خصصت لجنة إعداد الدستور المادة رقم ٢٢ من المسودة المطروحة للنقاش والحوار المجتمعي حالياً ، والحقيقة أن موضوع الأوقاف الخيرية من الأهمية بمكان ، بحيث يسن لها قوانين وتشريعات تحفظ للوقف مكانته التي يستحقها حفاظاً عليه وعلى حقوق المستفيدين منه ، ولعل من المفيد أولاً أن نلقي الضوء على الوقف ونتعرف عليه عن قرب .
الوقف هو أصل تمتلكه وأوقفته في سبيل الله ، أي منعت نفسك من التصرف فيه ولم تعد تملكه ، إذ انتقلت ملكيته منك إلى الجهة المنوط بها العناية بالأوقاف ، على أن تكون المنفعة منه في مصارف تحددها أنت وتشترطها على الجهة المسئولة.
وهو على نوعين ، إما أن يكون وقفاً خيرياً بمعنى أن ريع الوقف يذهب إلى جهة البر التي تحددها وتستفيد منه ، والثاني وهو الوقف الذري (الأهلي) بمعنى أن الجهة التي ستسفيد منه هم أهلك وذريتك ، وقد ينشأ نوع ثالث وهو مشترك بين النوعين السابقين .
فكيف تتم إذن إدارة الأوقاف ، عندما يتعرف المسلم أو المسلمة على أهمية الوقف وكيف أنه المثل التطبيقي للصدقة الجارية ، المذكور في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) [رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ]
والمشهور عند الناس هو بناء المساجد ، ووضع المصاحف بداخلها ، لكن الوقف أوسع من ذلك وأشمل بكثير فهو يغطي كافة مناحي الحياة ، فالعقارات الاستثمارية التي تدار من أجل تحقيق العوائد والأرباح تصرف على سداد الديون وعلاج المرضى وتعليم الفقراء ورعاية الأسر ودفع تكاليف الحج والعمرة لغير القادرين وافطار الصائمين ورعاية التلاميذ في المدارس وحفر الآبار وبناء الوحدات السكنية .
الوقف بحق دولة داخل دولة ، ويحتاج إلى قوانين تنظم عملية إدارته ورقابة على الأداء ، ويحتاج إلى أن يكون منفصلاً عن الجهاز الحكومي ببيروقراطيته وروتينه .
الوقف يحتاج أن يكون حراً طليقاً غير مكبلاً بالهيكل التنظيمي للجهات الحكومية ، فتتعطل المشاريع في انتظار الموافقات من المسئولين وتتأخر القرارات الاستراتيجية بسبب ازدحام جدول المسئولين.
فأرجو أن تكون هذه المادة رقم ٢٢ ضربة البداية الموفقة في نظام الأوقاف المصري .. !!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق