الاسلام سؤال وجواب

الأربعاء، 1 يونيو 2011

شهادة ضمان الثورة


أسقطت ثورة الشعب فساد حكامه ، فمتى سيقوم الشعب بالثورة ضد فساده ، متى سيثور الشعب ضد ظلمه ، فالشعب الذي أنجب مبارك وبطانته السوء ما زال على شاكلته ولم يتغير ، ولن يأت الأفضل - مهما حاولوا – إلا إذا فطن الشعب إلى جوهر التغيير وحقيقته .

مصر التي يحبها الليبراليون والإشتراكيون والرأسماليون ، والناصريون والمباركيون ، والا مذهبيون ، هي نفسها مصر التي يحبها الإسلاميون ، فإذا كنّا قد جربنا كل النظريات السياسية ، وطرقنا باب كل المذاهب الإجتماعية ، وأذعنا إلى كل الأفكار الإقتصادية ، وسمعنا كل اللقاءت الفضائية وأنشأنا كل الأحزاب الوطنية من أجل إنقاذ مصر ، ولكنها ما زالت في غرفة الإنعاش تنتظر المعجزة الإلهية لإنقاذها قبل أن تموت إكلينيكا ، فما الذي يضيركم لو أننا سمعنا بآذاننا وفتحنا قلوبنا ، وأزلنا غشاوة عيوننا لكلام الخالق سبحانه وتعالى في التغيير الحقيقي

يقول الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) { الرعد : 15} ، والتغيير المنشود المطلوب في هذه المرحلة الفارقة من حياة الشعب المصري هو تغيير الشعب ، ولا أقصد بالطبع رحيله ، بل يكون التغيير بمعرفة الشعب لحق الله عليه، فهذا هو الضمان الحقيقي لنجاح الثورة ، فالثورة لم تولد سفاحاً حتى نرى هذه الفوضى في سماء المحروسة ، ولم توجد عبثاً حتى يتحدث كل من هب ودب بإسمها ويلوي ذراع الجميع ، الثورة التي يحميها الله عز وجل لن يقف أمامها بلطجية النظام السابق ، ولن تؤثر فيها أموال رجال الأعمال التي يشترون بها الذمم ويخربون الضمائر ، الثورة تحتاج إلى رب يحميها ، وليس إلى بشر يتنازعون عليها من أجل إلتقاط الصور ، وجمع التوقيعات ، وحصد المكاسب ، فالله تعالى يقول : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) { الأعراف : 96 }

ولن يأت الإيمان والتقوى إلا بمعرفة حق الله تعالى على عباده ، وهو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاًَ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً) متفق عليه من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه .

وإفرادك لله سبحانه وتعالى بالعبودية يعني عدم الإشراك به ، وأن تدع كل ما يمزق ثياب التوحيد مثل الطواف بغير الكعبة ، النذر للجن ، الحلف بغير الله ، التوسل بقبر وضريح ، طلب الشفاء من الأموات ولو كانوا صالحين ، وغير ذلك من الأمور المشاهدة بقوة في الحياة .

وخروج هذه الأمور من العوام أمر قد يستساغ منهم لجهلهم بالأحكام الشرعية التي استقرت في وجدان العلماء سلفا وخلفاً وفي بطون الكتب الأمهات ، ولكن الغريب حقاً أن يدافع مشايخ وعمائم من أجل هذه الأضرحة والقبور ولايصف من ينتقد هذا بالجهل فحسب ، بل ويدعو عليه ، وهذا من الجهل المركب ولو كان قائله مفتي الديار.

وحق الله تعالى على الشعب أن يقولوا لحكم الله عز وجل : ( سمعنا وأطعنا ) ، لا أن يقول أحدهم ( لن تحكمني آية ) ، أو يطالب أحد مثقفيه بالزواج المدني الذي يباح فيه عرض المسلمة ولا يعاقبه أحد .

وحق الله تعالى على الشعب أن يذهبوا إلى بيته إذا سمعوا المؤذن ولا يتكاسلون عنها ، في الوقت الذي يذهبون فيه بالملايين إلى ميدان التحرير ، رافعين شعار الهلال والصليب ، الذي يزعم فيه النصارى أن نبي الله عيسى عليه السلام قد صلب عليه ، والله تعالى يقول : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) {النساء:157-158} ، فحق الأقباط في المواطنة أمر لا ينكره إلا جاحد أو جاهل ، ولكن هذا لا يعني أن التنازل عن ثوابت الدين من أجل أن التجمل السياسي.

حق الله تعالى على الشعب أن لا يقولوا لعدوه أنها دولة صديقة ، ونتعاون معها بيعا وشراء وهم يبنون بخاماتنا الجدار العازل وتعمل مصانعهم وآلياتهم الحربية بالغاز المصري لمحاربة المسلمين في فلسطين .

حق الله تعالى على الشعب أن لا يكونوا مثل قوم شعيب الذين كانوا ينقصون الكيل (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) {الأعراف: 85}. فينبغي علينا إصلاح أنفسنا إقتصادياً من خلال ورع التجار وتقواهم وعدم إحتكاركم للسلع ورفع أسعارها ، والغش في الوزن وإنقاص الكيل.

حق الله تعالى على الشعب أن لا تشيع الفاحشة بينهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (وما فشت الفاحشة في قوم قط إلا ابتلوا بالأوجاع - يعني: الأمراض - التي لم تكن في أسلافهم من قبل) .

حق الله تعالى على الشعب أن لا يتعاملوا بالربا فيما بينهم ، وقد حذر المتعاملين بها بالحرب فقال تعالى : (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ الله وَرَسُولِهِ) {البقرة: 279}.

هذا غيض من فيض من أوامر لله تعالى أمر بها عباده فنسيوها أردنا أن نذكر بها أنفسنا وأياكم حتى لا يأخذنا الله تعالى بذنوبنا مثلما أخذ من قبلنا ، إن كنتم تريدون لله عز وجل أن يحمي الثورة ويدافع عنها .

فالشعب إذا أراد الحياة

فلابـــــد أن يـتـقي الله



ليست هناك تعليقات:

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة