا طيبا خيرا قال بابتسام رقيق ماتشليش هم‏..‏ ربك كريم لكن كثرة الحالات التي يستقبلها كل يوم كانت تستنزف الاجهزة والمستلزمات الطبية‏,‏ ففي بعض الاحيان لم أكن اجد جهازا خاليا وأحيانا اخري لا نجد أدوات تجهيز الغسيل فكنت اشتريها‏,‏ ويعلم الله وحده كيف كنت أدبر ثمنها‏.‏
سيدي سيظن قراء بريدكم انني بعثت رسالتي هذه لينظر لي أهل الخير بمساعدة مادية أو علاج لـ سارة ومحمد لكني بكل ثقة وصدق ويقين فيما أقول‏..‏ كل ما اتمناه ان ينظر الناس الي هذا المستشفي الخيري مستشفي سوزان مبارك التخصصي للاطفال بالمهندسين والي الاطفال المرضي الموجودين فيه‏,‏ فجميعهم من أبناء الفقراء ويعالجون بالمجان وفي بعض الاحيان لا تتوافر لهم الامكانات‏.‏
احمدوا الله علي نعمة الصحة ورزقه مهما يكن قليلا‏,‏ فمال الدنيا كله لا يساوي لحظة ألم ووجع نراها في عين طفل مريض‏..‏ أي طفل‏!!‏ أريد ألا تري أي أم ما رأيته‏,‏ وما دام هذا المستشفي بخير فسوف تكون سارة ومحمد في أمان فانا اتمسك بالحياة فقط لاجلهما بعد ان تدهورت صحتي بعد نقل كليتي لابنتي‏,‏ وكثيرا ما أشعر بآلام تهاجمني من حين لآخر‏,‏ أخشي أن تؤدي لموتي قبل أن أصل بابنائي لبر الامان‏..‏ وساواصل مشواري حتي آخر نفس في صدري‏..‏ والله المعين‏.‏
------------------------------------------------------------------------
فهل جاء الزمان الذي يتمنى فيه المرء أن يكون دابة على عهد عمر بن الخطاب ولا يكون انساناً في عصر الذئاب .
فيا حاكم مصر ، وأنت تستعد للقاء الله عز وجل جهز لهذه السيدة جواباً أمام ملك الملوك ، حين يسألك عنها وعن غيرها من الملايين الذين ماتوا من الجوع والمرض والفقر.

الثلاثاء، 10 أغسطس 2010

تعليمات رمضانية



-------------------------------------------------
صورة ارسلت لي على البريد الإليكتروني


السبت، 7 أغسطس 2010

التوبة قبل قدوم رمضان !!!

قدوم رمضان فرصة ذهبية لكي يقف الواحد منّا مع نفسه وقف حساب وعتاب ، ولاشك أن أفضل ما نستقبل به رمضان هو التوبة من كل الذنوب . فمن يتأمل حياته ويراجع نفسه سيتأكد أننا كلنا مذنبون... كلنا مخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر مرة أخرى ، نراقبه مرة ، وتسيطر علينا الغفلة مرات أخرى ، نطيعه ثم نعصيه .
ويتأكد أننا لا نخلو من المعصية بل هي لا تنفك عنَّا ، فلست أنا وأنت بمعصومين فقد روى الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه وحسنه الألباني
من حديث أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
ويتأكدأن طوق الخطايا والسيئات حول أعناقنا يزيد في خناقنا لا مفر منه ، وكيف المفر وقد حكى ربنا جل وعلا عن المجرمين أنهم قالوا : ( يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ).
بعد أن أثقلتنا الذنوب وأعيتنا العيوب وأرهقتنا السيئات ، فقد خاف كثير منَّا من لقاء رب الأرض والسماء ، بل ونخاف أن يفوت الوقت ويدركنا الموت ولم نتخلص منها بعد .
فكم من معصية قد كنا نسيناها والله لم ينساها ؟
وكم من مصيبة كنا قد أخفيناها لكن الله أظهرها وَأَبْدَاهَا ؟
فيا حسرةَ قلوبنا وَقْتَهَا على ما فرطنا في دُنْيَانا مِنْ طَاعَةِ مَوْلانا .

وأصبح لسان حالنا يقول : هل صحيح أن الله عز وجل يقبل العائدين التائبين فيغفر لهم ويسامحهم على ما كان منهم ، نعم إي والله يفعل هذا وليس هذا فحسب بل ويحبهم ويفرح لتوبتهم أيضاً ، يقبلهم لأنه تعالى يقول : (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ ) ، ويحبهم لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ويفرح لتوبتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أنس بن مالك : (للَّهُ أَفْرحُ بتْوبةِ عَبْدِهِ).


أيها الأحبة:
مهما بلغت خطايانا وذنوبنا ثم تبرأنا منها واستغفرنا الله ، غفر الغفور الرحيم لنا ، فقد أخرج مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقول الله عز وجل : من عمل حسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر ، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ، ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ، ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلي ذراعاً اقتربت إليه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
بل إن الله سبحانه وتعالى هو الذي نهانا أن نيأس من رحمته عز وجلا فقال ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثا : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) وما أجمل هذا الجواب القرآني العجيب وكأنه كان هناك من يسأل من يغفر الذنوب ؟ فقال تعالى (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ) . وقال سبحانه : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ) .
ولو تدبرنا كتاب ربنا جل وعلا وتأملنا النصوص القرآنية أيها الأحبة لوجدناها تتنوع في أساليبها حين تتناول موضوع الاستغفار ، فتارة تؤمر به كقوله تبارك تعالى: (وَاستَغفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمُ ) ، وقوله تعالى : (وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ ) ، وتارة تمدح أهله كقوله تعالى : (وَاٌلمُستَغفِرِينَ بِالأَسحَارِ ) ، وقوله تعالى : (وَاٌلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَو ظَلَمُوا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَرُوا لِذُنُوبِهِم وَمَن يَغفِرُ الذُّنُوب إِلاَّ اللهُ ) ، وتارة تذكر أن الله يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: (وَمَن يَعمَل سُوءًا أَو يَظلِم نَفسَهُ ثُمَّ يَستغفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَّحِيماً ).
وفي السنة الصحيحة أيضا أيها الأحبة ما يعطينا هذا الأمل ، بل ويبشرنا أن رحمة الله قريبة جدا فقط علينا أن نكون من أهلها ونختار طريقها ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن عبدا أصاب ذنبا فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره ، فقال له ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فقال : يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي ، قال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له ، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي ، فقال ربه علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، فقال ربه : غفرت لعبدي فليعمل ما شاء ) ، وأخرج أحمد في مسنده وصححه الألباني من حديث أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفس محمد بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء و الأرض ، ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم ) ، وروى الإمام ابن ماجه بإسناد جيد كما قال الحافظ المنذري وحسنه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم ) .

أرأيتم أيها الأحبة من قبل مثل هذا الكرم وهذا الجود أريتم من قبل مثل هذه الرحمة ، بل تعالى معي لترى بنفسك رحمته سبحانه وتعالى حين يأتي يوم القيامة يوم الحسرة والندامة وأنت تقف وسط ذنوبك ذليلا كسيرا أمام الله عز وجل والملائكة تعرض عليك ذنوبك الواحدة تلو الأخرى فلا تستطيع أن تنكرها وكيف تنكرها والله عز وجل يقول : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) ، فلا تملك وقتها إلا انتظار الحكم بالعذاب لكن رحمة الله عز وجل وسعت كل شيء فيغفرها لك كما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها وفي رواية خبئوا كبارها ، فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال : عملت يوم كذا وكذا وكذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ؟ فيقول : نعم . لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه حين تعرض عليه . وقتها ستحدث نفسك ماذا ستفعل مع كبار الذنوب إذا كانت الصغائر تعرض الواحدة تلو الأخرى فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة . فيقول من فرحته وكأنه ليس مصدقاً لما يحدث : رب قد عملت أشياء لا أراها هاهنا ) ، يقول أبو ذر وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه. أيها الأحبة :
إن قبول الله عز وجل للتوبة يعتبر ميلادا جديدا لصاحبه بل هو عيد له ، فقد صح الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة توبة كعب بن مالك كما في الصحيحين الذي يقول بعد أن جاءته البشرى بقبول الله للتوبة : فجئت فجلست بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبشر يا كعب بن مالك بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال : قلت يا نبي الله أمن عند الله أم من عندك ؟ قال : بل من عند الله ثم تلا عليهم ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) حتى بلغ ( إن الله هو التواب الرحيم )
أيها الأحبة في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ )
فهيا أيها الأحبة ننضم أنا زأنت إلى قوافل العائدين إلى رب العالمين ، هيا نكون من التائبين ، ولا تنظر الليل لتعلن توبتك فلا يقتصر باب التوبة على الليل فقط فإن الله عز وجل إن جئناه ليلا غفر لنا وإن جئناه نهارا غفر لنا أيضا ، فالله عز وجل ليس له حُجَّاب على بابه وليس له وزراء وليس بيننا وبينه وسطاء ، ولن نأخذ المواعيد لكي نقابل رب العبيد ، فقد روى مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ ، رضِي الله عنه ، عن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : ( إِن الله تعالى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها ) .
ولعلنا الآن نتساءل لدينا ذنوبا كثيرة ومصائب عظيمة ونريد أن نتوب منها ونرجع عنها ، فماذا نفعل ، وماذا نصنع ؟ وكيف نتوب ؟

أيها الأحبة :
لقد صدق سفيان بن عيينة عليه رحمة الله حين قال : التوبة نعمة من الله أنعم الله بها على هذه الأمة دون غيرها من الأمم ، نعم والله نعمة أتدرون كيف كانت توبة الأمم السابقة لقد كانت تختلف تماما عنَّا ولعلكم تذكرتم الآن كيف كانت توبة بني إسرائيل كانت اقتل أنفسهم ، قال تعالى: (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ، ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) ، لكننا فقط نقول يا رب اغفر لنا فيغفر سبحانه وتعالى ،
أيها الأحبة :
التوبة لغة وشرعاً : هي الرجوع من الذنب ، العودة إلى الله ، لها شروط لا بد من استيفائها حتى لا تضيع الفرصة من بين أيدينا :
أولاً : ترك الذنب
ثانيا : الندم على ما اقترفته أو فرطت فيه
ثالثاً : والعزيمة على عدم العودة فمتى اجتمعت هذه الثلاث فقد كملت شرائط التوبة. إذا كانت في حق الله تعالى وتزيد شرطاً أخر إذا كان مع العباد بأن ترد له حقه ،
ولكن يحول بيننا وبين التوبة عقبات تواجهنا في طريق التوبة وتمنعنا من العودة .
أن تكون في الغفلة عنها :
قال تعالى : ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ) وقال سبحانه : ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) ، أليست هذه الكلمات تهز الغافلين هزاً... الحساب يقترب منهم وهم في غفلة . بل إنهم في أموالهم يحصون وفي مناصبهم ينشغلون والناس من حولهم يندهشون لماذا يعطيهم الله عز وجل ويغدق عليهم من نعمه وهم غافلون عنه ، بل إن الرجل نفسه الذي لا تزيده نِعمَ الله عليه إلا إعراضاً وعصياناً وضلالاً ، ولا يزيده حلم الله عليه ، وستر الله عليه إلا تمادياً واستخفافاً وإعراضاً قد اغتر بنعم الله عليه ، ويظن أن الله عز وجل ما أنعم عليه بهذه النعم إلا لأن الله يحبه ، ولولا أنه أهل لهذه النعم ما أنعم الله بها عليه ، مع أنه مقيم على المعاصي ، مقصر في الطاعات ، ونسى هذا المسكين أن هذا استدراج له من رب العالمين ، كما قال سيد النبيين في حديثه الصحيح الذي رواه أحمد وحسنه الحافظ العراقي وصححه الشيخ الألباني من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه : (إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد ما يُحِب ُ وهو مقيم على معاصيه : فاعلم فإنما ذلك منه استدراج ) .
أن تعرفها لكن تؤجلها :
إن أنفع طرق التوبة هو الإقلاع فوراً عن المعصية ، فإذا ما أخطأت أو نصحك أحد إخوانك أو بلغك خطئ قد ارتكبته فلا تمني نفسك يوما ما بالتوبة بل تخلص منه فوراً فما يدريك يا مسكين لعل أكفانك قد نسجت في نفس اللحظة التي تقول فيها سوف أتوب ، وتعالوا معي الآن نذهب إلى الكوفة لنسمع قصة توبة زاذان التي حكاها العلامة ابن قدامة في كتابه التوابين وفيه أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مر ذات يوم في موضع من نواحي الكوفة فإذا فتيان فساق قد اجتمعوا يشربون وفيهم مغن يقال له: زاذان يضرب ويغني وكان له صوت حسن فلما سمع ذلك عبد الله قال : ما أحسن هذا الصوت لو كان بقراءة كتاب الله ، وجعل الرداء على رأسه ومضى فسمع زاذان قوله فقال: من كان هذا ؟ قالوا : عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وأي شيء قال ؟ قالوا : إنه قال : ما أحسن هذا الصوت لو كان بقراءة كتاب الله تعالى ، فقام وضرب بالعود على الأرض فكسره ثم أسرع فأدركه وبكي بين يدي عبد الله بن مسعود فاعتنقه عبد الله بن مسعود وجعل يبكي كل واحد منهما ثم قال عبد الله: كيف لا أحب من قد أحبه الله عز وجل فتاب إلى الله عز وجل من ذنوبه ، ولازم زاذان عبد الله بن مسعود حتى تعلم منه القرآن وأخذ حظاً من العلم حتى صار إماماً في العلم وروى عن عبد الله بن مسعود وسلمان وغيرهما .


أيتها النفس الغافلة أما آن لك أن تستيقظي من غفلتك ؟ أما آن لك أن تتوبي ؟؟ كم مرة عصيت ربك ولم تستغفريه ...وفرطت بحقوقه ولم تعودي إليه ، ثم إذا جاءت سكرة الموت بالحق قلت ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين)

اعلمي يا نفس أن مآلك إلى تلك الحفرة المظلمة الموحشة ، تجلسين وحدك لا جليس ولا أنيس إلا عملك .. فهل تذكرتي الموت وسكرته ... والقبر وضمته .. والميزان ودقته .. والصراط وزلته .. والنار وعذابها .. والجنة ونعيمها ..فأي حال سيكون حالك ..؟؟ في تلك اللحظات الرهيبة ..موقف الذل والخزي ..يا من عصيت الله ليلا ونهارا سرا وجهارا ...فقول لي بربك كيف ستلقى الله غدا ..؟؟
وحين يسألك عن مالك الذي ضيعته ..وعمرك الذي أسرفت فيه .. وشبابك الذي عصيت ، فهلا تبت إلى الله وعدت إليه ..
فيا نفس كفي عن العصيان واكتسبِ فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يا نفس ويحك توبي واعملِ حسنا عسى تجزين بعد الموت بالحسن.
------------------------------------------------------------
هذا المقال ، أعد واُختصر بتصرف من خطبة ألقيتها في مسجد الفاروق عمر ، والله اسأل أن يقبل مني ومنكم صالح الأعمال

الخميس، 5 أغسطس 2010

جــــاء رمضان فاستعدوا يا اخوان !!

جاء رمضان ... فاستعدوا يا اخوان !!

من رحمة الله بنا أن هيأ لنا طريق العودة إليه والتوبة ، وجعل مواسم العبادة فرصة ذهبية للتطهر من الذنوب وتكفير السيئات ، وها هو شهر رمضان سيهل علينا ، بعد أيام قليلة ، سيأتي رمضان وهو يبحث عن أحبابه الذين بكوا على فراقه ، سيأتي وهو يمني نفسه بلقاء أصحابه الذين تألموا لرحيله في العام الماضي، هل رأيتهم وهم يبكون، وسمعتهم وهم يئنون، هل شاهدت أيديهم إلى السماء يرفعون وهم لبلوغه يدعون.

فها هو رمضان قد عاد أيها المسلمون ، جاء وقد بلغنا الله عز وجل كما كنّا ندعو ، وكأن رمضان يقول اغتمني فلعل هذا الشهر هو آخر لقاء بيننا ، لا تفرط في فلعل هذه الأيام هي أخر عهدك بالدنيا إذ فمن يضمن لنا أننا سنعيش إلى رمضان غيره ، بل والله لا أحد يدري هل سيبلغ رمضان هذا العام أم لا ، والله عز وجل يقول : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لايستأخرون ساعة ولا يستقدومون).

فهل تذكرنا الآن الأقارب والجيران والمعارف والزملاء والأحباب والأصحاب الذين كانوا معنا في العام الماضي وتوفاهم الله عز وجل ووارهم التراب فلم يشهدوا معنا رمضان هذا ، هل تذكرنا أنه الآن في وقتنا هذا وحتى غروب الشمس ودخول أول ليلة في رمضان والناس تستعد له ، وقد بدأ ملك الموت مهمته التي وكلّه الله عز وجل بها في قبض الأرواح وحصد الآجال التي قد يكون أحدهم هو أنا أو أنت أو غيرنا . فهل أدركنا الآن قيمة هذه النعمة العظيمة التي منّ الله عز وجل عليك بها نعمة بلوغ هذا الشهر المبارك ، هل تيقنت الآن أنها نعمة تستوجب شكر الله عز وجل والفرح.

عاد رمضان وهو يحمل رسالة إلى المقصرين مثلي ومثلك ،إن لم يغفر لك في رمضان فمتى سيغفر لك ، إن لم ترحم في رمضان فمتى سترحم ، إن لم تعتق من النار في رمضان فمتى ستعتق ،جاءنا رمضان ولسان حاله يقول : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين )

جاء رمضان وقد أغلق الله عز وجل لنا أبواب النيران وفتح أبواب الجنان ، وقيد لنا مردة الجان ، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).

جاء رمضان وقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم صائم رمضان بالجنة كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ).

فهل يحاول المسلمون في هذا الشهر تكفير السيئات والخطيئات ، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) .


ومع كل ليلة من ليالي هذا الشهر يفطر المسلمون مع بشرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالعتق من النار ، فقد روى الإمام أحمد والبيهقي والطبراني من حديث أبي أمامة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وابن ماجة في سننه من حديث جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وحسنه الألباني ، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ).

الثلاثاء، 3 أغسطس 2010

أحداث ما بعد جريمة اليوم السابع !

تصاعدت الأحداث في الجريمة الصحفية المشينة لليوم السابع ، ووصلت ذروتها بنية مؤلفها المغمور بتقديم بلاغ إلى النائب العام ضد الشيخين الجليلين الحويني وحسان بارك الله فيهما ، بعد أن اعترفت الجريدة على لسان مجلس إدارتها ورئيس تحريرها بخطئها في عدم إضافة أي تغيير في العناويين المسيئة التي اختارها المؤلف بنفسه ليعلن فيها عن روايته.

هذا هو ملخص الأحداث الماضية ، والذي استرعى انتباهي هو الغياب المريب للأزهر (المؤسسة والشيخ ) ، فإلى متى يصبر الأزهر ويضبط نفسه ويتورع عن الدخول في مثل هذه المعارك الإستراتيجية التي هي من صميم عمله ، أليس الدفاع عن الدين ونبيه من مهام الأزهر الشريف أم أن الأزهر كان شريفاً أيام أئمته العظام الذين لم يدخروا وسعاً في رفع راية الدين والوقوف في وجه الغاشمين ، وأصبح أضحوكة على يد طنطاوي رحمه الله والطيب هداه الله .
هل اقتصر دور الأزهر للترويج عن بدع وزير الأوقاف التي يتحفنا بها كل يوم مثل الآذان الموحد ، وطباعة الكتب التي تروج لمنهجه ؟
هل أصبح شيخ الأزهر أسداً على السلفيين ونعامة أمام من يتطاول على عرض سيد المرسلين ؟
إذا لم يخرج الأزهر وشيخه الآن ببيان حاد يدافعون فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمتى سيخرجون ، ومن الغيبوبة يفيقون !
**********************
وأين المؤسسة الرئاسية من هذه الأحداث التي كدرت الصفو العام ، وأشعلت فتنة من الممكن أن تأتي على الأخضر واليابس ، أم أن هذه المؤسسة متفرغة لملاحقة التقارير الأجنبية التي تنال من صحة الرئيس ، ولا تهتم إلا بتكذيبها وكأن الرئيس ليس بشراً فلا ينبغي له أن يمرض أو يشعر أحدا بمرضه ، أليس عرض النبي صلى الله عليه وسلم أحق بالدفاع عنه من صحته .
**********************
أما صاحب الرواية فلاشك عندي في إصابته بلوثة جنون جعلته يتخيل نفسه حين يقدم هذا البلاغ للنائب العام ضد الشيخين الحويني وحسان أنه سيفتح بوابة التاريخ.
**********************
واسترعى انتباهي أيضاً هالة التقديس التي أحاطت بالشيخ الحويني لدى دخوله إلى مقر قناة الناس لإذاعة حلقته ، وخلفية المشاهد التي ترصد قدومه يصاحبها أنشودة عن إمامته للحديث ، وأفزعني أن أرى الناس شباباً وشيوخاً يرتمون على يديه لتقبيلها وأغلب الظن أن الشيخ فوجئ بما يحدث له ولم يستطع إنكاره أو كأنه لم يرد إحراجهم ، وإن كنت أتمنى أن يعلن الشيخ رفضه لمثل هذه التصرفات وينهر من يفعلها حتى لا يغتر أحداً به أو يغتر هو بنفسه والشيطان لا يترك أحداً ، وأرجو أن لا يأخذها عليَّ أحد محبي الشيخ أو يتألم أحد مريديه من كلامي، ويسرها في نفسه أو حتى يجهر بها من أجل الدفاع عن شيخه فوالله ما قلت ذلك إلا خوفاً عليه . فأنا أكن للشيخ كل التقدير والاحترام وأقول هذا حباً فيه لا نقداً ، فتقديس المشايخ أساس كل بلاء ، وسبب كل بدعة ، ولا يجب أن يكون الشيخ هو معيار الولاء والبراء ، بل الشيخ يخطئ ويصيب ، يقول الحق تارة ويجانبه تارة أخرى ، لذا لا ينبغي أن يكون أساس النقد هو شعار من لا يحب الشيخ فلا يلومن إلا نفسه ، ورحم الله الشيخ الألباني لمّا بكى حين قيل له الشيخ العلاّمة المحدث ، فقال قولته المشهورة (إنما أنا طويلب علم)، رحم الله الشيخ الألباني لما جاءته دعوة مشيخة الحديث في الهند وقد أعدوا له مدرجات ستاد الكرة لكي يسع أربعة ملايين من محبي الشيخ يريدون رؤيته ، فرفض رفضاً قاطعاً ولما سأله أحد محبيه ، قال له الشيخ : ألم تسمع العدد الذي قيل ، وكأنه خشي على نفسه رحمه الله من فتنة العجب .
ولله دره عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لما مُدح من ابن عباس رضي الله عنهما فقال له عمر : المغرور من غررتموه .

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة