الاسلام سؤال وجواب

الأحد، 4 يوليو 2010

راقصات في الحي الأفرنجي

راقصات في الحي الأفرنجي

خطبة ألقيت في مسجد الفاروق عمر بمحافظة الإسماعيلية ، رأيت إعادة نشرها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والله من رواء القصد ، وهو يهدي إلى سواء السبيل .


أما بعد : مرة أخرى أيها الأحبة في الله ، يتوقف الحديث عن مداخل الشيطان التي قطعنا فيها شوطاً كبيرا وفتحنا فيها أبوابا كثيرة فتحدثنا عن الشيطان وعالمه وهدفه من إغوائه لبني آدم ومداخله مثل الكفر والشرك والبدعة، حتى وصلنا إلى باب الكبائر والتي سنتحدث عنها ولكن في الجمعة القادمة بإذن رب البرية إن كان في العمر بقية ، ونعتذر لحضراتكم اليوم عن هذا التوقف المفاجئ وهذا الهبوط الاضطراري ، لأننا أمام كارثة أخلاقية ومصيبة اجتماعية ومهزلة قانونية، إذ سنفتح ملفاً جديداً من الملفات فاحت من بين سطوره رائحة كريهة أزكمت الأنوف وعفنت النفوس ، نفتح اليوم ملفاً من الملفات ارتبطت صفحاته بالانحلال والمخدرات والفسق والفجور والخمور والرقص والغناء والنساء ، نفتح اليوم ملفاً من ملفات الفساد في حياتنا بل في حيينا .
سنتحدث اليوم عن شيطان يرتدي ثيابا جديدة ، ثياب الفن والدعارة والبلطجة ، شيطان يقطن في شارع بجوارنا يرتع فيه هو وأعوانه ليلا ونهاراً . وصدق الله جل وعلا إذ يقول : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) .
أحبتي في الله : إن ما يحدث في هذا الملهى الغنائي وهذا الملتقى الشيطاني لا يرضى عنه الرب العليّ ، فكم من حدود لله تنتهك هناك ، وكم من المعاصي تستباح هناك ، وكم من المنكرات ترتكب هناك ، وكم من الأعراض تهتك هناك ، وليت الأمر ينتهي عند هذا الحد إذن لقولنا أناس رضوا بالدنية في دينهم ودنياهم وفضلوا أن يمتطيهم الشيطان ويسوقهم إلى حيث يريد ، لكنهم يخرجون سكارى يتعرضون ويسخرون ممن يذهب إلى صلاة الفجر، فإذا دارت بهم الكؤوس ولعب الشيطان بالرؤوس انقلبت على بعضها البعض النفوس ، فتدب المشاجرات وتحطم الواجهات ويتحول السكارى وقتها إلى بلطجية وجناة ، هذا بالضبط ما حدث هناك قبل أيام وللأسف لم يتحرك أحد ؟ فهل نرضى بذلك ؟ هل نسمح بذلك ؟ هل نوافق على ذلك ؟
أيها الأحبة إن أي غيور على أهله وبناته فضلا أن يكون غيوراً على دينه ، لا بد وأن يهتم بهذه المشكلة ويسعى لحلها ويلعب دورا فعالا في استئصالها ، ولما لا والله عز وجل يغار على حدوده ومحارمه التي تنتهك ، ففي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أتعجبون من غيرة سعد؟ والله لأنا أغير منه والله أغير مني ومن أجل غيرة الله حرم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) ، فينبغي علينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال فإن هذه المشكلة تحتاج إلى رجال أو يتذرع أحدنا بمشاكله ويهرب فكلنا لديه مشاكل ، بل يجب علينا أن نهتم بهذه المشكلة ، لأن هناك واجبا علينا تجاه بلادنا وتجاه حيينا لابد وأن نقوم به ألا وهو أن نأمر أهالينا وجيراننا وأصحابنا بالمعروف وننهاهم عن المنكر إذا فعلوه . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) ، فإن تخاذلنا وتقاعسنا عن أداء هذا الدور الحيوي أيها الأحبة فلننتظر عقاب الله عز وجل على ذلك فقد روى الإمام أحمد في مسنده وصححه الألباني من حديث أبي بكر الصديق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ) ، ليس هذا فحسب بل إن اللعنة تحل على من لا يقوم بهذا الدور ، ولعلكم تتذكرون معي أيها الأحبة كيف حلَّت اللعنة على بني إسرائيل حين لم يتناصحوا ولا يتناهوا فيما بينهم عن هذه المنكرات التي فعلوها قال تعالى : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ) لماذا حلَّت اللعنة عليهم يا رب ( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) وقال تعالى: ( لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )
لذلك أيها الأحبة نحن اليوم نريد أن ننكر هذا المنكر لكننا في الوقت نفسه ، نستحضر في أذهاننا ويمثل أمام عيوننا المقولة التاريخية لشيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول رحمه الله : ( ليكن أمرك بالمعروف ، بالمعروف، ونهيك عن المنكر غير منكر ) . فلن نذهب إليهم نحطم المكان على رؤوسهم ، ولن نتشاجر معهم أو نتربص بهم الدوائر ؟ بل ننتهز اليوم أيها الأحبة هذه الفرصة لكي نتحدث عن كيفية النهي عن المنكر ، فما هو المنكر وما هي ضوابط تغييره ، وكيف نعالج هذه المشكلة التي نتعرض لها ؟ هذه هي عناصر خطبتنا وهذا هو موضوعنا وهكذا يتجدد اللقاء مع حضراتكم لهذا الأسبوع ، أسأل الله جل في علاه أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضاه ، إنه ولي ذلك ومولاه والقادر عليه .
لكننا بداية أيها الأحبة في الله : نريد أن نوجه كلمة إلى القائمين على أمر هذا الوكر الشيطاني فنحن لا نريد منهم إلاَّ أن تتسع عقولهم وتنشرح صدورهم وتنفتح قلوبهم لهذا المعروف الذي نرجوه لهم ، نريد فقط أن ننصحهم لله ، كما في صحيح مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة، قلنا لمن ؟ قال : لله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم ) ، نريد أن ننصحهم خوفاً والله على أخراهم حتى لا يكونوا أيضاً من أهل المنكر في الآخرة مثلما كانوا في الدنيا ، فقد روى الطبراني وصححه الألباني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة و إن أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة ) ، إننا نريد أن نحثهم على التوبة وننتظر عودتهم إلى طريق الله عز وجل . مثل توبة أصحاب أكبر وأشهر موقع عربي غنائي الذين أغلقوه نهائيا رغم شهرته وكثرة رواده ودخله الذي يدره عليهم ، وذلك بعد ما شاهدوا إساءة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف نالت منه صحيفة دنمركية ووقفوا عاجزين عن الدفاع عنه صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا طريقة ولا وسيلة لذلك إلا أن يتوبوا ويغلقوا هذا الموقع الغنائي فقالوا : ( ماذا ننتظر رسولنا رمز الأمة الإسلامية قد أهين ونحن نسمع الأغاني ونشاهد الفيديو كليب حان وقت أن نسمع قلوبنا ونشاهد أنفسنا ماذا ستفعل للدفاع عن الإسلام وعن رسول الأمة ).
نريد أن نوصيهم ونتواصى معهم بالحق كما قال تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
لذلك نقول لهم : يا إخواننا يا من ابتليتم بالعمل في هذه البؤرة الشيطانية أو الذهاب إليها قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) توبوا إلى الله عز وجل ولا تقنطوا من رحمته سبحانه وتعالى فقد وعد عز وجل بقبول التوبة فقط إن ذكرتموه عز وجل وتبتم إليه ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .
فيا من خلقكم الله تعالى لكي تعبدوه وأنتم إلى هناك تذهبون وتلهون وتلعبون وتسمعون وترقصون وتشربون ، يا من يكسب أمواله ببيع الخمور وقد لعن الله فيها عشر ، ويا من ينفقها على أجساد الراقصات وشرب المخدرات وسماع المحرمات ، أين الحياء من رب الأرض والسموات ، توبوا إلى الله سبحانه وتعالى من هذه الأعمال التي تجلب سخطه عز وجل ولا يقبل بسببها الصدقات والدعوات ، قال صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم من حديث أبي هريرة : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ؛ فقال يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، وقال : يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) ، وتزداد الخطورة ويعظم الأمر أيها الأحبة حين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البيهقي وصححه الألباني من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام ) .
لكنَّ أحدنا قد يسأل فإن لم يستجيبوا وأصروا على ما يفعلون كيف نغير هذا المنكر ؟ أيها الأحبة في الله : إن من أهم المهمات وأفضل القربات أن نتواصى ونوجه بعضنا إلى الخير بالحق ، والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل ، فما هو المنكر: هو الأعمال القبيحة التي حرَّمها الله تعالى علينا مثل ، الكذب والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين والإساءة إلى الناس وشرب الخمر والزنا والربا والفرار من المعارك وغيرها . وهما على نوعين أحدهما يغلب عليه حق الله تعالى مثل أداء العبادات بشكل مخالف ومثل المحظورات كشرب الخمور والمخدرات ومثل المعاملات المحرمة بين الناس كالزنا والربا ، والنوع الآخر يغلب عليه حق العباد منع الناس من الظلم والغش والفساد والاستبداد والقهر والعري والتبرج .
ولعظم هذا الأمر ومكانته فقد حثنا الله عز وجل على إنكار المنكر وفعل المعروف فقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .
بل إن الله عز وجل حيت تحدث عن خيرية الأمة جعل لها شرطا أنها تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ، فقال تبارك وتعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) . ولعلكم لاحظتم من الآية السابقة كيف قدمه الله سبحانه وتعالى في بعض الآيات على الإيمان ، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام ، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : ( ولا نعلم السر في هذا التقديم ، إلا عظم شأن هذا الواجب ، وما يترتب عليه من المصالح العظيمة العامة، ولاسيما في هذا العصر، لظهور المعاصي، وانتشار الشرك والبدع في غالب المعمورة )
وجعل الله عز وجل من يقوم بهذا الفعل من الصالحين فقال سبحانه : ( يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )
ومثلما جعلهم الله عز وجل أيضاً من المرحومين فقد جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المؤمنين فقال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .
وجعل نقيضها من صفات المنافقين وخصالهم فقال تعالى : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ )
ونحن أيها الأحبة إذا نظرنا في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنجد أيضا التشديد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو امتنعنا عنها لا يستجاب لدعواتنا ، كما روى أحمد والترمذي وحسنه الألباني من حديث حذيفة رضي الله عنه : (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم )
بل عد النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن المنكر صدقة فقد روى الترمذي وابن حبان وصححه الألباني من حديث أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة و أمرك بالمعروف و نهيك عن المنكر صدقة )
وقد عظم رسول الله أجر الذين ينكرون المنكر ويأخذوا مثل أجور الأولين من السلف الصالحين فقال صلى الله عليه وسلم كما روى أحمد في مسنده وصححه الألباني : ( إن من أمتي قوما يعطون مثل أجور أولهم ينكرون المنكر )
أيها الأحبة في الله ، إذا تبين لنا ذلك وأراد أحدنا أن يلعب دوراً مهما في أمر الناس بالمعروف والنهي عن المنكر فماذا يفعل هذا ما سنتحدث عنه أيها الأحبة ولكن في الخطبة الثانية وفيها بعد جلسة الاستراحة ضوابط النهي عن المنكر ومراتبه ؟ وكيف نواجه المشكلة التي نتعرض لها في حيينا ؟ أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .
أما بعد : أيها الأحبة في الله : ينبغي لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يكون عالما بما يأمر عالما بما ينهي ، قال عمر بن عبد العزيز : ( من عمل على غير علم كان يفسد أكثر مما يصلح ) ، وقال سفيان الثوري : ( لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلاَّ من كان فيه خصال ثلاث : ( رفيق بما يأمر رفيق بما ينهى ، عدل بما يأمر عدل بما ينهى ، عالم بما يأمر عالم بما ينهى ) ، فينبغي أن يتحلى بالرفق في دعوته ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قال رسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ، ولا نزع من شيء قط إلا شانه ) . وينبغي أن يتحلى بالصبر على دعوته ، قال تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ) ، وينبغي أن يدعو بحكمة بالغة وموعظة حسنة ، قال تعالى (وأدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ، وحري به أن يقول قولا لينا فمن يدعوه ليس بأخطر من فرعون الذي قال : ( أنا ربكم الأعلى ) ، وقال أيضا ( ما علمت لكم من إله غيري ) ومع ذلك يقول الله عز وجل لموسى وهارون عليهما السلام ، (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى () فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) ،
فما هي مراتب تغير المنكر أيها الأحبة ، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) فكيف نغير المنكر إذن ؟
تستطيع أن تغير المنكر الذي تراه فيما لك عليه سلطان مثل بيتك أو يقع تحت ولايتك ، أو أن تكون مسئولا في مكانك لكنك لا تستطيع ذاك أمام منكر تراه في بيوت الآخرين أو الأماكن العامة إلا باللسان فتوجه النصيحة بالحجة والبرهان أو بالقلب إن لم تستطع أن تغيره بما سبق ، فلا يجوز بتاتا أن تحرق محلات الفيديو ولا تحطم محلات الكاسيت أو تفجر دور السينما والمسارح على ما فيها من منكرات لأن ذلك يؤدي إلى الفوضى كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليس لأحد أن يزيل المنكر بما هو أنكر منه مثل أن يقوم واحد من الناس يريد أن يقطع يد السارق ويجلد الشارب ويقيم الحدود لأنه لو فعل ذلك أفضى إلى الهرج والفساد ) ، وقد نص غير واحد من أهل العلم انه لو تطلب الأمر رفع السلاح فلا بد من استئذان السلطان أو ولي الأمر حتى لا يؤدي إلى الفتنة ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى المنكر في بيته وكانت ستار عليه صورة ، جذبها وهتكها على الفور كما في صحيح البخاري من حديث عائشة ، لكنه لما رأى مثل هذه الصور في بيت ابن عمه علي رضي الله عنه وكان قد صنع له طعاما يدعوه عليه فلمَّا وقف على الباب رأى صورا فرجع وانصرف فجرى خلفه علي رضي الله عنه يسأله عن السبب فقال : ( إن في البيت سترا فيه تصاوير وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير) والحديث رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
ولما كانت هذه المشكلة التي نتعرض لها موجودة في أماكن عامة لذلك فيون إنكارنا له عن طريق اللسان ولن يأتي هذا إلا عن طريق توجيه نداءات :-
الأول : إلى أصحاب هذا الوكر الشيطاني أن يتقوا الله عز وجل ويتوبوا ، ويستبدلوا هذا الملهى بتجارة أخرى مشروعة مما أحله الله عز وجل ، حتى يبارك لهم سبحانه وتعالى في رزقهم وأموالهم .
الثاني : إلى أهالي الحي أن يوقعوا على مذكرة تفيد رفضهم لوجود هذه البؤرة الشيطانية في منطقة سكنهم خوفاً على أسرهم وأولادهم وبناتهم .
الثالث : إلى أصحاب المتاجر والمحلات المجاورة والمحيطة بهذا المكان الشيطاني ، أن يشاركوا الأهالي في مذكرتهم وأن تجارتهم تأثرت بسلبيات هذا الملهى نتيجة المشاجرات بين البلطجية .
الرابع : إلى نواب مجلس الشعب والمجالس المحلية ، أن يقفوا وقفة للتاريخ تكتب في ميزان حسناتهم وأن يرفعوا هذه المذكرة إلى المسئولين والمعنيين . فأين هم لماذا لا نراهم إلا عندما يحتاجوننا فقط ولا نراهم عندما نحتاجهم .
الخامس : إلى المسئولين عن هذا البلد أن يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويزيلوا هذا المنكر ويسحبوا ترخيص هذه المنشأة التي تبارز الله بالمعصية .


وليد يوسف

هناك 4 تعليقات:

سعد يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

بارك الله فيك..
ياسر حسين

Unknown يقول...

جزاك الله خيرا شيخنا أبو البراء

غير معرف يقول...

السلام عليكم أبو البراء
في انتظار باقي سلسلة الخطب وان كانت سمعية في افضل وذلك للإستماع لها اثناء العمل لتوفير وقت العمل للعمل
واقترح ان يكون اسم السلسلة
" سلسلة الخطاب العصري لأبو البراء المصري "
وجزاكم الله عنا خيرا ابو البراء المصري

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة