الاسلام سؤال وجواب

الجمعة، 31 ديسمبر 2010

كيف تدرس الفقه ؟

ومن يريد دراسة الفقه وتعلمه ، سيجد نفسه واقعاً في حيرة شديدة ، فهناك من ينصحه بدراسة الفقه على مذهب من المذاهب الفقهية ، وهناك من يقنعه بضرورة التعلم مباشرة من الكتاب والسنة عن طريق الفقه المقارن ودراسة أقوال العلماء والترجيح بينها ، وكلاهما له وجاهته التي اقنعته بذلك ، ولكني بذلك أراك قد كتبت نهايتك العلمية بيديك لأن الأول قد دفنك في قبر المذهبية والتعصب ، والثاني قد أضاع طريقك ودخلت بسببه في دوامة روايات الأئمة وأوجه الأصحاب.
**************
لكن تعالى معي يا صاحبي نمشي سوياً في هذا الطريق ونعين بعضنا على مشقته ووعرته ، وأجد أن أول شيء علينا فعله هو أن نحدد الهدف العلمي الذي نطمع في الوصول إليه ، ألا وهو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعني أنه علينا دراسة الفقة على طريقة أهل الحديث ، الذين يستنبطون الأحكام الشرعية من الأحاديث النبوية ، ويفهمونها بفهم علماؤنا الأكابر بغض النظر عن مذهب كل واحد ، فلا شك أنهم مجتهدون في أقوالهم ، ولكن ينبغي أن نتبع منهم من صح اجتهاده دون إلقاء اللائمة على غيره.
ولن نتمكن من تطبيق هذا المنهج العلمي إلا على ثلاث مراحل :-
المرحلة الأولى : دراسة علم مصطلح الحديث ، حتى نفهم لغة المحدثين وحكمهم على الأحاديث والأسانيد ويتميز لدينا الصحيح فنعمل به ، والضعيف فنتركه.
المرحلة الثانية : دراسة علم أصول الفقه ، وذلك حتى نفهم الأحكام الشرعية وأدلتها التفصيلية ، وكذلك أصول الترجيح بين الأدلة .
المرحلة الثالثة : دراسة كتاب فقهي يستمد أدلته من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ، وقراءة شروح العلماء على أحاديثه.
والله يوفق الجميع لما يحب ويرضى

السبت، 4 ديسمبر 2010

الفقة والحياة !!


كيف تستفيد من أبواب الفقه في حياتك العامة ، فحين تخرج لقضاء عطلة الأسبوع مثلاً على أحد الشواطئ وحان وقت الصلاة ولم تجد مكانا للوضوء في مسجد قريب ، ودار في خلدك تساؤل هل تستخدم الماء القليل معك في الوضوء أم تتيمم من رمال الشاطئ ، ولو ذهبت إلى حديقة وبحثت عن مكان مخصص للصلاة ولم تجد ، فهل تصلي مباشرة على العشب بعد أن وجدت عليه سماداً عضوياً وروث البهائم أم هناك حل آخر ؟ وغيرها من الأمثلة الواقعية التي يضرب صاحبها أخماسا في أسادس لو لم يعرف إجابتها لكنه بلا شك سيعبر هذه الأزمات المفاجئة لو كان عالماً بأمور دينه ، وهناتكمن قيمة الفقه وأهميته ، وستعلم أن هناك بابا اسمه الطهارة ويتحدث عن مياه البحر وطهارتها ، كما سيتحدث عن النجاسات وأنواعها ونوعية الأرض الطاهرة التي سيصح الصلاة فوقها.

وكذلك الوضع عن المعاملات المالية وعلاقتها بالحلال والحرام.

فهلا بدأت في دراسة الفقه لتتعلم وتعلم أهلك وأولادك معك كيف تعبد ربك ؟
فإن أردت السؤال عن الخطوة الأولى في صعود سلم هذا الفن العظيم ، ففضلاً انتظرني في المقال القادم بإذن الله تعالى ، لأجيبك عن هذا السؤال وغيرها من الأسئلة التي تدور في خلدك.

الاثنين، 15 نوفمبر 2010

عيد الأضحى المبارك 1431 هجرياً




كل عام وأنتم بخير



والله اسأل أن يجعلنا وإياكم من وفد الرحمن العام القادم وأن نرجع من بيته سبحانه وتعالى مغفوراً لنا وقد محيت ذنوبنا وسيئاتنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

أيها الحبيب : ألا إن نصر الله قريب

هذا هو حالنا الواقعي ومآسينا الحقيقية الذي ذكرته في المقال السابق ، فهل بعد هذا الليل من نهار ؟
وهل بعد هذا الظلام من نور ؟
وهل بعد هذا الذل من نصر ؟
نعم والله أيها الحبيب إن نصر الله قريب.
فمهما بلغت مكانتك أو منصبك لابد أن تقرأ كتاب رب العالمين وتسمع أحاديث سيد المرسلين ، وسترى بنفسك الوعود بنصر الدين والمؤمنين.
فقد يبطئ النصر لأسباب كثيرة جداً ، ولكنه آت بإذن الله تعالى في نهاية المطاف مهما رصد الباطل وأهله من قوى الحديد والنار، ولا يقال ذلك رجماً بالغيب ولا من باب الأحلام الوردية لتسكين الآلام وتضميد الجراح كلا، ولكنه القرآن الكريم يتحدث، والرسول الصادق الأمين يبشر، والتاريخ والواقع يشهد ، فقد روى الإمام أحمد وصححه الألباني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ( بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي المدينتين تفتح أولاً أقسطنطينية أم رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مدينة هرقل تفتح أولاً)) يعني: القسطنطينية. قال العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة : وقد تحقق الفتح الأول على يد محمد الفاتح العثماني كما هو معروف ، وذلك بعد ثمانمائة سنة من إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالفتح ، وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده وبن أبي شيبة في مصنفه والنسائي في الكبرى وأبو يعلى في مسنده والبيهقي في دلائل النبوة وصححه الحافظ ابن حجر وحسنه الألباني من طريق ميمون عن البراء بن عازب قال : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ قَالَ وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنْ الخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ قَالَ فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ وَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ أُخْرَى فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا.
ولقد تحققت البشريات التي وعد بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فإليك البشريات من كتاب رب الأرض والسموات يقول الله عز وجل: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) .
وقال سبحانه : ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )
وقال تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ).
وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أمته كما روى أحمد وصححه الألباني من حديث أبي بن كعب : (بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة و النصر و التمكين في الأرض ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) كما روى أحمد ومسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه ويقول أيضا - صلى الله عليه وسلم -: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر، إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل به الكفر) . كما روى أحمد والطبراني وصححه الألباني من حديث تميم الداري.

فهل نحن الآن الجيل الرباني الذي يستحق النصر الرباني ؟

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

الواقع الحزين.. لشباب المسلمين

حال المسلمين أليم وحزين ، ولن يستطيع أحد مهما بلغت درجة تفاؤله أن ينكره ، ولن يستطيع أحد مهما بلغت درجة جهله أن يجهله، إذ بنظرة واحدة محايدة على أقطار المسلمين الآن في شتى بقاع الأرض كافية لكي تعبر بصدق عن أوضاع المسلمين المتدنية سياسياً واقتصاديا وأخلاقياً واجتماعياً ، وحتى يومنا هذا في عامنا هذا في قرننا هذا و المسلمون عاجزون عن تغيير واقعهم ، ويعيشون عصراً غير مسبوقاً من الهوان والذل .
فالمسلمون الآن يسحقون ويذبحون ويدمرون ويشردون ويعيشون تحت وطأة القهر والظلم والقمع والاستبداد والاستعباد والتنصير على يد المحتل ، وليس خافياً على أحد ما يحدث في فلسطين على يد الصهاينة وفي العراق على يد عصابات التحالف الدولية ، وفي أفغانستان على يد أمريكا وفي كشمير على يد الهندوس وفي الصومال على يد نصارى الأحباش ، وفي الشيشان على يد الشيوعيين الروس .
بل والمسلمون الذين نجوا من خطر الاحتلال لبلادهم يعيشون تحت سياط الغلاء والفقر والجوع وتكميم الأفواه وتقييد الحريات واعتقال المعارضين ، وقمع المناهضين ، وفقد شباب المسلمين شخصيتهم وأصبحوا نسخاً ماسخة باهتة من الغرب ، ويعيش المسلمون أيضاً في مجتمع تبدلت فيه الأوضاع و تغيرت فيه الأحوال و انقلبت فيه الأمور، فأصبح الالتزام بشريعة الله دليلاً دامغا لتهمة التطرف و الإرهاب ، وأصبح العمل بسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم سبباً وجيهاً للدهشة والاستغراب ، يعيش المسلمون في مجتمع نشأ فيه جيل من شبابه مهزوماً نفسيا ، وهو يرى قدوته في المطربين والممثلين والتافهين ، وحدث عن بنات المسلمين ولا حرج ، حدث عن الفاتنات المستكبرات ، أو الأمهات الفاسدات حدث عن الكاسيات العاريات ، فإذا منَّ الله عليه بالاستقامة يجد نظرات الناس تصده ، والظنون والأقاويل سياط تلهب ظهره ، ولا ندري هل يريدون لهم التسكع في الشوارع والطرقات ؟ هل يريدون أن يكون الإسلام مجرد حبراً على ورق ؟ أم أصبح الاعتصام بالله في نظرهم هذه الأيام جريمة لا تغتفر ؟ هل جاء الزمن الذي تكون فيه سُنة النبي صلى الله عليه وسلم عيباً يخدش الحياء مصيره الاستنكار و الاستهزاء ؟ وسببا من أسباب الازدراء؟ ولماذا أصبح حجاب المسلمة موضع اتهام ؟و كيف يكون خمارها وصمة عار في جبينها ؟

فإذا كان الاعتصام بالله تعالى دليلا على الإرهاب ، والالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم عنوانا للتشدد والغلو ، ومقياسا للتخلف والتطرف والرجعية .
فليشهد الجميع أننا إرهابيون ..
فليشهد الجميع أننا متطرفون ، رجعيون.

الله أسعـــــدني بظـــل عقيـــــــدتي
أفيستطيـــــع الخلــــق أن يشقـوني
قالــــــوا كذبــا دعـــــوة رجعيـــــة
معـــــزولة عن قرنهـــا العشريـــن
رجعيــــة أنَّا نغــــــــار لديننــــــــا
ونقــــوم بالمفروض والمسنـــــون
رجعيـــــة أنّا نصـــون حريمنــــــا
بئس الحريـــم يكــون غير مصون
رجعيـــة أنّا نذرنـــــــا أنفسنــــــا
لله تحيـــــــــا لا لعيـــــــــش دون
رجعيـــــــــة أنّا نربي جندنــــــــا
للحـــق ، لا لتفاهـــــة و مجـــون
رجعيــــة أنّا الرســـول زعيمنـــا
لسنــــــا الذيول لماركس و لينين
رجعيـــة أن يحكـــم الإســـــــلام
في شعب يرى الإسلام أعظم دين
يا رب إن تــك هذه رجعيـــــــــة
فاحشرني رجعيـــــاً بيوم الديــن

السبت، 23 أكتوبر 2010

هجمات مصرية على القنوات السلفية

هجمات مصرية في الفضاء الإعلامي بقيادة وزير الإعلام المصري توقف بعض القنوات الدينية التي تمثل التيار السلفي في مصر .

فهل هي قرارات فردية اتخذت لتصحيح المسار كما زعم ، أم هي من التدخلات الأجنبية التي تمس كرامة المصريين إن كان هناك رصيد منها حتى الآن ؟
هل هي من قبيل المصادفة أن توقف قناة صفا ووصال لأنهم دافعوا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقاموا بفضح المرجعيات الشيعية المتخصصة في السب والقذف وقلة الأدب والحياء بعد هجوم الشيعي حسن نصر الله على مثل هذه الفضائيات ؟

هل هي من قبيل المصادفة أن توقف قناة الناس لأنها تخطت الحواجز في نقد الكنيسة المصرية والمطالبة بإطلاق سراح المسلمات الأسيرات منها ؟

ولماذا شمر وزير الإعلام المصري عن ساعديه وخص القنوات السلفية دون غيرها من الإنتماءات والأفكار ؟

ولكن يا سعادة وزير الإعلام اسمح لي أن أقول لك أخطائك أو أخطاء من أضلوك لكي تصدر مثل هذه القرارات الإجرامية :
1. تعدي على السيادة المصرية وانتهاك لكرامتها إن كنت نفذتها إرضاء لمن أمروك من الجهات الأجنبية التي يسوءها ويرعبها الصحوة الدينية التي يعيشها شباب مصر .
2. صد عن سبيل الله من خلال تجفيف منابع العلم ومحاولة لإطفاء نور الله ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ. الْكَافِرُونَ ) .
3. إرهاب إعلامي لتكميم الأفواه التي تقول الحق ولا تخشى في الله لومة لائم.
4. محاولة سخيفة لشغل الناس قبيل الإنتخابات حتى تنسى أسيرات الكنائس المصرية.
5. استفحال خط القنوات الشيعية التي لن تجد من يفضح مخططاتها ومنها التأثير على التكوين الداخلي والعقدي للشعب المصري.
6. انتشار الجهل وعدم وجود نجوم يقتدي بها الشباب وسيظل مثلهم المحبوب ( تامر وهيثم وأبوالليف) ، بعد أن كان الحويني وحسان ويعقوب حفظهم الله .
7. انتشار التطرف بين الشباب لغياب المرجعيات التي يثقون فيها من أجل تصويب أفكارهم بالدليل والبرهان.
فهل ما فعلته يحتاج إلى مدح وثناء أم إلى توبيخ ، في الحقيقة أنت تحتاج إلى أكثر من هذا ، أنت تحتاج إلى الإقالة لأنك غير مدرك لخطورة قراراتك المؤثرة على نسيج الشعب المصري ، وقنواتك تلبس ثياب الفضيلة وتنشر الرذيلة .

( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )

الخميس، 21 أكتوبر 2010

تأشيرات الحج ... وهل يجوز بيعها ؟؟


اقترب موسم الحج ، وتشوقت قلوب المؤمنين بالطواف ببيت الله الحرام والوقوف بعرفة ورمي الجمار ، وفي سبيل تحقيق هذا الحلم الجميل تفتقت أذهان البعض في اكتشاف طرق جديدة واختراع حيل رهيبة تمكنهم من تحطيم المستحيل الذي يقف أمامهم ويعوق وصولهم إلى تلك البقعة المقدسة ، وعلى الجانب الآخر استغل البعض قربه من بعض الشخصيات الهامة التي تملك استخراج مثل هذه التأشيرات ، ورأى أن من حقه التربح من جراء بيع هذه التأشيرات إلى المتلهفين شوقاً وحنيناً للأراضي الحجازية.

والحقيقة التي لابد أن يقتنع بها الجميع ، أن الله عز وجل شرط لإتمام هذا الركن الإستطاعة ، فمن عجز سقط عنه ولا يأثم ، لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليه سبيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِين ) ، ولا شك أن القادر على الحج ماديا وصحياً ولا يمنعه مانع ثم يتخلف عن أداء هذه الفريضة فهو آثم إثماً عظيماً لا يكفره إلاّ الحج .

وغير القادر أو المستطيع ، فقد قال الله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا ) ، وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).

والسؤال الآن هل بيع التأشيرات للحج جائز شرعاً ؟

وهل التحايل على الدولة المنظمة للحج بغرض دخول أراضيها لأداء مناسك الحج على غير الصفة المسموح لي بدخولها جائز ؟

أولاً : لا يجوز الحصول على تأشيرة الحج بقصد الإتجار فيها ودفع مبالغ زهيدة في مقابل بيعها لمن يرغب بأسعار خيالية لأنها من عقود الكفالة والضمان، وقد حكي الإجماع على تحريم أخذ الأجرة على الضمان؛ لمنافاته مقصد الشرع في بذل المعروف .

ثانياً : من حصل على تأشيرة الحج بقصد الحج ثم اعتراه طارئ منعه من الحج ؛ فيردها للجهة المانحة لأن ملك التأشيرة ملك انتفاع فقط أي: من الحقوق التي تسمح الدولة للمواطن بالانتفاع بها بنفسه فقط، فإن احتاجها حُقَّ له أن ينتفع بها، وإلا ردَّها للجهة المانحة لها، فلا يسوغ لمن مُنح هذا الحقَّ أن يتصرف فيه تصرف الملاك ، وله الحق في الحصول على تكلفة التأشيرة كما غرمها صاحبها بغير زيادة .

ثالثاً : هي من باب أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن التأشيرات ليست محلاً للعقد؛ فليست بمالٍ متقوّم شرعاً، والمبيع لا بد أن يكون مالاً، أو حقًّا متعلقًا بمال.

رابعاً : أن هذا العمل مخالف للنظام الذي وضعته الدولة المنظمة ، والمسلم مطالب بطاعة ولي الأمر ما دام لم يخالف الشرع، ولم يأمر بمعصية، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.

خامساً : يقول الشيخ عبدالرحمن البراك : ( لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم ).

سادساً : ويزداد الأمر سوءا إذا كانت هذه التأشيرة قد أُصدرت بغرض معين مثل أن تعمل في موسم الحج (سائق ، جزار، عامل ) ثم تأخذ هذه التأشيرة ولا تعمل بها وتذهب للحج ، فهنا أنت تحايلت بالغش والخداع وأوقعت نفسك في ورطة أنت في غنى عنها بعد أن قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ).فإذا كان ادائك للمناسك صحيحاً فلا شك أنك ستأثم لتحايلك وحصول على التأشيرة دون أن تؤدي العمل الموكل إليك.

لكن هناك حالة واحدة لا أظن صاحبها آثم وهو أن تأخذ تأشيرة مرور من السفارة السعودية وتكلفتها زهيدة للجميع حوالي 200ريال في البلد الخليجي ومدتها 3 أيام ذهاب و3 أيام إياب ، ثم تسير قاصدا الحج والعمرة ، فإن تم لك الأمر فالحمدلله ، وإن أحصرت ومنعت ، فقد حبسك العذر وبرئت ذمتك أمام الله .

السبت، 9 أكتوبر 2010

تعقيب على ردود الشيخ حسان فيما يتعلق بفتاوى الآثار


----------------------------

-----------------------------
هذا ما قاله بالصوت والصورة فضيلة الشيخ محمد حسان حول قضية بيع الآثار وتحطيم التماثيل ، وقبل الحديث مرة ثالثة حول هذه القضية ، أتذكر قول العلاَّمة ابن قيم الجوزية وهو يقول عن شيخه الهروي: (شيخ الإسلام حبيب إلى قلوبنا، ولكن الحق أحب إلينا منه)، لكي أقول للشيخ الحبيب محمد حسّان : ( يعلم الله عز وجل كم نحبك في الله ، لكنَّ اتباع الحق والدليل أحب إلينا منك ) ،ولقد جانبكم التوفيق في ردكم على ما نُسب إليكم من جواز الرجل بيع الكنز الذي وجد في أرضه ، وطمس صورتها إن كان تمثالاً ) إذ جاء بعيداً جداً عن المنهج العلمي الذي تحرصون دائماً على اتباعه وتدينون به الله عز وجل ، فقد أنكرتم ما هو ثابت عنكم بالصوت والصورة ، ثم أكدتم هذا الإنكار بقولكم بعدم جواز تحطيم التماثيل أن عمرو بن العاص وجيشه الفاتح لمصرنا بعد أن رأى الآثار ولم يحطمها وهم أغير الناس على تطبيق شرع الله عز وجل ، ولا أدري يا شيخنا الحبيب كيف تورطتم في هذا القول ورددتم به حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يأمر بطمس التماثيل وتحطيمها مثل :
1. ما رواه مسلم من طريق أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ).
2. مارواه مسلم من طريق عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : وبأي شيء ‏أرسلك ؟ قال : " أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك ‏به شيء ".

وما قولته يا شيخ محمد في معرض كلامك عن أولئك الذين هددوك ببلاغ النائب العام أنك تحمد لهم غيرتهم على ثروات مصر وتسأل الله ألا يجعلك أقل منهم غيرة ، فكلام لا يصدق !! وكيف يصدق وقد كنت تقول فينا : قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ).
فالغيرة هي ما كانت على دين الله عز وجل ، وليس على تراث لا قيمة شرعية من وراءه ، وما تقوله عن التراث الإنساني فكلام لا يعتد به ولا يلتفت إليه أصلاً ، فهل ترك النبي صلى الله عليه وسلم تراث قومه من تماثيل اللات والعزى وهبل ومناة وغيرها من الأصنام كانت تراثاً لمن يعبدها في قريش والجزيرة ، لما تركوا كفرهم ودخلوا في دين الله أفواجا، أفلم يكن جديراً (بدرة تاج الجنس البشري) أن يراعي حاجة قومه في وجود تراثهم ولا يحطمه.

أما حكاية أن عمرو بن العاص رأى أبا الهول وغيره من التماثيل الفرعونية ولم يحطمه ، فهو كلام مرسل لا دليل عليه، إذ يتطلب إثباته أن تكون هذه الآثار ظاهرة واضحة ولم تكن مطمورة مدفونة في باطن الأرض ، وأن يكون هناك دليل على وصول ورؤية عمرو بن العاص لها ، وقدرته على تحطيمها لكنه رفض حفاظاً على الحضارة الإنسانية.
ألم يكن من الأجدر سؤال أهل الذكر في الآثار الفرعونية وسؤالهم عن أزمنة اكتشاف مثل هذه الآثار ، بدلاً من تعطيل الأحكام الشرعية لمجرد الظن والإحتمالات ، لاسيما وأن الزركلي قد سئل (شبه جزيرة العرب 4/1188) عن الأهرام وأبي الهول ونحوها : " هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟ ؛ ‏فقال : كان أكثرها مغموراً بالرمال ، ولاسيما أبا الهول ".

ورحم الله تعالى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين لما سئل عن عدم تحطيم التماثيل الفرعونية وقت فتح مصر قال:

" لأن تلك التماثيل الفرعونية كانت مدفونة تحت الأرض عندما فتحت مصر ، وإنما أخرجت ونُبشت في القرون المتأخرة ، ومن المعلوم أنه كان في مصر وفي غيرها معابد كثيرة فهدمها المسلمون وحطموا الصور وكسروا الأخشاب والأحجار التي كهيئة الأصنام ، وقطعوا الأشجار وهدموا المعابد الشركية ، وأما الأهرام فإنها موجودة ولكن لم تكن تعظم وتعبد من دون الله ، وأيضا فإن هدمها يكلف كثيرا فليس في إمكان المسلمين في ذلك الزمان القدرة على هدمها بخلاف تماثيل بوذا الموجودة في الأفغان والتي قام بتحطيمها المسلمون في هذه الأشهر ، فإن تحطيمها قديما كان فيه صعوبة ، وقد قوي المسلمون بما أعطوا من الإمكانيات فحطموها حيث إنها تحت ولا يتهم وسيطرتهم ، كما حطم النبي صلى الله عليه وسلم الأصنام التي كانت في مكة والطائف ونخلة وغيرها ".

وختاماً فإن الكنز الأثري لو وجد في أرضك فهو حقك وملكك ، حتى بنص القانون ففي المادة الثامنة : تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة عدا الأملاك الخاصة والأوقاف .

لكن التصرف فيه يحتاج إلى موافقة كتابية من الجهة المختصة كما جاء في المادة التاسعة من نفس القانون : وفى جميع الأحوال لا يجوز لحائز الأثر التصرف فيه إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من المجلس الأعلى للآثار وفق الإجراءات والشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير الثقافة وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الأثر خارج البلاد بأى صورة كانت وتسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الأثر وفقاً لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المنصوص عليها بهذا القانون.
وفى جميع الأحوال يكون للمجلس الأعلى للآثار أولوية الحصول على الأثر محل التصرف مقابل تعويض عادل ، كما يحق للمجلس استرداد القطع الأثرية التى لدى الحائزين أو الآثار المنتزعة من عناصر معمارية والموجودة لديهم مقابل تعويض عادل ".

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

خبر غريب || الشيخ محمد حسان: لم أصدر فتوى بتحطيم الآثار!!

يقول الخبر : المنشور في جريدة اليوم السابع

قال الداعية الإسلامى الشيخ محمد حسان، المشرف العام على قناة الرحمة، إنه لم يطالب بتحطيم الآثار أو إجازتها لأى شخص فى فتواه التى صدرت خلال مارس من العام الماضى بشأن بيع الآثار.
وأوضح حسان، فى بيان حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أنه لا يملك دليلاً يثبت أن عمرو بن العاص والصحابة الكرام - رضى الله عنهم - أمروا بتحطيم الآثار بعد الفتح الإسلامى بدليل وجودها إلى اليوم.
وأشار حسان إلى أنه أكد فى فتواه أن الآثار من الركاز التى أجمع عليها جمهور أهل العلم كأبى حنيفة ومالك وأحمد الشافعى وأبى يوسف وغيرهم، مشيرا إلى أنها حق الدولة ولا يجوز لأحد التصرف فيها سواء بالبيع أو الشراء أو بالتهريب والسرقة، وفى حالة أن الدولة رأت أن الآثار بجميع أشكالها وعبر جميع العصور التاريخية لا تندرج تحت الركاز، باعتبارها عملا إنسانيا وملكية عامة للدولة وللحضارة الإنسانية فلا يجوز لأحد أن يتاجر بها، وإن عثر على شىء منها يجب تسليمها للجهات الرسمية المختصة بالآثار.

---------------------------------------------------
لكن يا شيخ محمد بغض النظر عن الحضارة الإنسانية التي أستندت إليها في بيانك ، ينبغي أن أذكرك أنك قلت غير هذا الكلام ، وقلت بالحرف الواحد أن التمثال لابد وأن يطمس أولاً ، ولست متجنياً عليك يا فضيلة الشيخ حين أقول أنك متناقض في كلامك ؛ ففتواك بالصوت والصورة على عكس ما جاء في بيانك المنشور في اليوم السابع .
بل كل من توقع رد فعلك على بلاغ هؤلاء الصحفيين للنائب العام ضدك بسبب الفتوى كان يظن أنك سترد بكل قوة وتفند المسألة بالدليل والبرهان ، ولم نتصور أن مجموعة من (.....) ستخفيك لدرجة أنك لم تتراجع عن فتواك بل أنكرت أصلاً أنك قولتها .



قال تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ )

وبخصوص المسألة محل الفتوى ، فينبغي الحديث قبل الحكم الشرعي على ما يلي :

أولاً : كيفية وطريقة العثور عليه ؟
فلو كان البحث عن الكنز داخل أرضك بواسطة السحرة والدجالين والكهان فلا يجوز لك أبداً فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،

ثانياً : معرفة نوع وزمن الكنز:

لو عثرت عليه بمحض الصدفة عن طريق حفر أساس أو بئر أو غير ذلك ثم عثرت على الكنز، فينبغي عليك أن تفرق بين أمرين هل الكنز من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة فيبحث فيها عن علامات تبين الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها ، فلو عرفت أنها تخص عصراً جاهلياً أو قبل الإسلام فهي لك ثم أخرج الخمس زكاة عنه ، وتُخرج الخمس زكاة عنها ، ففي هذه الحال يلزم التصدق بخمسه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فِي الرِّكَازِ : الْخُمْسُ ) رواه البخاري.
قال شيخ الإسلام : "مجموع الفتاوى" اتفقوا على أنَّ في الركاز الخمس ، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والركاز الذي لا ريب فيه : هو دفن الجاهلية ، وهي الكنوز المدفونة في الأرض ".
وإن رأيت ما يدل على أسلمة الكنز وأنه ينتمي للعصر الإسلامي ، أو لم تر عليه علامة مميزة ؛ فهو لُقطة تعرفها لمدة عام ، ثم تنتفع بها إن لم يأت أحد لها ،ولو جاءك في أي وقت صاحبها وعرَّفها لك فينبغي عليك أن تؤدي الأمانة له. لحديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق ؟ فقال : ( اعرف وكاءها وعفاصها ، ثم عرفها سنة ، فإن لم تعرف ، فاستنفقها ، ولتكن وديعة عندك ، فإن جاء طالبها يوماً من الدهر ، فادفعها إليه ) ، وسأله عن الشاة ؟ فقال : ( خذها ، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب )، وسئل عن ضالة الإبل ، فقال : ( مالك ولها ؟! معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء ، وتأكل الشجر ، حتى يجدها ربها ) متفق عليه .

ولو كان هذا الكنز أثراً مجسماً لروح ( إنسان أو حيوان) فلا يحق لك أبداً أن تنتفع به إلاَّ بعدأن تطمس ملامحه الدالة على روحه ، لما رواه مسلم في كتاب الجنائز من طريق أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : ألاأَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا تَدَعَ تِمْثَالا إِلا طَمَسْتَهُ ولا قَبْرًا مشرفاً إلا سويته.فلو لم يكن مجسما لإنسان أو حيوان ، كورقة بردية أو لوح منقوش أو تابوت مذهب أو غيرها من الأثار ، جاز لك أن ترفع أمرها إلى الجهة المختصة لتحصل على مكافئتك أو التعويض العادل لك.

ثالثاً : واجب الدولة :

يجب على الدولة هنا من خلال الجهة المختصة أن تعوّض صاحب الأثر وتدفع له ، في مقابل انتفاعها له ، مثل ما تفعله الدولة في اقتطاع المباني والأراضي من أجل توسيع الطرق وغيره ، كما جاء في المادة التاسعة من قانون حماية الآثار الجديد : (لا يجوز لحائز الأثر التصرف فيه إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من المجلس الأعلى للآثار وفق الإجراءات والشروط والقواعد التى يصدر بها قرار من وزير الثقافة وبشرط ألا يترتب على التصرف إخراج الأثر خارج البلاد بأى صورة كانت وتسرى على من تنتقل إليه ملكية أو حيازة الأثر وفقاً لحكم هذه المادة أو بطريق الميراث أحكام الحيازة المنصوص عليها بهذا القانون.
وفى جميع الأحوال يكون للمجلس الأعلى للآثار أولوية الحصول على الأثر محل التصرف
مقابل تعويض عادل ، كما يحق للمجلس استرداد القطع الأثرية التى لدى الحائزين أو الآثار المنتزعة من عناصر معمارية والموجودة لديهم مقابل تعويض عادل ".
وفي المادة الرابعة والعشرين : (على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية فوراً وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا اعتبر حائزاً لأثر بدون ترخيص ، وعلى السلطة المذكورة إخطار المجلس بذلك فوراً ويصبح الأثر ملكاً للدولة، وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة ).
فإذا تضررت من قيمة التعويض فلك الحق أن تقاضي اللجنة التي قدرت لك هذا المبلغ في مدة شهرين ويسقط حقك في الدعوى إذا لم ترفع في خلال سنة ، كما جاء في المادة رقم 25 وتتحمل الخزانة العامة للدولة التعويضات المشار إليها ، ولذوو الشأن التظلم من تقدير اللجنة إلى الوزير خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغهم بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بقيمة التعويض الذى قدرته اللجنة وإلا أصبح التقدير نهائياً ، وفى جميع الأحوال تسقط دعوى التعويض إذا لم ترفع خلال سنة من تاريخ صيرورة التقدير نهائياً
).

هذا بالنسبة للأثر ، أما كنز الذهب والفضة فلك حق التصرف فيها .

أما الحديث عن الإنسانية فكان من الأولى على المتشدقين بها أن يتكلموا عن إنسانية قطع الكهرباء وإنسانية العلاج الحكومي للفقراء ، وإنسانية أقسام الشرطة ، أما (إنسانية التماثيل) فتذكرني ، بالممثلة برجيت باردو ،ملكة افلام الحب والاغراء في ستينيات القرن الفائت لما قامت بحملة انتقاد شديدة ضد ذبح الخرفان اثناء مواسم الحج ،وتطرقت في حملتها إلى درجة المطالبة بالغاء العيد الاسلامي ، فهل استجاب لها أحد أو اهتم بكلامها !!

ويذكرني أيضا بقيام عدد من الجمعيات الحقوقية والإنسانية والمدنية باستنكار تطبيق حد الرجم على الزناة طبقًا لتعاليم الشريعة الإسلامية لمّا قامت حركة طالبان وقت أن كانت هي الحكومة بتطبيق حد الرجم على اثنين من الزناة في العقد الثالث بمدينة "قندوز" ، فهل تجرأ أحد ليطالب الدول المسلمة بتغيير حدود الله عز وجل .

وتذكرني أيضا بموقف العالم المتحضر والأمم المتحدة تجاه تحطيم تماثيل بوذا التي دمرتها طالبان منذ عشر سنوات تقريباً.
لذا فليس غريباً إذن على مجموعة من العاطلين لم تجد ما تشغل بها وقتها ، فأرادت أن تشغلنا معهم بتفاهة فكرتهم ، فهل خلت مكاتبهم إن كان لهم مكاتب أصلاً من قضايا الطلاق والخلع حتى يدخلوا التاريخ وينالوا الشهرة من بوابة الدين والدعاة ؟ وهل أصبح تنفيذ أحكام الشريعة مقترناً بموافقتها للقوانين ، أم أن العكس هو الصحيح !!
---------------------------------------------------
كان هذا المقال بسبب بيان الشيخ الموزع والتي حصلت اليوم السابع على نسخة منه ، وجاء في جريدة الشروق أن شقيق الشيخ صرح أن الفتوى محرفة وأن الشيخ سيتحدث في الموضوع يوم السبت ، ولعل التحريف يكون في البيان وليس في الفتوى.

الخميس، 7 أكتوبر 2010

مع حسان لتحطيم التماثيل والأوثان






هذه هي الفتوى التي أرقت مضاجع الصحفيين المصريين والتي بكوا فيها أو تباكوا على أثار مصر ، وهاجم عدد منهم على الموقع الاجتماعي الشهير (فيسبوك) الشيخ محمد حسان، واتهموه بالتحريض على طمس الأثار المصرية، كما لم يخجل عدد كبير منهم وهم يوقعون على بيان بعنوان "إنقاذ آثار مصر من فتوى حسان".

وصرح بعضهم أنهم سيقاضون حسان ولن يكفوا عن تقديم البلاغات لإنقاذ الآثار المصرية من هذه الفتوى المدمرة ، وتساءلت إحدى الباحثات "لمصلحة من اغتصاب الذاكرة؟ ولمصلحة من العمل على ضياع التاريخ الذي هو جذورنا؟

ورأى أحدهم وهو الصحفي ياسر الزيات أن فتوى الشيخ حسان "تفتح الباب واسعًا أمام تدمير تاريخنا العريق وبيعه لكل من هب ودب، بعد أن أصبح مالها حلالاً على يد الشيخ حسان، معتبراً أن هذه الفتوى مدمرة وتهدم الاقتصاد بعد أن هدم هؤلاء المشايخ العقول" على حد ادعائه.

والسؤال : هل هذه الفتوى من الأهمية التي تجعل صحفيي مصر يغضبون ويهيجون من أجلها ، وأين كانت هذه الغضبة وهذه الحمية لما سُبت أمنا عائشة ؟

أين كانت حماستهم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسبون ويلعنون على مرأى ومسمع من الجميع ؟

أين هذه الغيرة على تاريخ مصر وهو يدمر على يد الشيخ حسان كما يكذبون والقساوسة يهددون بحرق المصحف ؟

أين كانوا ؟ هم كانوا ولا يزالون يغطون في سبات عميق.


لذا فبلاغهم التافه المزمع تقديمه ، سلة المهملات أولى به ، أما الفتوى التي لم تعجبهم ، فياليتهم ثم ياليتهم يقفون جميعاً على صعيد واحد ، ثم يختارون حائطاً صلباً ، ويضربون رؤسهم جميعاُ في الحائط ، فمثل هؤلاء اهمالهم أشد من الاهتمام بهم ونصحهم ، هؤلاء لا يريدون دليلاً ليفهموه ، ولا يريدون قاعدة ليناقشوها ، هؤلاء لا هم لهم إلا تشويه صورة الدعاة والعلماء ، والتحريض ضد القنوات الدينية التي يزعمون أنها تدمر العقول ، وعميت بصائرهم عن قنوات المجون والعهر فلم يتكلموا عنها وشلت أيديهم فلم يكتبوا ضدها ، هؤلاء أفضل مواجهة معهم هو أن تهملهم ، فإن أصروا إلاًّ الكلام ، فلا يسمعون منك إلاّ ما يليق بفكرهم وألفاظهم.

وأظن أن الشيخ حسان لضيق الوقت لم يستعرض الأدلة ولم يبين الحكم كاملاً ، وإلا فعلى من يجد هذه الكنوز الذهبية في منزله وباعها وقبض ثمنها ، فعليه فيها زكاة لابد وأن توفى وهي الخمس.


الاثنين، 4 أكتوبر 2010

لا تخن من خانك !!


ما أكثر المعاملات التي تحدث بين الناس في زماننا هذا ، وهي أبعد ما تكون عن الحلال الذي ينشده كل من سلمت فطرته ورغب في الرزق الطيب المبارك فيه ، ولا يخلو مكان ولا زمان من الأمثلة التي يقف فيها أصحابها موقفاً لا يحسدون عليه ، فيجدون أنفسهم بين مطرقة الظلم وسندان الحق ، وتأخذهم الليالي الطويلة يفكرون ، هل لهم الحق في أخذ حقوقهم من الغاصبين دون علمهم ، منهم من يحسم أمره ويفوضه إلى الله تعالى ، ومنهم من يقرر المضي قدماً في طريق استرداد الحق المغصوب .
فمع من يكون الحق إذن ؟

وهل يحل لأحد أخذ حقه من الغاصب دون علمه ؟


( لا تخن من خانك ) كان هذا هو جواب النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله : (أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا . أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُونَ ؟ فَقَالَ : لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك . وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برد الأمانة إلى صاحبها ، ونهى عن خيانة من خان .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (30/372) :
"وَأَمَّا إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ . فَهَلْ يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ فَهَذَا نَوْعَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا لا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ مِثْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَاسْتِحْقَاقِ الضَّيْفِ الضِّيَافَةَ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ ، فَهُنَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِلَا رَيْبٍ ; كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ( أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ . فَقَالَ : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ ) . فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ . وَهَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَالُهُ غَصْبًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ فَأَخَذَ الْمَغْصُوبَ أَوْ نَظِيرَهُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ . وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي : أَلا يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا . مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَحَدَ دَيْنَهُ أَوْ جَحَدَ الْغَصْبَ وَلا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي . فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ : أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد . وَالثَّانِي : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .
ومَنْ مَنَعَ الأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) ، وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ ؟ قَالَ : ( لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ ظَاهِرًا وأَخْذُهُ خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ ; لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا .
وَذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمَةُ الْجِنْسِ . فَلا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ بِهَا . . . وَالْخِيَانَةُ مِنْ جِنْسِ الْكَذِبِ . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا لَيْسَ بِخِيَانَةِ ; بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ . وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خِيَانَةِ مَنْ خَانَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لا يَسْتَحِقُّ . قِيلَ هَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ : ( أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا . أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُونَ ؟ فَقَالَ : لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك . وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . أي : أَنَّك لا تُقَابِلُهُ عَلَى خِيَانَتِهِ فَتَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِك . الثَّالِثُ : أَنَّ كَوْنَ هَذَا خِيَانَةً لا رَيْبَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي جَوَازِهِ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ ; فَإِنَّ الأُمُورَ مِنْهَا مَا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْمَالِ . وَمِنْهَا مَا لا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْفَوَاحِشِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . فَلَمَّا قَالَ هَاهُنَا : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) عُلِمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ بِالْمِثْلِ .

وعلى هذا التفصيل السابق فلا يحل لعامل له حق في عمله وحُبس عنه راتبه لفترة أن يأخذ من عمله دون علم صاحبه ، مع التنبيه أن الإمتناع عن صرف رواتب العمال في مواعيد استحقاقها إثم كبير سيعاقب عليه صاحب قراره لاسيما لو كان هذا القرار قد شابه الظلم والعنت ، لكن ليس هذا مبرر لكي يأكل المحصل والمندوب وأمين الخزينة وكل من كان له علاقة بالمال وتحت أمانته من هذا المال على ذمة مستحقاته ، ومثل هؤلاء يقال لهم ، لا تخن من خانك .

السبت، 25 سبتمبر 2010

يا أهل الفيس بوك !!

إن ما يحدث داخل هذا المجتمع الإفتراضي أمر لا يقبله من سلمت فطرته ولا يقره صاحب خلق قويم وقلب سليم،إذ كيف تقبل الفطرة السوية مثل هذه العلاقات الإجتماعية التي يتواصل فيها أصحابها من الجنسين ، بحجة زملاء الدراسة أو الجيرة أو حتى القرابة .
إن أغلب ما يحدث داخل الفيس بوك منكر من أشد المنكرات ، التي لا يرضى عنها رب الأرض والسموات ، ينبغي ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) أن يتقي الله عز وجل ولا يضع فيها ما يجلب عليه سخط الله عز وجل ، لا يكتب فيها ما يزيد رصيد سيئاته ويضاعف بها خطيئاته ، فهل هناك عاقل يعلم أن الأغاني والموسيقى من المحرمات ثم يملء فراغ وقته بسماعها ولو كان الأمر كذلك لهان ، لكنه لا يكفيه أن يحاسبه الله عز وجل على وقته الذي ضيعه بسماع الأغاني ومشاهدة الكليبات ، بل تجده إن أعجبته أو لم تعجبه يبدأ بمشاركة هذه المادة على صفحته الشخصية لكل من أضافهم إلى قائمته ، وسرعان ما ينتهي الأمر به أن يسمع هذه المادة الآلآف المؤلفة من ذباب الانترنت الذي يهجم بقوة على مثل هذه المحرمات ، وكلما ارتفع عداد زوار صفحته ، كلما زاد رصيد سيئاته وسيئاتهم ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام (ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) . رواه مسلم (246) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

ويزداد الأمر سوء وتعظم المصيبة حينما يعرض أصحاب الصفحات الشخصية ذنوبهم التي سترها الله عليهم ، فلا يجد أحدهم الحرج ولا يشعر بالكارثة وهو يعرض صوره الشخصية مع الفتيات والبنات ، أو كشف عوراته من صور الشاطئ التي التقطها ، أو.. أو.. أو ، وكيف يشعر بالحرج وعظم الجرم الذي ارتكبه وقد تربى على القنوات الفضائية الماجنة التي أذاعت العلاقات الشخصية وتفاصيل ما يحدث فيها من الإثارة والشهوات والفسق والعهر فأُشربت أجسامهم وعواطفهم الإباحية والإنحلال .

فالتصوير في حد ذاته محرّم واستنثى العلماء ما كان لضرورة ، حتى العلماء الذين أجازوا التصوير الفوتوغرافي منعوا تصوير الذكريات والحفلات ، فكيف إذا اجتمع مع حرمة التصوير التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن أصحاب هذه الصور يعذبون بها يوم القيامة ) رواه البخاري ، منكر أخر من كشف لعورة أو صورة لفتاة وهي ترتدي مثله ، ثم رؤية هذه المحرمات وتصويرها وعرضها على العالم كله .

ياااااااااااااا أخي لما هتكت الستر الذي سترك الله عز وجل به وفضحت نفسك بنفسك ، ياااااااااااا أخي كل هذه الذنوب التي تتضاعف بعدد من يراها ، وأنت راض عنها سعيد بها ، ويوم القيامة سيحتاج المرء إلى حسنة واحدة ترجح كفة الجنة ، أو ينقص ميزان سيئاته بسيئة واحدة لكي ينجو من النار.
فهل فقدنا الدين والحياء فلم نبالي بما نصنع ، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا لم تستح فافعل ما شئت ) رواه البخاري.

أما البنات والفتيات والزوجات والأمهات اللاتي ملأن صفحاتهن بأصدقاء أزواجهن أو زملاء الدراسة أو الأقارب أو الغرباء، أواللاتي يعرض صورهن وصور بناتهن وذكرياتهن ؛ فأنا أعجز أن أنصحهن في هذا المقال ، لكني آسف لأهلن وأولياء أمورهن وأزواجهن إن كانوا رجالاً ، أن تقف ابنته أو زوجته أو اخته مثل هذا الموقف المخجل .

واسأل الله أن يصون أعراضنا وأعراضهم وأن يسترنا ولا يفضحنا .

الجمعة، 24 سبتمبر 2010

فمن يقدر على التغيير ؟؟؟؟؟

بمناسبة الحديث عن الإنتخابات الرئاسية القادمة ، والتي كثر الحديث عنها في الأونة الأخيرة ، وتصاعدت حدة الحملات المؤيدة والمعارضة ، لدرجة أن أحد أقطاب النظام الحاكم المصري وهو بالمناسبة أحد الوزراء السابقين وأمين الإعلام بالحزب الوطني صرَّح أن : الحديث عن مرشح الحزب الوطني في انتخابات الرئاسة القادمة في وجود الرئيس مبارك الذي لم يعلن عن عدم رغبته في دخولها، يندرج تحت بند «قلة الأدب»
وقلة الأدب هذه هي التي تدفعني لأقول :
لابد وأن نعترف أن سُنّة التغيير حتمية قادمة لا محالة ، إما قهرياُ مثلما قدم السادات نفسه وهو يعزي الأمة في وفاة عبدالناصر .


وقدم مبارك أوراقه كرئيس لمصر وهو يعزي الشعب في وفاة السادات .


وسيأتي من يقدم أوراق اعتماده بنفس طريقة من سبقه .

وإما إختيارياً عن طريق الإنتخابات ، وسُنة التغيير التي أتحدث عنها ، ليس عمودها الفقري هو تغيير الحاكم والحكومة فقط، بل التغيير لابد أن يكون نوعياً ، بمعنى من هو القادم للتغيير وهل هو قادر على ذلك .
بالتأكيد لست من البرادعيين الذين يلهثون ورائه ، ولست أيضاً إخوانياً أتبنى فكرهم ومنهجهم ، كما أنني وبكل فخر أحد الكافرين بالحزبين الحاكم والمعارض ، ولا أرى (الغد) من خلال نور ، ولا أرى ( المستقبل ) مع جمال ، لكن صورة مصر بعد 2011 تقلقني ، وأكثر ما يقلقني سببه رغبة الحزب الحاكم في إعادة ترشيح نفس المرشح منذ ثلاثين عاماً ، مما يفزعني ويجعلني أزداد كفراً بهذا الحزب الذي يستخف بالبلد ، ويضع مصلحة الرئيس قبل مصلحة الشعب ، ومصلحة الحزب قبل مصلحة البلد ، ولعل هذا الحزب يراجع نفسه جيداً بعد تجربة الجماعة المحظورة في تغيير مرشدها من خلال انتخابات حرة.

ولقد كنت أأمل أن يعلن الرئيس نبأ اعتزاله لمشوار الحكم ، وما زلت أحلم بهذه الأمنية التي تجعله يعترف أنه لن يقدم شيئاً جديداً بعد هذه العمر المديدة والحقب الرئاسية الكثيرة ، وأنه بعد ثلاثين عاماً من الحكم يستأذن شعبه أن يستريح ، وأن الفرصة قد حانت الآن أن يتم تغيير رئيس مصر وهو على قيد الحياة .
فمصر الآن ليست كما أتمناها .
مصر الآن ليست التي في خاطري .
مصر الآن أصابتها الشيخوخة على الصعيدين المحلي والدولي .
وعلى من يريد التغيير أن يتوقف فوراً عن الفوضوية والعشوائية والغبائية في جمع التوقيعات التي لا قيمة لها ورفع الشعارات الدينية التي تلعب على وتر مشاعر الشعب الدينية دون أن يكون هناك مردود حقيقي يقدم لهذه الشعوب على أرض الواقع في مصر .

من يريد التغيير عليه أن يقنعني ببرنامجه التي تعود فيه مصر لشبابها وتسترد فيه مصر عافيتها ، عليه أن يقول لنا ماذا سيفعل في مشكلة المياه والحرب فيها قادمة على الأبواب وطبولها تقرع في كل مكان لكننا في مصر لا نسمع غير طبل وزمر الأفراح لكي نرقص عليها ، فعلى سبيل المثال من يصدق أن مصر في مشكلة المياه المتصارع عليها بين دول حوض النيل تأخذ الموقف الأضعف لها والذي لا يتناسب مع سمعتها وتاريخها ، ومن يقرأ ملف تقاسم مياه النيل سيرى بوضوح ضعف الموقف المصري الذي أعلن رسميا برفض اي خطة اقليمية جديدة "الا في وجود نص صريح يحافظ على الحقوق والاستخدامات المائية الحالية لمصر".

مازالت مصر تُصر على إحراج نفسها وشعبها على لسان وزراءها الذين كثيراً ما يثرثرون على الحوار الاستراتيجي والمعاهدات الدولية والاتفاقيات المبرمة ، ولم أجد تصريحاً واحداً تُكشر فيها مصر عن أنيابها ، لم أجد مسئولاً واحداً من المسئولين عن هذا الملف الملغم يهدد فيه ويتوعد أي مساس بحقوق مصر التاريخية في كل قطرة مياه لكن لمَّا حدثت هذه المشكلة في عهد السادات ، انظر ماذا فعل رحمه الله ، ففي عام 1979 عندما أعلنت أثيوبيا عن إقامة سد لري 90 ألف هيكتار في حوض النيل الأزرق، دعا الرئيس الراحل أنور السادات خبراءه العسكريين لوضع خطة طوارئ مهددا بتدمير هذا السد، وعقد اجتماعا طارئا لقيادة هيئة أركان الجيش المصري ، فتراج على الفور الطرف الأثيوبي ولم تطرح هذه الفكرة إلاّ الأن .

من يريد التغيير عليه أن يكون عالماً ببواطن الأمور في الفساد الحكومي وقادراً على تغييره ، ولكن ليس على طريقة إبطال عقد مدينتي والاستجابة للحكم القضائي وسحب الأرض من طلعت مصطفى ، ثم تشكيل لجنة قانونية لحماية حقوق المستثمرين التي توصلت إلى إعادة بيع وتسليم الأرض إلى نفس الشركة التي أبطل عقدها !!!!!!!!!!!!
من يريد التغيير عليه أن يوضح لنا حدود الكنيسة المصرية وهل لها حصانة تجعلها فوق الجميع ولا تنفذ القوانين ولا تخضع لرقابة الدولة ، في الوقت الذي تكون فيه كل مساجد مصر خاضعة لرقابة الدولة ، بل ومن يريد عمل سنة الإعتكاف في رمضان يحصل أولاً على موافقة أمنية قبلها ، ولم يعترض أو يمتنع أحد ، ولم تخرج المظاهرات تطالب بالحرية في ممارسة الشعائر الدينية ، وأديرة وكنائس مصر ستتحول إلى قلاع عسكرية محصنة لن تستطيع الدولة اختراقها حتى لو ضبطت عشرات السفن المحملة بالأسلحة والقادمة من (إسرائيل)!!!!.

فمن هو يا ترى القادر على التغيير ؟؟

الخميس، 16 سبتمبر 2010

وا إسلاماه يا مصر !!!

ما زالت أحداث الأخت كامليا شحاتة تلقي بظلالها السوداء على كل مؤسسة رسمية رفضت الإنصياع للحق والإذعان للشرف ، وعلى كل مسئول كان السبب في تسليم الأخوات المسلمات الجدد وهن يسقن إلى الفتنة ، وعلى كل مسلم يرى أخواته المسلمات الجدد في أول اسلامهن وهن يتعرضن لمحنة عظيمة وفتنة كبيرة دون أن يفعل شيئاً ولو دعوة صادقة بظهر الغيب ليثبتهن الله عز وجل على الإيمان ويتوفهن على الإسلام .
ووسط هذا التكتم المريب من المؤسسات الرسمية ، والصمت الغريب من الجهات الأمنية ، ما زال قساوسة النصارى يلقون بسمومهم وحقدهم الدفين على المسلمين ، ويشعلون نيران الفتنة الطائفية التي لو قال مسلم فقط كلمة واحدة من قول هذا النصراني الحقود فسيلقى في غياهب السجون دون أن يعلم عنه أحد ، وليسمح لي أي عاقل أن يقرأ ما قاله الرجل الثاني في الكنيسة المصرية وسكرتير المجمع المقدس وأقوى المرشحين لخلافة الأنبا شنودة ورئيس لجنة المحاكمات الكنسية الأنبا بيشوي في تصريحاته التي ادلى بها لجريدة " المصري اليوم "
المصدر هنا
* الجريدة : المقصود أن تمارس الكنيسة واجباتها الدينية فقط وليس أى شىء آخر؟
- الأنبا بيشوي : هذا شىء عجيب، ومن يطالبون بذلك نسوا أن الأقباط أصل البلد، نحن نتعامل بمحبة مع ضيوف حلّوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا «كمان عايزين يحكموا كنايسنا»، أنا لا أرضى بأى شىء يسىء للمسلمين، ونحن كمسيحيين نصل إلى حد الاستشهاد إذا أراد أحد أن يمس رسالتنا المسيحية، وإذا قالوا لى إن المسلمين سيرعون شعبى بالكنيسة، فسأقول «اقتلونى أو ضعونى فى السجن حتى تصلوا لهذا الهدف».

فما رأي سعادة وزير الداخلية المصري في هذا التصريح الخطير ، ومن يا ترى يعتقد أنه يشعل نار الفتنة الآن ، هل هم المسلمون فقط أم أن هناك من النصارى من يخطئ ويستغل منصبه الكنسي لكي يطلق بالونات اختبار لإختبار صبر الحكومة وصبر المسلمين دون أن يتجرأ أحد لمحاسبته.
وليسمح لي أيضا وزير الداخلية المصري أن أذكره بالعرض الشبابي لبعض طلاب الأزهر من المحسوبين على الإخوان المسلمين وكيف تعامل معهم الأمن المصري ونيابة أمن الدولة ، وبرد الفعل مع سفينة محملة بالقنابل والأسلحة قادمة من اسرائيل لحساب نجل مطران لتسليح الأديرة والكنائس ، وما تفسيره لمظاهرات الإخوان التي تقمع وتنتهي بالاعتقالات والسجن ، ومظاهرات النصارى التي لا يستطيع أحد الاقتراب منهم ، ولأن الشيء بالشيء يذكر فاسمحوا لي أن أنقل ما قاله أ. جمال سلطان في " المصريون " وهو من المصريين الذين انشقت أرض مصر عنهم لكي يدافعوا عنها بشرف : " ثم برزت ظاهرة المظاهرات التي يتم ترتيبها بمنهجية ثابتة ومنظمة للغاية في الكاتدرائية وفي حضور البابا أو غيابه عند أي خلاف بين كاهن ومحافظ أو بين أسرة قبطية وأحد أبنائها أو بناتها ، وظهرت ـ للمرة الأولى في تاريخ مصر ـ الهتافات المؤيدة لإسرائيل داخل الكاتدرائية والاستغاثة بقيادات الكيان الصهيوني للتدخل ضد مصر من أجل "الإنقاذ" المزعوم للأقباط ، ثم تحولت الكنيسة شيئا فشيئا إلى سلطة دنيوية موازية تفرض قراراتها ويعلن "حاكمها" أنه غير ملزم بأحكام القضاء المصري وقوانينه ، ويطالب بتسليم "مواطنيه" الذين يخرجون عن دينه وقراره لتأديبهم وحبسهم في "معتقلاته الخاصة" لإعادتهم إلى الصواب ، ثم وصلنا إلى أن سمعنا الرجل الثاني في الكنيسة والمرشح الأول لوراثة الكرسي البابوي يقول علنا بأن المسيحيين هم أهل البلد وأن المسلمين هم ضيوف عليهم ولا بد أن يحترموا أصول الضيافة ، ثم يهدد "بالقوة" ـ الاستشهاد ـ دفاعا عن استقلالية دولة الكنيسة إذا مسها أحد بما تكره ، وهو ما يعني ببساطة أن البابا شنودة وصل بالأقباط ومعهم الوطن كله إلى النفق المظلم ليصبح المستقبل مفتوحا على كل الاحتمالات" .
أما بيشوي ، فيجب أن يعلم أن الفتح الإسلامي لمصر هو الذي أبقاه وأمثاله على قيد الحياة حتى الآن ، وليقرأ ما قاله القس منسي يوحنا في كتابه تاريخ الكنيسة القبطية (ص 306):
«"وكان جيش العرب في فاتحة هذا القرن، حاملاً لواء الظفر في كل مكان، وظل يخترق الهضاب والبطاح، ويجوب الفيافي والبلاد، حتى وصل إلى حدود مصر تحت قيادة عمرو بن العاص، فدخل مدينة العريش وذلك سنة 639، ومنها وصل إلى بلبيس وفتحها بعد قتال طال أمده نحو شهر، ولما استولى عليها وجد بها (أرمانوسة) بنت المقوقس فلم يمسها بأذى، ولم يتعرض لها بشرِّ، بل أرسلها إلى أبيها في مدينة منف، مكرمة الجانب، معززة الخاطر، فَعَدَّ المقوقس هذه الفعلة جميلاً ومكرمة من عمرو وحسبها حسنة له."

ثم يستطرد منسي قائلاً في (ص 307): "فجمع المقوقس رجال حكومته، وذهب للتفاوض مع رسل من قِبَل عمرو، فبدأ وفد الروم بالتهديد والوعيد للمسلمين، بقتلهم وإفنائهم وأنه لا بديل أمام المسلمين غير الموت أو الرحيل، فلما بدأ وفد المسلمين، فلم يفعل كوفد أهل الصليب إنما طرح أمامهم ثلاثة بدائل: أولها الإسلام وثانيها الاستسلام مع دفع الجزية لقاء قيام المسلمين بتسيير أمور البلاد، ثم كان الخيار الثالث والأخير وهو الحرب والقتال الذي طرحة جيش الصليبيين الروم المحتلين لمصر كاختيار لا بديل. فاتفق رأيهم على إيثار الاستسلام والجزية، واجتمع عمرو والمقوقس وتقرر الصلح بينهما بوثيقة مفادها: أن يُعطَي الأمان للأقباط، ولمن أراد البقاء بمصر من الروم، على أنفسهم، وأموالهم، وكنائسهم، وفي نظير ذلك يدفع كل قبطي "دينارين" ماعدا: الشيخ، والولد البالغ 13 سنة، والمرأة".

ثم يستطرد منسي قائلاً : "وذكر المؤرخون أنه بعد استتباب السلطان للعرب في مصر، وبينما كان الفاتح العربي يشتغل في تدبير مصالحه بالإسكندرية، سمع رهبان وادي النطرون وبرية شيهات، أن أمة جديدة ملكت البلاد، فسار منهم إلى عمرو سبعون آلفاً حفاة الأقدام، بثياب ممزقة، يحمل كل واحد منهم عكاز... تقدموا إليه، وطلبوا منه أن يمنحهم حريتهم الدينية، ويأمر برجوع بطريركهم من منفاه، أجاب عمرو طلبهم، وأظهر ميله نحوهم فازداد هؤلاء ثقة به ومالوا إليه". يقول القس منسي : (خصوصاً لما رأوه يفتح لهم الصدور، ويبيح لهم إقامة الكنائس والمعابد، في وسط (منطقة) الفسطاط التي جعلها عاصمة الديار المصرية ومركز الإمارة، على حين أنه لم يكن للمسلمين معبد، فكانوا يصلون ويخطبون في الخلاء).

ويستطرد منسي قائلاً في(ص209)- "أنه قَرَّب إليه الأقباط، وردّ إليهم جميع كنائسهم التي اغتصبها الرومان".».

يعني يا بيشوي ينبغي عليك أن تصلي لربك أن جعل أمثال عمرو بن العاص هم الذين فتحوا مصر ، فأكرمكم وآمنكم وحررّكم ، وثم سؤال أخير كيف يكون القبط أصل البلد ومصر منذ سنة 639 ميلاديا مسلمة على يد جيش قوامه 4000 جندي مسلم فقط ، وأعلن أهلها الإسلام وظلت كذلك 14 قرناً حتى الآن ، ولو كنتم أصل البلد فكيف تفسر لي نسبتكم التي لا تتجاوز 6% على مر العصور والأزمان .

لكن أمثالك يا بيشوي يتكلمون الآن ، لأن كبار مصر مشغلون بالانتخابات !!!! وما أدراك ما الانتخابات !!! وكيف سيقترب منك أحد وأنت تعلن حبك لمبارك وجمال .

الجمعة، 10 سبتمبر 2010

حرق المصحف مشروع لم يتم .. لماذا ؟

ما زال المسلمون يستمتعون بحالة الضعف والهوان التي يعيشونها على مستوى الشعوب وحتى على مستوى الحكام ، فالمظاهراتإضافة صورة التي خرجت أظهرت انفعالات المسلمين وغضبهم تجاه هذا الموقف المتشدد للقس المتطرف جونز رئيس كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" في غينسفيل (فلوريدا)وهي بروتستانتية متطرفة معادية للاسلام .


لكن هل هذه المظاهرات هي سبب تراجع هذا المتطرف وعدوله عن رأيه ، بالطبع لا وألف لا ، فلقد تحرك أوباما لإحتواء هذه الأزمة الطارئة بإعتبارها تمثل تهديداً للجيوش الأمريكية في البلاد التي يحتلها ، لذلك ألمح القس المتطرف أنه سيتراجع إذا قال له البيت الأبيض ذلك ، فاتصل وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس بالقس جونز لثنيه عن عزمه.


ومن ناحية أخرى استغل هذا القس المتطرف حالة الخوف والهلع التي انتابت المسلمين ، وقرر مساومتهم من أجل عدم الشروع في بناء مسجد من المقرر تشييده بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي الذي استهدفته اعتداءات 11 سبتمبر في نيويورك ، لذلك صرح قائلاً : أنه حصل على تأكيد من محمد المصري وهو إمام في اورلاندو يقوم بدور الوسيط ان الإمام فيصل عبد الرؤوف الذي يقف وراء مشروع بناء المسجد في مانهاتن مستعد للاتفاق وانه سيلتقي جونز السبت في نيويوك للتباحث في المسألة.

أمّا العرب والمسلمون فهم في مظاهراتهم قابعون ، ولم يتحرك أحد من المسئولين للتنديد بما يحدث من حالة الإنفلات العقائدي التي تعيشه بلد الديمقراطية والحرية أمريكا ، ولم يهدد أحد منهم أنه غير مسئول عن موجات الغضب التي سوف يتأذى بها الغرب وحلفائهم من جراء الغضبة الشعبية التي يقوم بها الغاضبون من أجل دينهم.


والوحيد الذي تحرك كان الرئيس مبارك ، ولا أدري هل هي مصادفة أن يدلي بدلوه في الأمر بعد أن تحدث فيها أوباما أم أنها نابعة من إنفعاله بالموضوع ، فإن كان هذا صحيحاً فلماذا لم ينفعل في بداية الأمر منذ يوليو الماضي ، علامات تعجب كثيرة (!!!!!!!) .

إذن الأمر كله ألخصه لكم مرة أخرى لعلنا نرى الحقيقة من زاوية أخرى غير التي اعتدنا الرئية من خلالها :-
1. تهديد بحرق المصحف
2. خوف وهلع وغضب من المسلمين
3. تحذير أمريكي من ردة الفعل على الجيوش الأمريكية
4. مساومة من أجل عدم بناء مسجد قرب أحداث سبتمبر.

ارأيتم فليس ثمة جديد هناك في السياسة الأمريكية .

فلماذا لا يكون لدينا جديد على مستوى السياسة الإسلامية ؟؟!!

ولماذا دائما ً أشعر أن المسلمين قد شاخوا بشيخوخة زعمائهم ، وأنهم غير قادرين على مجاراة الغرب بشبابه ؟

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

يا ليت السادات يعود يوماً !!!

في المقال السابق وضح لنا كيف كانت حنكة السادات في قرار عزل البابا شنودة ، واليوم ستجدون السادات مرة أخرى هو ضيف الشرف (الشرف) الذي يفتقده الكثيرون في زماننا هذه الأيام لاسيما وأنتم تتابعون معي أحداث الحرب القذرة التي يشنها الفاسدون على د.البرادعي ، هذه الحرب التي دقت طبولها بعد أن نشر بعض عديمي الأخلاق صوراً خاصة لعائلة الدكتور .

لاشك أن الكل يعلم لماذا هذه الحرب على د. البرادعي ؟ ولماذا طالت نيرانها أهل بيته ، فالسبب واضح أنه يريد أن يكون بديلاً للرئيس الحالي ، الذي يدندن من حوله أنه سيرشح نفسه لفترة ولاية أخرى .
ولمّا كان هذا الترشيح لا يتناسب مع طموح الشعب ولا مع رغبته في التغيير ، فقد خرجت مجموعات من الشعب تطالب بالتغيير ، التغيير الذي بدأت حركته تظهر في الإنتخابات السابقة لكننا وقتها فوجئنا بكل من رشح نفسه في الإنتخابات السابقة ،

إما أنه سُجن ،

أو عُزل من موقعه داخل حزبه المعارض ، أو أنه أعلن أنه يتمنى فوز الرئيس مبارك ، تصور مرشح في إنتخابات الرئاسة يتمنى فوز منافسه !!!

لكن هذه المرة مختلفة ، فقد بدأت الحرب مبكراً حتى قبل بدء الإنتخابات ، مثل ما حدث مع د. البرادعي وعائلته ، الذي أيدته طوائف كثيرة ومنها الإخوان المسلمين ، الذي لم يسلم زعيمهم الإمام حسن البنا رحمه الله من تشويه الصورة والسمعة من خلال مسلسل ساقط تافه مليئ بالأكاذيب والإفتراءات.
لكن الإمام حسن البنا رحمه الله له رجال يدافعون عنه وهم قادرون على ذلك ، وربما وجدنا في القريب العاجل مسلسلاً من إنتاج ( الجماعة ) اسمه ( الحزب ) ينزع فيها ورقة التوت عن عورة الفاسدين .

أما البرادعي واقتحام حياته الخاصة واختراق أسراره العائلية لابد أن نقف معها وقفات :
أولاً : لم أصدق دعوى إقامة عقد قران ابنته داخل كنيسة ، فكيف أصدق أنه زوًّج ابنته لمسيحي ، لاسيما بعد أن كذبت السفارة المصرية في فيينا هذه الفرية ، وهل زجاجات الخمر -إن صحت الصورة فنحن في عصر الفوتوشوب - لا توجد على موائدكم حتى تكون دليلا على شربه وعائلته للخمر.
ثانياً: أبشرك أيها المشهّر وكل من تسبب في نشر هذه الصور بأنه سيفضح لا ريب في ذلك ، فقد صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال : يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ) رواه الترمذي وحسنه ابن حجر والألباني من حديث ابن عمر الذي نظر يوما إلى البيت ؛ فقال : ( ما أعظمك وأعظم حرمتك ! وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك )
قال الألباني في صحيح الموارد حسن صحيح ، وفي حديث معاوية رضي الله عنه الذي رواه أبو داود و ابن حبان وصححه الألباني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنك إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم )، وقال الحسن البصري رحمه الله قال: ( من سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها) .
ثالثاً: يا من نشرت هذه الصور بقصد الفضيحة هلاّ سترتها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) رواه البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما .
رابعاً: ماذا قال السادات في خطاب ثورة التصحيح أمام مجلس الشعب في ٢٠ مايو ١٩٧١ ، لأمثال هؤلاء الذين يتاجرون بأعراض الناس:

( عايز أنص على ميثاق الشرف ده. مش حيكون من الحكومة ده أنا عايزه من أصحاب المهنة ذاتهم ميثاق الشرف يتعمل وهمه اللي يأخذوا الجزاء .. بمعنى أن الطبيب اللي يرتكب شئ ضد شرف المهنة همه نفسهم اللي يجازوه. الصحفي اللي يلجأ إلى التشهير أن خلاص وقفت حكاية الأشرطة والفضائح عن طريق الأشرطة، لكن مانيش عايز الصحافة بكرة تستغل علشان فضائح وحرب أعصاب للناس وابتزاز ومعارك تشهر فيها. لا عملنا لازم يقوم زي ما قلت لكم على أخلاقنا اللي أخذناها من القرية .. العيب نعرف العيب. ونعامل كل إنسان بعمله. أنا مابحبش، وجلَّ من لا يخطئ وجلَّ اللي ما عندوش أخطاء، إحنا بشر .. يقوم يجي راجل يخطئ في حياة خاصة له، نيجي مدخلينها في الحياة العامة وبقى مجتمعنا مجتمع تشهير، ومجتمع أشرطة تاني ومسك، مسائل ناس يمسكوا حاجات على ناس .. للأسف، الولد اللي جه بلغني عن الأشرطة وقلت لكم عليه، زارني امبارح وهو بيبكي وبيقول لي إن فيه مسائل في الأشرطة صحيح تمس مصلحة الدولة ودي في كل الدول موجوده اللي تمس مصلحة الدولة ماشية وموجودة وبتبقى بأمر قاضي .. قال لي إنما أنا باستحلفك بسرعة تيجي تحرق لأن فيه حاجات ستهدم بيوت في هذا البلد. هل دي أخلاق القرية عندنا يا رجالة؟ نمسك ذلة ونذل الناس ونستذل الناس وتقول له أنا ماسك لك، وطلع المتآمرين كل واحد فيهم ماسك على التاني: أيه ده علشان كده لازم دستورنا ينص على ميثاق أخلاقي ويتقال كدة باب الحريات والأخلاق في الدستور .. )

وكلمة أخيرة :

من كان بيته من زجاج ...... فلا يقذفن الناس بالحجارة

الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

ما هو سر البابا شنودة ؟

في عام 1981 عزل الرئيس محمد أنور السادات البابا شنودة من منصبه الباباوي وكون لجنة خماسية لتدير شؤون الكنيسة وكان الذي اقترح فكرة اللجنة علي الرئيس السادات هو الأب متى المسكين الذي رفض الإعتراف للبابا شنودة،


لكن البابا شنودة الآن ، حكايته حكاية !! فهو من حقه أن يرفض القوانين التي تخالف الإنجيل كما حدث في الزواج المدني ، ليس هذا فحسب بل ويلغى القانون وكأنه لم يكن ، بينما يتحالف وزراء مصر على طرد المنتقبات من الحياة الإجتماعية وحرمانهن من مواصلة التعليم كطالبات أو مدرسات وكذلك الممرضات في وزارة الصحة ، فإذا لجأن إلى القضاء فأنصفهن تصر الحكومة إصراراً على عدم تنفيذ حكمها بالسماح لهن بمواصلة الحياة الإجتماعية وهن أحراراً في حريتهن الشخصية .

وإذا تنصر بعض المسلمين أو المسلمات ، فلا ينشغل بهم أحد ، بل ويظهر هؤلاء المتنصرون على الفضائيات يحكون قصتهم دون خوف ، ولا تمارس الحكومة دورها في القبض عليهم وحبسهم حتى إقامة حد الردة ذلك الحكم الذي يجب أن ينفذ في من ارتد بالقتل ، ولا تشغل بالك بما قال طنطاوي أو جمعه أو غيرهم ، فالحكم ثابت لا ريب فيه .

فإذا ما أعلنت المسيحية إسلامها ، تقام المظاهرات وما أكثرها في الثكنات العسكرية والقلاع المسلحة والمسماة بالكنائس ، حتى تقوم الحكومة بالقبض عليها وتسليمها للكنيسة لتختفي من الوجود ولا يعلم عنها أحد ، لكن الله يعلم أين تكون ؟؟

وحكاية فتاة الإسماعيلية النصرانية التي تدعى "ماريانا زكى متى" فى العقد الثانى من عمرها، والتي زعمت أسرتها أن نجلتهم قد تم خطفها على يد شاب مسلم منذ أسبوع ، فقام شباب النصارى في كاتدرائية العباسية بمظاهرة حاشدةأثناء عظة البابا الأسبوعية، وقاموا بحمل لافتات تطالب البابا باستعادة الفتاة من مختطفيها، فيما قال البابا للمتظاهرين "اللى عايز طلب يقدمه بطريقة سليمة وليس الصوت العالى فى الكنيسة والكتاب يقول كل شىء بلباقة". خير دليل على ذلك.

وهي وإن كانت أحدث أفلام النصارى ورواية جديدة من مخرجيهم إلاَّ أنها حكاية من ضمن سلسلة لن تنتهي للأقباط حين يولولون ويصرخون إذا ترك أحد دينهم ، وما سبق كان أكثر ففي يوم الأربعاء، 9 يونيو 2010 (اليوم.. مظاهرة كبرى للأقباط بالمقر البابوى) اليوم السابع
وفي يوم الخميس، 29 يوليو 2010 ( مظاهرة قبطية جديدة داخل مطرانية مغاغة ) اليوم السابع
وغيرها كثير من حكايات المظاهرات المسيحية التي يعوضون فيها عقدة النقص وشعورهم بقلة ( العدد والقيمة )


هذه المظاهرات المسيحية لمجرد شائعات أو حتى وقائع عن خطف فتيات مسيحيات أصبحت من الحكايات السخيفة التي يجب أن يقف أمامها مسئولو النظام في مصر وقفة شجاعة أمام أنفسهم وأمام الناس ، لأنها بصراحة قد زادت عن حدها ، لا سيما والشعور بتخاذل أمني في هذه المسألة تحديداً ينتاب الجميع.
وهذا التخاذل الأمني هو في واقع الأمر سُبة وعار في جبين الحكومة المصرية بصفة عامة ، ووزارة الداخلية بصفة خاصة ، لأنها تتعامل مع هذه المسألة الشائكة بمبدأ الحيطة والحذر ، وفي حساباتها عدم استفزاز أقباط المهجر ولا السياسة الأمريكية التي يحل رئيس مصر ونجله ضيوفاً عليهم هذه الأيام ، وتدفن رأسها في الرمال كالنعام ، لكنها لا تتورع عن إظهار شجاعتها ولا قوتها على المسلمين.

والسؤال الآن :

هل أصبحت الكنيسة المصرية دولة داخل الدولة ، وهل أصبح هناك سر للبابا شنودة يجعل من الصعب على أحد أي أحد أن يرفض له طلب .

لكني أقول :
رحم الله أنور السادات ، رحم الله أنور السادات ، رحم الله أنور السادات

الاثنين، 30 أغسطس 2010

إن مع العسر يسرا

هل ضاق بك صدرك ودارت بك الدنيا لهَم قد أصابك ؟
هل شعرت يوماً بالوحدة والغربة وأن لا أحد يريدك ؟
هل تشعر بخيبة أمل في أمور كثيرة كنت تتوقع فيها التفوق ففشلت؟
هل أسودت الدنيا أمام عينيك لإخفاقك في صفقات أبرمتها وأنت متأكد من نجاحها ؟
هل تأملت الواقع الذي تعيشه فرأيت الدنيا قد أدارت ظهرها لك وارتمت في أحضان الأغنى بماله والأشرف بحسبه ونسبه والأقوى بمنصبه وسلطانه ؟
هل تمنيتي زوجاً طيباً حنوناً فلم يأت حتى الظالم القاسي ؟
هل حلمت بإنجاب الولد فحرمت من البنت قبل الولد ؟
هل أنت واحد من هؤلاء ؟
إذن : لا تيأس ، لا تحزن ، لا تجزع ، لا تغتم .
{ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } .
أيها الأخوة الفضلاء وأيتها الأخوات الفاضلات ، كثيرا ما يبتلى الواحد منّا في أهله ، فيصاب لديه أعز الناس أو حتى يفقده ، كثيراً ما تجتمع علينا الهموم نتيجة قلة المال أو كثرة الديون ، كثيراً ما يتعرض الواحد منّا لأمراض شديدة وتمر عليه أوقات عصيبة ، فما هو المطلوب منّا وقتها ، وكيف نتغلب على الأزمة ونقاومها في حينها ، كيف نتعلم أن الحياة بحلوها ومرها ، خيرها وشرها قد خلقها الله عز وجل وقدرها ، ولن يغير من مقادير الله شيئاً من الحزن أو البكاء بل ربما يكونان سبباً رئيسيا في هزيمتنا النفسية التي قد تدفعنا إلى ارتكاب حماقات نظن وقتها أننا في منأى عنها أو مستحيل أن نفعلها لكننا تحت وطأة الأزمة نفعلها فمنَّا من يأس من رحمة الله ، ومنَّا من أكتئب في حياته ودنياه ، وبعضنا لا يستحي فيشتكي من الله بدلاً من أن يبث إليه همومه وشكواه .
إننا اليوم نريد أن نتعلم أنا وأنت كيف نقاوم مصائبنا ونتغلب عليها ، ليس هذا فحسب بل وكيف نكتشف السعادة في أزماتنا .
ولن يتحقق لنا هذا إلا إذا آمنا حق الإيمان بقضاء الله وقدره ، فتعالوا بنا نعرف أولا ما هو القضاء وما هو القدر حتى يسهل علينا الفهم ويتضح الموضوع ، أما القضاء لغة فهو: الحكم ، ولعلكم تلاحظون المصطلحات القانونية مثل القاضي والقضية ودار القضاء ، وهي كلمات اشتقت من القضاء وتدور معانيها حول الحكم أيضاً فالقاضي يعني الحاكم أو الحكم ، والقضية تعني موضوع الحكم ، ودار القضاء هي المحكمة التي تنظر في القضية برمتها ، أما مفهوم القضاء الشرعي أيها الأحبة : هو ما حكم به الله سبحانه من أمور خلقه وأوجده في الواقع . والقدر: هو ما قدره الله سبحانه من أمور خلقه ولكن في علمه. فالفرق إذن بين القضاء والقدر أيها الأحبة هو الفرق بين الواقع الذي حدث وبين المتوقع حدوثه ، فأنت مثلا على سبيل المثال كان مقدراً لك وأنت في رحم أمك نطفة أنه سيحدث لك أشياء زواج ، طلاق ، عمل ، فصل ، حادث ، نجاة فهذا يسمى قدر الله ولا يعلمه أحد إلا الله ، لكن ما أن يحدث فعلا ويصبح واقعاً فإنه يسمى قضاء .
ولا يحق لنا أيها الأحبة بناء على التعريف والمفهوم أن نحتج بالقضاء والقدر على معاصينا أو مصائبنا ، فأنت إذا كنت بين طريقين طريق يؤدي بك إلى السلامة وطريق يؤدي بك إلى الندامة ، وأنت تقف بينهما على سبيل الاختيار والمفاضلة ليس أمامك من يمنعك من سلوك هذا الطريق أو ذاك ، فما بالك تسلك الطريق الخطأ ثم تقول هذا قدري ، أفلا يليق بك أن تسلك طريق الصواب وتقول هذا قدرك أيضاً ، فالإنسان المدخن مثلاً إذا قلت له لا تدخن فيقول لك هذا قدري هذا نصيبي ولو أراد الله عز وجل لي أن أمتنع فسأمتنع ، نقول له يا هذا لماذا لا تمتنع الآن عن التدخين ويكون ذلك هو قدرك أيضاً ، لماذا تحتج بالقدر على خطأك ولا تحتج به في الطاعة .
لذلك قرر أهل السنة في عقيدتهم ومذهبهم أن الإنسان يفعل باختياره ما يريد ولكن إرادته واختياره تابعان لإرادة الله تبارك وتعالى ومشيئته فلن تستطيع أن تختار أو تفعل شيئا يعجز الله عز وجل فكل أفعالك في حدود المسموح بها للبشر ، قال تعالى ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا‏,‏ لا تنفذون إلا بسلطان‏ )
‏ وبعد أن تعرفنا على معنى القضاء والقدر تعالوا نتعرف أيها الأحبة على مراتبهما عند أهل السنة ، فهي أربعة مراتب :
المرتبة الأولى ‏:‏
العلم وهي أن يؤمن الإنسان إيمانا جازما بأن الله تعالى بكل شيء عليم وأنه يعلم ما في السماوات والأرض جملة وتفصيلاً سواء كان ذلك من فعله أو من فعل مخلوقاته وأنه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء ‏.‏
المرتبة الثانية ‏:‏ الكتابة وهى أن الله تبارك وتعالى كتب عنده في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء‏.‏ وقد جمع الله تعالى بين هاتين المرتبتين في قوله‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ‏}‏ ‏[‏الحج ‏:‏70‏]‏ فبدأ سبحانه بالعلم وقال إن ذلك في كتاب أي أنه مكتوب في اللوح المحفوظ كما جاء به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن أول ما خلق الله القلم قال له اكتب قال رب ماذا اكتب ‏؟‏ قال اكتب ما هو كائن فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة‏)‏ ‏(4)‏‏.‏
المرتبة الثالثة ‏:‏ المشيئة وهي أن الله تبارك وتعالى شاء لكل موجود أو معدوم في السماوات أو في الأرض فما وجد موجود إلا بمشيئة الله تعالى وما عدم معدوم إلا بمشيئة الله تعالى وهذا ظاهر في القرآن الكريم وقد أثبت الله تعالى مشيئته في فعله ومشيئته في فعل العباد فقال الله تعالى ‏:‏ ‏{‏لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏ التكوير ‏:‏ 28، 29 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏ 112 ‏]‏ ‏{‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ‏}‏ ‏[‏ البقرة ‏:‏ 253 ‏]‏ ‏.‏ فبين الله تعالى أن فعل الناس كائن بمشيئته وأما فعله تعالى فكثير قال تعالى ‏{‏وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا‏}‏ ‏[‏ الأنعام ‏:‏13‏]‏ وقوله ‏{‏وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً‏}‏ ‏[‏ هود 118‏]‏ إلى آيات كثيرة تثبت المشيئة في فعله تبارك وتعالى فلا يتم الإيمان بالقدر إلا أن نؤمن بأن مشيئة الله عامة لكل موجود أو معدوم فما من معدوم إلا وقد شاء الله تعالى عدمه وما من موجود إلا وقد شاء الله تعالى وجوده ولا يمكن أن يقع شيء في السماوات ولا في الأرض إلا بمشيئة الله تعالى ‏.‏
المرتبة الرابعة ‏:‏ الخلق أي أن نؤمن بأن الله تعالى خالق كل شيء فما من موجود في السماوات والأرض إلا الله خالقه حتى الموت يخلقه الله تبارك وتعالى يقول الله تعالى ‏:‏ ‏{‏الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً‏}‏ ‏[‏الملك ‏:‏ 2‏]‏ فكل شيء في السماوات أو في الأرض فإن الله تعالى خالقه لا خالق إلا الله تبارك وتعالى .

لكن القدر أيها الأحبة قد انقسمت فيه الأمة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام ‏:‏

قسم ‏:‏ سلب العبد قدرته واختياره وزعموا أن لا يملك شيئاً من قدرته وإراداته وإنما هو مسير لا مخير كالشجرة في مهب الريح ، ولم يفرقوا بين فعل العبد الواقع باختياره وبين فعله الواقع بغير اختياره ‏.‏ ولا شك أن هؤلاء ضالون لأنه مما يعلم بالضرورة من الدين والعقل والعادة أن هناك فرق بين فعل الإنسان الاختياري وبين فعله الإجباري‏ .‏ فالإنسان قد ينزل من السطح بالسلم نزولاً اختيارياً يعرف أنه مختار ولكنه يدفع من أعلى فيسقط هاوياً من السطح لذلك ويعرف الفرق بين الفعلين وأن الثاني إجبار والأول اختيار وكل إنسان يعرف ذلك ‏.‏ وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه‏ ) .‏ فنسب هذا الإطعام وهذا الإسقاء إلى الله عز وجل مع أن الفعل وقع من المخلوق ‏.‏
القسم الثاني ‏:‏ غلا في إثبات قدرة العبد واختياره حتى نفوا أن يكون الله تعالى مشيئة أو اختيار أو خلق فيما يفعله العبد وزعموا أن العبد مستقل بعمله حتى غلا طائفة منهم فقالوا إن الله تعالى لا يعلم بما يفعله العباد إلا بعد أن يقع منهم وهؤلاء أيضا غلوا وتطرفوا تطرفا عظيما في إثبات قدرة العبد واختياره ‏.‏
القسم الثالث ‏:‏ وهم الذين آمنوا فهداهم الله لما اختلف فيه من الحق وهم أهل السنة ، إذ سلكوا في ذلك مسلكاً وسطاً قائماً على الدليل الشرعي وعلى الدليل العقلي وقالوا إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين ‏:‏
القسم الأول ‏:‏ ما يجريه الله تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وإنبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيها اختيار وليس لأحد فيها مشيئة فالمشيئة هنا لله الواحد القهار ‏.‏
وهنا أيضاً أحب أن ألفت أنظار حضراتكم إلى الخطأ الرهيب لبعض من يذهب إلى الدجالين والعرافين بل وإلى الأضرحة والأولياء والمشاهد طمعا في الشفاء أو الزواج أو كشف الضر والهم فكل هذا ينافي التوحيد الذي نادى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
القسم الثاني‏:‏ ما تفعله الخلائق كلها فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها وإرادتهم لأن الله تعالى جعل ذلك إليهم ، قال الله تعالى ‏:‏‏ ( لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ‏ ) ‏[‏التكوير ‏:‏28‏]‏ ، وقال تعالى‏:‏ ‏( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ‏)‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 152‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ‏)‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 29‏]‏ .
وبعد أن عرفنا معنى القضاء والقدر ومراتبهما وأهمية إيماننا بهما إيماناً جازماً ، وتعلمنا كيف نؤمن بالقضاء والقدر على الوجه الصحيح ، فكيف نواجه أقدارنا وأزماتنا .
إننا تعودنا من خلال الثقافة التي ورثناها والخبرة التي اكتسبناها أن تكون ردود أفعالنا حين نقع في المصائب والكوارث مع ما تعلمناه ورأيناه على شاشات التلفزيون ، فلا يجد أي مخرج مخرجاً يعالج به هموم بطله إلا أن يدخله في أوكار المخدارت أو يجعله يراقص الراقصات ، أو يجعله يهيم في الشوارع على وجهه لا يدري من أين يأتي وإلى أين يذهب ، وهذه الثقافة أيها الأحبة ينبغي أن تتغير من سلوكياتنا وتختفي من حياتنا ولن يأتي هذا إلا إذا سألنا أنفسنا ، كيف نواجه الحزن ؟ولماذا أحزن واغتم ؟ هل سبب حزنك المرض مثلا :
• فاعلم إذن يا من ابتليت بالمرض أنه لك خير قال صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً : { من يرد الله به خيراً يصب منه }.. فلا تحزن هذا المرض عاقبته الشفاء بإذن الله تعالى قال الله جل وعلا: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين } [الشعراء:80]. بل إن شدة مرضك دلالة على إيمانك الصلب ، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يُبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاءً وإن كان في دينه رقَّة ـ يعني ضعف ـ ابتُلي على قدر دينه وما يزال البلاء ينـزل بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) .
• أيكون سبب حزنك ذنب اقترفته أو خطيئة ارتكبتها ، لا تيأس وتأمل خطاب مولاك الذي هو أرحم بك من نفسك: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً } [الزمر:53].
• أيكون سبب حزنك ظلم حلّ بك من ظالم وما أكثر الظالمين في حياتنا ، لا تيأس فقد وعدك الله بالنصر ووعد ظالمك بالخذلان والذل. قال تعالى: (وَاللّهُ لاً يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران:140]، وقال تعالى في الحديث القدسي للمظلوم: { وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين}.
• أيكون سبب حزنك الفقر والحاجة ، فاصبر وأبشر.. قال الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [البقرة:155]. و‏روى الترمذي وحسنه الألباني من حديث علي، رضي الله عنه، أن مكاتبًا جاءه ، فقال‏:‏ إني عجزت عن كتابتي‏.‏ فأعني‏.‏ قال‏:‏ ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل دينا أداه الله عنك‏؟‏ قل‏:‏ ( اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك )
• أيكون سبب حزنك حرمانك من الولد، فلست أول من يعدم الولد، ولست مسئولا عن خلقه. قال تعالى: { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً} [الشورى:50،49]. وأدعو ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة أنك سميع الدعاء ) (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ) ، واسأل نفسك وتحدث مع زوجتك ؟ هل أنت أو هي من شاء العقم؟ أم الله الذي جعلكما بمشيئته كذلك ! وهل لك أن تعترض على حكم الله ومشيئته ! أو هل لزوجتك أو أهلها أن يلومك على ذلك.. إنهن إن فعلن فهن يعترضن على الله لا عليك ويعقبون على لحكم الله لا عليك . بل لو تأملت قليلا وتدبرت القرآن لسكنت نفسك فربما كانت الحكمة من عدم إنجابك أنه بسبب صلاحك لم يرد الله عز وجل أن تعذب بعقوق ولدك أو ظلمه كما في قصة موسى والخضر لما استنكر سيدنا موسى عليه السلام قتله للغلام فقال ( أقتلت نفساً زكية ) رد عليه الخضر فقال (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا )
• أيكون سبب حزنك الفقر وضيق ذات اليد ، لا تحزن ، وقل مع القائل :
وكيـف أخاف الفقر والله رازقي *** ورازق هذا الخلق في العسر واليـســــــــر
تكفل بالأرزاق للخلق كلــــــــهم *** وللوحش في الصحراء والحوت في البحر
لكن الذي ينبغي علينا أن نفعله عند وقع البلاء ، وأول شيء حري بنا أن نفكر فيه أن هذا هو حكم الله عز وجل علي ، فينبغي أن أرضى بما كتبه الله تبارك وتعالى هذا الرضى يعني أنني لا أسخط على ما ابتلاني الله به تضمن حب الله عز وجل ورضاه ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كما روى الترمذي وحسنه الألباني : ( إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط ) ، ثم عوّد نفسك أن يكون شعارك عند وقوع البلاء أي بلاء : إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها.. اهتف بهذه الكلمات عند أول صدمة.. تنقلب في حقك البلية.. نعمة.. والمحنة منحة.. والهلكة عطاء وبركة ! فقط تأمل هذه الآية: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155-157]. فبقولك إنا لله وإنا إليه راجعون تستحق فورا صلوات الله عز وجل ورحمته ليس هذا فحسب بل يبنى لك بيتاً في الجنة عند قولك الحمد لله في المصيبة والبلاء ، فقد روى الترمذي وحسنه والألباني من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم فيقول فماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ) استرجع عند الجوع والفقر.. وعند الحاجة والفاقة.. وعند المرض والمصيبة.. وأبشر بالرحمة من الله وحده !
لا تقلق : المريض سيشفى.. والغائب سيعود.. والمحزون سيفرح.. والكرب سيرفع.. والضائقة ستزول.. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد.. { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } [الشرح:6،5].
لا تحزن .. فرزقك مقسوم.. وقدرك محسوم.. وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم.. لأنها كلها إلى زوال.. { وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [الحديد20].
فلا تحزن ولا تيأس ولا تقلق ولا تجزع ؟

{ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً }

شارة فيسبوك

post

احدث مواضيعنا

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة