
وانتهاء هذا العصر لا يلغي أهمية هذا الجهاز ودوره الهام في حفظ الأمن للبلاد والأمان للعباد ، ولا يعني أن الحكم على الجهاز ككل ، فأنا أعرف أصدقاء من الشرطة ، يُضرب بهم المثل في الأدب والأخلاق والإلتزام والتدين.
فقط نرجو أن يغير بعض رجال الشرطة من طبيعتهم النفسية التي وضعوا هالتها حول أنفسهم وتصورا أن الناس خلقوا من نطفة وهم خلقوا من مسك وريحان فتعامل بعضهم مع الناس باستعلاء وكبر وغرور ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حرّم الجنة على المستكبرين فقال في الحديث الصحيح : (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) .
فقط نرجو من بعض رجال الشرطة أن ينزلوا من برجهم العاجي ، ويؤدون عملهم بإخلاص مثلهم مثل بقية الناس ، فجهاز الشرطة جهاز خدمي يخدم مصالح الناس.
فقط نرجو من بعض رجال الشرطة أن ينزعوا أقنعة الشر التي يلبسونها ليخاف الناس ويرتعشوا من بطشهم ونفوذهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"إذا كان ولي الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه : فلا ينبغي إعانة واحد منهما ؛ إذ كل منهما ظالم ، كلص سرق من لص ، وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية ورئاسة ، ولا يحل للرجل أن يكون عوناً على ظلم ؛ فإن التعاون نوعان :
الأول : تعاون على البر والتقوى ، من الجهاد ، وإقامة الحدود ، واستيفاء الحقوق ، وإعطاء المستحقين ، فهذا مما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة : فقد ترك فرضاً على الأعيان ، أو على الكفاية ، متوهماً أنه متورع ، وما أكثر ما يشتبه الجبن ، والفشل بالورع ، إذ كل منهما كف وإمساك.
والثاني : تعاون على الإثم والعدوان ، كالإعانة على دم معصوم ، أو أخذ مال معصوم ، أو ضرب من لا يستحق الضرب ، ونحو ذلك : فهذا الذي حرمه الله ورسوله" " مجموع الفتاوى " ( 28 / 283 )
وكل من يعمل في جهاز الشرطة ابتداء من الوزير إلى أصغر رتبة عسكرية ينبغي أن يعلم الآتي :
من دخل إلى هذا العمل للدعوة إلى الخير ، وتقليل الشر ، ورفع الظلم عن المظلومين ، وإسداء النفع إلى الناس بقدر الإمكان ، فلا حرج في هذا العمل .
أما من دخل إلى الشرطة لاستغلال المنصب في ظلم الناس ، وجمع الأموال بغير حق ، والاحتماء بهذه الوظيفة ، وإقرار القوانين الوضعية ، والدفاع عنها ، أو الدفاع عن ظالم ، أو الاعتداء على بريء ونحو ذلك من أوجه الظلم التي قد يقع فيها من يلتحق بهذا العمل ، فلا شك أنه عمل محرم ، ويخشى على صاحبه أن يأتي يوم القيامة مفلساً ، لا حسنات له ، وقد تحمل جبالاً من السيئات ، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :( أتدرون ما المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال : إن المفلس من أمتى من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتى قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)، وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : (يخلص المؤمنون يوم القيامه من النار ، فيحبسون على قنطره بين الجنه والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى اذا هدبوا ونقوا أُذن لهم فى دخول الجنه).

هناك تعليق واحد:
اكيييد قصدك على "ابو نديم الحوينى"
إرسال تعليق