أكبر مخاطرة ترتكبها في حياتك ، أن تبحث عن الخيارات المستقبلية التي توفر لك الأمن المادي دون أن يشغل بالك أمر الآخرة رغم أنك ستذهب إليها حتماً لا ريب في ذلك ، أكبر مغامرة تخوضها في حياتك أن تقضي عمرك باحثاً عن السعادة وتفرح حين تجدها في لذة أومتعة مُحرَّمة ، ثم إذا جاءك الموت بغتة تذكرت أن هناك آخرة لم تعمل لها قط ، أكبر أحلامك لن تفرح بها حين تتحقق لو لم تترجم حلمك بدخول الجنة إلى منهج حياة تسير عليه أو واقع فعلي تعيشه.
كثير من الشباب لا تجده إلاّ في ملاعب الكرة أو جالساً على مقاعد السينما ، كثير من الشباب يبحث عن الكيفية التي يقضي بها وقته ويضيعه ، منهم من يلعب ومنهم ويسافر ومنهم من يجلس على المقاهي ومنهم من يشرب المخدرات أو المسكرات ، ومنهم من يلهو مع البنات ، ولا يخطر له الموت على بال ، ولم يفكر فيه ولو للحظة واحدة.
والتفكير في الموت لا يجب أن يؤخذ من باب العظة والعبرة فقط ، فمعرفة الإنسان بالموت وما يحصل له فيه من الإيمان باليوم الآخر ، وقتها ستعرف أن هناك لحظات احتضار ستمر عليك مثلما مرت على النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقاسي ويعاني منها ، قائلاً : ( لا إله إلاّ الله ، إن للموت لسكرات ) رواه البخاري في صحيحه ، وفي لحظة الإحتضار أو قبيل مجيئ ملك الموت لك بإذن الله تعالى ليقبض روحك ، ستكون وقتها في حالة خاصة بك يطلق عليها علامات حُسن الخاتمة أو سوء الخاتمة وهي العلامة التي يختم لك الله تعالى بها حياتك التي كنت تعيشها فمن عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعث عليه ، فربما كنت قارئاً للقرآن ، ربما كنت ساجداً لله ، أو كنت صائماً ، ربما كنت حاجاً أو معتمراً ، ربما كنت مجاهداً في سبيل الله تعالى ، أو كنت جالساً تستغفر ربك وتسترحمه ، وربما كنت لاهياً عابثاً ، لم تترك معصية إلا وفعلتها ، ولا محرماً إلا وقد ارتكبته ، تضيع وقتك في اللعب واللهو ، رصيدك من الحياة تستنزفه على صفحات الإنترنت الإباحية ، أو الأفلام الماجنة والأغاني الخليعة ، وإذ بك فجأة وأنت على حالتك السابقة يأتيك ملك الموت ليقبض روحك ، وقتها لن ينفع الندم ، ولن يُسمح له ولا لك بتأجيل الموت ، قال تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ({الأعراف: 34}.
وطالما كانت هذه هي النهاية الحتمية لقصة حياتك ، فلماذا لا تجعل نهايتها سعيدة بميتة سعيدة ، تجد حلاوتها في قبرك وفي آخرتك ، ما الذي يمنعك من اتخاذ بعض القرارات الهامة في حياتك لتصحح بها مسارك .
إن كثيراً من رجال الأعمال والتجار والإقتصاديون والماليون والشركات الصغيرة والكبيرة ، يستعرضون دائماً نتائج الأعمال ويفصحون عنها في التقارير من أجل التحليل الفني لهذه النتائج التي تظهر حقيقة المركز المالي ووضع السوق ، وتظهر لمن يجيد قراءة هذه الأرقام من المحللين مشاكل الشركة الفنية من تضخم المصاريف وضعف الإيرادات والتحصيل ، ثم يبدأ دور المسئولين في إتخاذ القرارات التصحيحية .
ونحن كذلك في حياتنا نحتاج إلى تحليل فني لما يحدث في يومنا ، فالشركات تبوب أحداثها الإقتصادية على أساس إيرادات ومصروفات مباشرة وغير مباشرة وأصول ثابتة ومتداولة أو إلتزامات قصيرة الأجل أو طويلة الأجل ، لكنك ستبوب أحداثك عن طريق الحسنات والسيئات والكبائر والصدقات والبر ومساعدة الغير وغيرها .
ثم تحلل نتائج هذه الأعمال اليومية ، ربما تجد أنك لم تتصدق طوال الشهر ولا مرة أو ارتكبت كثير من الكبائر أو الصغائر ، وهو ما يسمى بوقفة المحاسبة مع النفس قبل أن تغرق في بحور من شهوات لا أخر لها.
ثم تأتي مرحلة اتخاذ القرار ، ويأتي على رأس القائمة التوبة ، حتى تغلق هذه الصفحة الماضية ، ينبغي أن تغلقها بالتوبة مما حدث فيها من تقصير أو خطأ ، ثم تعاهد الله عز وجل أنك لن تعود لمثل ما مضى أبداً وتعقد العزم على ذلك .
ومن نتائج المحاسبة ستجد أنك لم تصل جماعة في المسجد إلا يوم الجمعة ، فتبدأ بإتخاذ القرار أنك ستذهب إلى المسجد مع كل آذان .
أو أنك كنت تصاحب الفتيات في النوادي والملاهي أو في غرف المحادثة أو غرف النوم ، فتتوب من هذا كله وتقطع صلتك نهائياً بمن لا تحل لك فعل ذلك معها ، واحذف ارقام هواتفهن وامنع نفسك منعاً باتاً.
ربما وجدت أنك مقصر في حق والديك أو أقاربك ، فصل رحمك وبر والديك ، لتأتيك البركات من السماء بإذن الله تعالى .
ربما كنت تعمل عملاً أوتمتهن مهنة حرمّها الله تعالى ، فابغض هذا العمل بقلبك ، واسعى إلى عمل جديد ، وانوي أن يرزقك الله الرزق الطيب الحلال.
حاسب نفسك ، وخذ قرار بالتوبة والعودة ، قبل أن يفوت الآوان ، فالموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق